بريطانيا والبريكست.. رغم التعديلات شبح الخروج دون اتفاق قائم

متظاهرين معارضين للخروج من الاتحاد الأوروبي
متظاهرون معارضون للخروج من الاتحاد الأوروبي (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-لندن

ليلة تعديلات بامتياز في مجلس العموم البريطاني، فقد صوّت المجلس مساء أمس الثلاثاء على سبعة مشاريع لتعديلات قانونية تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مرّ منها تعديلان.

التعديلان اللذان حظيا بدعم النواب يصبان في مسار واحد، وهو محاولة البرلمان قطع الطريق على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

فقد صوّت مجلس العموم لصالح تعديل يرفض خروج المملكة المتحدة دون اتفاق، وتعديل آخر يدعم قيام رئيسة الوزراء تيريزا ماي بتعديل الاتفاق الذي قدمته للبرلمان، وإجراء مفاوضات جديدة مع الاتحاد الأوروبي على ترتيبات خاصة جديدة بمسألة حدود إيرلندا الشمالية تضمن حدودا مفتوحة، وهي المعضلة الأبرز التي من شأنها تفخيخ أي اتفاق.

خياران بالأفق
في المقابل، رفض البرلمان تعديلا تقدم به زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن طالب فيه بإعطاء البرلمان الحق في التصويت لصالح خيارات أخرى بخصوص بريكست، من بينها الاستفتاء الثاني.

كما أخفقت النائبة إيفيت كوبر في تمرير تعديلها الذي يطالب بتمديد فترة البقاء في الاتحاد الأوروبي، مما يزيد من تعقيد المشهد في بريطانيا ويدفع باتجاه احتمالين لا ثالث لهما: إما الوصول لاتفاق مرض، وإما الخروج دون اتفاق إذا أخفقت الحكومة والمعارضة في التوافق على خطة مقبولة للخروج.

ولعل الانفراجة الوحيدة التي تمخضت عن ليلة التعديلات تلك، هي موافقة زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن على لقاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي بعد رفضه سابقا دعوات متكررة وجهتها له، وربما يمهد هذا الطريق للتوافق على خطة للخروج من الاتحاد رغم أن الوقت المتبقي والانقسام الحاد يقللان من فرص ذلك.

مهمة مستحيلة
وتبدو مهمة تيريزا ماي في تمرير خطتها صعبة وربما مستحيلة  بحسب مراقبين، بالنظر لرفض الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض مع لندن، واستمرار رفض عدد من نواب حزبها للتعديلات، وتمسكهم بخيار "الهارد بريكست" أي الخروج دون اتفاق.

وستحاول تيريزا ماي إقناع الأوروبيين بترتيبات بديلة عن الحدود وإبقاء حدود بريطانيا مفتوحة مع جمهورية إيرلندا، في محاولة أخيرة لضمان تمرير اتفاقها في مجلس العموم.

ولا يرى الصحافي البريطاني رافييل بير أي انتصار في الدعم المحدود الذي حظيت به تيريزا ماي بالأمس، بالنظر إلى الرفض الأوروبي لفكرة إعادة التفاوض وصعوبة الوصول لاتفاق بخصوص حدود إيرلندا، ويرى أن "الاستمرار في هذا المسار العبثي سببه الرغبة في القاء اللوم على الآخرين عند حدوث الفشل، وتحميل الفوضى والاتحاد الأوروبي المسؤولية" بحسب رأيه.

‪كامل حواش: فرص تعديل الاتفاق ضعيفة‬ (الجزيرة نت)
‪كامل حواش: فرص تعديل الاتفاق ضعيفة‬ (الجزيرة نت)

سيناريوهات متوقعة
وحول الخيارات المتاحة في الساحة البريطانية، يعبر البروفيسور كامل حواش الباحث المختص في الشؤون البريطانية عن اعتقاده بأن ماي ستعود إلى الاتحاد الأوروبي لتحاول الحصول على تعديلات قانونية على شبكة الأمان التي تتعلق بالحدود الإيرلندية بدل التطمينات.

ولكن الاتحاد استبق ذلك برفض إعادة فتح الملف للتفاوض على لسان المتحدث باسمه دونالد توسك، فضلا عن أن إعادة فتح الاتفاق للتفاوض تتطلب موافقة 27 دولة، وهو الأمر بالغ الصعوبة برأي الخبير.

وعبّر حواش في حديثه للجزيرة نت عن اعتقاده بأن فرص تعديل الاتفاق ضعيفة، بالذات في ظل عدم وضوح البديل أو البدائل التي ستقدمها ماي بعد سنتين من التفاوض، مشيرا إلى أن ما يعول عليه البعض هو أن الاتحاد الأوروبي لديه سجل سابق بالتنازل عند الاقتراب من انتهاء فترة المفاوضات، لكنه أمر غير مرجّح بتقديره.

وفي ظل فشل النائبة إيفيت كوبر في تمرير تعديلها الذي يطالب بتأجيل الخروج من الاتحاد الأوروبي تسعة أشهر، يبدو أن الخيارات في طريقها للتقلص لصالح الخروج باتفاق أو دون اتفاق، وهو الأمر الذي تكرره رئيسة الوزراء منذ وقت مبكر، وتعيد تذكير البرلمان به في كل خطاباتها.

ومن المنتظر أن تسافر رئيسة الوزراء البريطانية إلى بروكسل لإجراء مزيد من المفاوضات، فيما أعلنت أنها ستعرض تعديلاتها الجديدة على البرلمان للتصويت يوم 13 فبراير/شباط.

ولم يتبق أمام المملكة المتحدة سوى شهرين قبيل موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي المقرر يوم 29 مارس/آذار القادم.

المصدر : الجزيرة

إعلان