الإمارات تصدر سعادتها إلى أم الدنيا

Fourteen-year-old Ahmed Ayman, who lives in a small village in the North of Egypt's Nile Delta and trains his donkey to jump obstacles, walks with the donkey near his house in Mansoura, Egypt, Feburary 16, 2016. Ahmed and his family say they dream one day he will eventually work professionally with horses. Picture taken February 16, 2016. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
في ريف مصر يجد الفقراء سعادتهم في الدفء الاجتماعي (رويترز)

تحت عنوان "هل تصدر الإمارات السعادة إلى مصر؟" كتب موقع "ميدل إيست آي" يناقش أسباب المرتبة المتدنية لمصر في مؤشر السعادة لهذا العام 2018، الذي أصدرته "شبكة حلول التنمية المستدامة" التابعة للأمم المتحدة على المستوى العربي.

بينما حافظت الإمارات على تصدرها لقائمة الدول الأكثر سعادة على مستوى العالم العربي، وجاءت في المركز العشرين عالميا، تلتها كل من قطر والسعودية والبحرين والكويت.

أما مصرفاحتلت  المرتبة الـ122 في المؤشر، وجاءت اليمن في المرتبة قبل الأخيرة عربيا، محرزة المركز 152 بينما حلت سوريا قبلها بدرجتين محرزة المركز 150 على القائمة التي تضم 156 بلدا.

 

‪معدل الفقر يتزايد مسجلا أرقاما مقلقة‬ ( إيميجز)
‪معدل الفقر يتزايد مسجلا أرقاما مقلقة‬ ( إيميجز)

مقارنة
وفي تقرير مطول عن الموضوع أجرى موقع "ميدل إيست آي" مقارنة بين مصر والإمارت قائلا "في دولة يشوبها عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، تحرص الإمارات العربية المتحدة على الترويج لنفسها كواحدة من أسعد البلدان في العالم".

ومع وزارة الدولة للسعادة التي تأسست مؤخرا، صنفت الإمارت كأسعد بلد في العالم العربي، ومن ثم أطلقت الإمارات مبادرة لتصدير السعادة إلى عدد من الدول العربية المجاورة الأقل حظا، بدءا بمصر أحد أقوى حلفائها السياسيين كما تشمل المبادرة أيضا لبنان والأردن.

وقال بيان صادر عن مؤسسة تهاني الطاير، إن هذه المبادرة التي أطلق عليها "السعادة من الألف إلى الياء" تهدف إلى "غرس ثقافة الإيجابية والتسامح والسعادة في سلوك الأفراد من أجل تحويل السعادة إلى سلوك وعادة".

وحسب موقع ميدل إيست فإن مشروع المبادرة لا يرتبط مباشرة بـ"وزارة السعادة" في دولة الإمارات  وهو جهد "فردي" إلا أنه يتابع خطط الدولة.

وفي مقابلة مع الموقع أوضحت الطاير أن المبادرة في مصر ستشمل عدة مراحل وستستهدف طلاب المدارس والجامعات والموظفين. وسيتم تنظيم عدد من ورش العمل والمحاضرات والندوات والدورات التدريبية وجلسات العصف الذهني المقررة في شهر يوليو/تموز .

الاعتقالات والاختفاء القسري يسجلان أرقاما قياسية في عهد السيسي 
الاعتقالات والاختفاء القسري يسجلان أرقاما قياسية في عهد السيسي 

مصر غير سعيدة
إلا أن المواطنة المصرية مي محمد (28 عاما) تشك في المبادرة، وتقول مي إنها تعمل في وظيفتين؛ إحداهما خدمة العملاء والأخرى متخصصة في وسائل الإعلام الاجتماعية لتوفر متطلبات الحياة. وتقول مي إنها تعمل هي وزوجها من أجل توفير نفقات المعيشة الأساسية، وسداد الديون المتراكمة من مصاريف زواجها مؤخرا، وتشمل دفع أقساط الأثاث والأجهزة المنزلية، وكذلك الإيجار الشهري. وبسبب جدول العمل المزدحم ترى زوجها فقط في عطلة نهاية الأسبوع.

وتقول مي "نفعل كل هذا بالكاد لتلبية احتياجاتنا، لا لنعيش حياة فخمة، فالسعادة ليست شيئا ماديا يصدر، أنت بحاجة لمستوى معيشي جيد لتكون سعيدا، وكثير من المصريين يعيشون تحت خط الفقر".

وفقا لإحصاءات جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري الحكومي عام 2015، يعيش حوالي 28% من المصريين تحت خط الفقر بدخل سنوي يقل عن 6000 جنيه مصري (340.00 دولارا).

وبانتظار إعلان إحصاءات عام 2017/2018 في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، يتوقع الخبراء أن يتجاوز معدل الفقر 35٪ بسبب إجراءات التقشف الأخيرة.

ووصلت مصر إلى تلك الحالة بعد الاستسلام لخطة تقشف صارمة فرضت في أعقاب قرض صندوق النقد الدولي 12 مليار دولار لمصر في عام 2016 ، تبنى بموجبها الرئيس عبد الفتاح السيسي سلسلة من الإجراءات الاقتصادية القاسية التي أدت إلى أسوأ ظروف اقتصادية في البلاد منذ عقود.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 طرحت مصر عملتها، وقللت قيمتها بنسبة 50% مقابل الدولار. فرفع هذا التضخم إلى أعلى مستوى على الإطلاق.

مازال المصريون يعانون في أعقاب تخفيض قيمة العملة وسحب العديد من الإعانات. ولا تزال البلاد تخطط لمزيد من خفض دعم المواد الغذائية والوقود والكهرباء في السنة المالية التي تبدأ في يوليو/تموز المقبل.

قمع
ويمضي تقرير الموقع قائلا إنه على مدى السنوات السبع الماضية تورط البلد في حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي ازداد في عام 2013 بعد أن أطاح الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي، ومنذ ذلك الحين تعرض السيسي لانتقادات واسعة بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان.

ويضيف تقرير الموقع أن مصر "تشتهر  بقمعها لحرية التعبير والمجتمع المدني، كما أن لها سجلا حافلا بسجن المعارضين والاختفاء القسري والتعذيب. كما صنفت مصر في المرتبة الثالثة كأسوأ سجان للصحفيين من قبل لجنة حماية الصحفيين".

المؤبد اكتئابا
ترى طالبة الدراسات العليا مها عمر أن السعادة "ظاهرة حديثة ورأسمالية، وليست ظاهرة إنسانية حقيقية، ففور تلبية حاجة معينة تريد المزيد. وهناك الرضا، وهو القدرة على قبول الحياة والتغلب على صعوباتها".

وتضيف "إذا كنت تعتبر السعادة شيئا ماديا، فعندئذ يمكن تصديرها ببساطة عن طريق ربطها بمنتجات معينة أو نمط حياة معين. لكنك لا تستطيع تحقيق رضا حقيقي وراحة البال بهذه الطريقة".

وغير بعيد عن الرأي السابق يرى الطبيب النفسي عبد الله عادل أن اتباع المعايير التي وضعها تقرير السعادة العالمية سيجعل المصريين "محكومين بالاكتئاب إلى الأبد".

ويضيف "أظهرت أسعد البلدان قيما عالية للمتغيرات الستة الرئيسية التي عثر عليها لدعم الرفاهية في تقرير السعادة العالمية؛ وهي الدخل، ومتوسط العمر الصحي، والدعم الاجتماعي، والحرية، والثقة، والكرم".

ويضيف موضحا أن "التفكير في الدخل ومتوسط العمر والحريات لن ينفع، نحن بعيدون عن تحقيق السعادة بهذه الطريقة".

وعن مبادرة استيراد السعادة من الإمارات يخلص إلى القول "إن الشعور بالسعادة داخلي، ويسعى الناس عادة للسعادة من العالم الخارجي كحل مؤقت، لذا فإن مثل هذه المبادرة ستكون بمثابة مسكن للألم بشكل عام ولن تعالج المشاكل في الداخل".

المصدر: الصحافة البريطانية

إعلان