الصمت تجاه معاناة الإيغور قد ينقلب على الصين
لو قرر العالم الإسلامي الوقوف في وجه القمع الصيني للإيغور، الذي يعد أسوأ عدوان غاشم على الإسلام في العصر الحديث، لكانت لذلك عواقب وخيمة على بكين.
هذا ما يراه الباحث البارز في كلية "أس راجاراتنام" للدراسات الدولية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، والمدير المشارك لمعهد جامعة ورزبيرغ لثقافة فان، جيمس أم دورسي.
وينقل الكاتب في بداية مقال له بموقع أوريان 21 وصف تقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش لما يتعرض له هؤلاء المسلمون، وغالبيتهم من قومية الإيغور ذات الأصول التركية، قائلا إن الصين تخضعهم لطرق تحقيق ومراقبة لا مثيل لها في القرن الحادي والعشرين، محاولة "إعادة تثقيفهم" وجعلهم يتبنون تفسيرا للإسلام يتماشى مع مبادئ الحزب الشيوعي الصيني بدلا من النصوص الإسلامية المقدسة.
وتريد بكين من وراء ذلك الوقوف في وجه أي تطلعات قومية أو عرقية أو دينية لهؤلاء المسلمين البالغ عددهم حوالي عشرة ملايين.
وتخشى الصين من أن تؤدي مشاعر هذه الأقليات القومية أو الدينية أو تشدد بعض أفرادها إلى تقويض قوة الدولة الصينية في شينغيانغ التي تضم 15% من احتياطاتها المؤكدة من النفط، و22% من احتياطاتها من الغاز، و115 من أصل 147 من المواد الأولية الخام في البلاد، ناهيك عن جزء من ترسانة هذا البلد النووية.
وتثير 26 دولة ذات أغلبية مسلمة بالذات قلق الصين، بينها جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان، والعديد من هذه الدول تقع على حدود شينغيانغ نفسها، كما تضم دولا إسلامية كبيرة في جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وإندونيسيا، هذا فضلا عن دول إسلامية محورية مثل السعودية وإيران وتركيا التي لديها روابط تاريخية وعرقية ولغوية مع الإيغور، إذ ترى بكين أن هذه الدول تتعاطف مع تطلعات الإيغوريين.
وتستهدف حملة القمع الصينية، وفقا لخطة وضعتها سلطات مدينة بالونتاي في الجزء الشمالي الأوسط من البلاد، المسلمين من أصل تركي الذين يظلون على اتصال بأسرهم وأصدقائهم في الخارج، ومن مكثوا "لفترة طويلة" في الخارج، وأولئك الذين أدوا الحج بشكل مستقل ومن دون إذن رسمي.
ويعد صمت الدول الإسلامية على هذا القمع سيفا ذا حدين على الصين، فمعظم الحكومات الإسلامية أسيرة دين هائل لبكين وتتوق للحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة معها، مما يشجعها على تجاهل انتقاد الدول الغربية ومنظمات حقوق الإنسان وشتات الإيغوريين في العالم لحملتها القمعية على هذا الشعب.
سلاح ذو حدين
غير أن بإمكان الدول الإسلامية الاستفادة من هذا الصمت، فها هي ماليزيا تعلق مشاريع تدعمها الصين بقيمة 22 مليار دولار، كما أعلنت باكستان نيتها إعادة التفاوض بشأن اتفاقات الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يعد جوهرة طريق الحرير الجديد، ويبلغ تمويله 50 مليار دولار، أي أكبر استثمار صيني في أي بلد في العالم.
ويكمن الخطر على الصين في ردات الفعل العنيفة المحتملة في هذه الدول الإسلامية ضد حملتها القمعية في شينغيانغ التي سترغم هذه الدول على الخروج عن صمتها.
صحيح أن بعض الدول الإسلامية مثل مصر وأفغانستان والإمارات العربية المتحدة وماليزيا سلمت عناصر من الإيغور إلى الصين بغية التزلف لها.
كما تزداد المخاطر التي تتعرض لها الصين من خلال إجراءات متداخلة، مثل الدعوى القضائية الأخيرة في كزاخستان التي أجبرت حكومة أستانا على محاولة تحقيق توازن صعب، إذ حاولت ألا تغضب الصين، لكن كان عليها أن تظهر لشعبها أنها تدافع عن حقوق مواطنيها بعد أن تعرضت الأقلية الكزاخية في الصين لتلك الإجراءات القمعية.
كما تكثفت المشاعر المعادية للصين في مقاطعة جيلجيت-بالتستان الحدودية الباكستانية في وقت سابق من هذا العام بعد احتجاز حوالي 50 من الإيغوريات المتزوجات من باكستانيين أثناء زيارتهن لشينغيانغ، ورفض الصين تجديد التأشيرات لأزواجهن الباكستانيين المقيمين في شينغيانغ.
وفي آخر مقاله، استنتج الكاتب من الأحداث التي وقعت حتى الآن أن الدول الإسلامية والصين كسبتا الرهان حتى الآن، لكن ذلك قد يكون مكلفا إذا انقلب الحال وساءت الأمور.