وما يضير الحيوانات إن تعاطفنا مع البشر؟

متنزه فيرونغا يضم أكبر عدد من الأنواع النادرة من الغوريلا - رويترز
الغوريلا الفضية الظهر من الأنواع النادرة المعرضة للانقراض (رويترز)

استعرض مراسل صحيفة نيويورك تايمز نيكولاس كريستوف جانبا من رحلاته في غابة زانغا سانغا المطيرة في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث تعيش فصيلة نادرة من الغوريلات ذات الظهر الفضي واستمتاعه بها. ومع ذلك كان كلما شعر بتعاطف مع روعة هذه الحياة البرية انتابه أحيانا شعور بعدم الارتياح ليتساءل: هل يأتي تكريم حقوق الحيوان على حساب حقوق الإنسان؟

وأشار إلى أن دراسة أفادت أن ردود الفعل تبدي انزعاجا عند سماع قصة ضرب كلب بمضرب بيسبول منها حين تكون القصة عن ضرب شخص بالغ بهذه الطريقة. ووجد باحثون آخرون أنه إذا اضطر الناس للاختيار فإن 40% منهم سيختارون إنقاذ كلبهم المدلل على إنقاذ سائح أجنبي.

واستشهد بحادثة قتل الأسد سيسيل في زيمبابوي التي اجتذبت غضبا أكبر بكثير من قتل الطفل تامر رايس البالغ من العمر 12 عاما على يد ضابط شرطة في مدينة كليفلاند الأميركية، وحينها غردت الكاتبة روكسان غاي قائلة "أنا شخصيا سأبدأ في ارتداء زي الأسد عندما أغادر بيتي، حتى إذا تعرضت لإطلاق النار وجدت اهتماما من الناس".

ويحكى كريستوف أنه زار قبل سنوات معسكرا بغابة زانغا سانغا حيث تطوع العشرات من الشباب الأميركيين والأوروبيين في ظروف صعبة لمساعدة الغوريلات في هذه المنطقة كجزء من برنامج لحمايتها. وشاهد مظاهر إيثار مدهشة، لكنه رأي أن هؤلاء المثاليين كانوا غافلين عن القرويين الأقزام الذين يعيشون على مرمى حجر من المكان ويموتون من الملاريا بسبب الحاجة إلى ناموسيات تكلفة الواحدة لا تزيد على 5 دولارات.

‪قبيلة من الأقزام في الكونغو‬ قبيلة من الأقزام في الكونغو (رويترز)
‪قبيلة من الأقزام في الكونغو‬ قبيلة من الأقزام في الكونغو (رويترز)

وتساءل: هل نخون جنسنا البشري حين نكتب شيكات لمساعدة الغوريلات (أو الجراء أو الخيول البرية؟ وهل من الخطأ أن نقاتل من أجل الفيلة أو وحيد القرن (أو الحيوانات الداجنة) بينما ما زال خمسة ملايين طفل قبل سن الخامسة يموتون كل عام؟

واعتبر الكاتب هذه التساؤلات شرعية، لكنه خلص إلى أن الحفاظ على هذه الحيوانات البرية أو الحديث عن تعذيب الحيوانات الداجنة أمر جيد للبشر أيضا. لكن من الخطأ أن نتعاطف مع الحيوانات في مقابل التقليل من التعاطف مع البشر. كما أن التعاطف مع الأجناس الأخرى يمكن أيضا أن يغذي التعاطف مع بني البشر. فالتعاطف ليس لعبة خاسر ورابح.

واستشهد بمواقف منظمات الحفاظ على البيئة في الخارج، وقال إنها أبلت بلاء حسنا في جذب السكان المحليين للمشاركة في حماية الحيوانات، وضرب  مثلا الصندوق العالمي للحياة البرية، حين يساعد في إدارة محمية زانغا سانغا، ويدعم عيادة صحية فيها، ولديه مبادرة تعليمية هناك، وملاذ يعمل فيه 240 شخصا محليا بين حراس ومتتبعي أثر يحددون أماكن الغوريلات ويجعلونها تعتاد وجود الناس.

وختم بأن أحد أهم الموارد في بعض الدول الفقيرة الحياة البرية، لأنه عندما تختفي هذه الحيوانات، خاصة التي على وشك الانقراض، تتضاءل معها كذلك الآفاق الاقتصادية للبشر. لذا فإن التعاطف مع الأفيال أو وحيد القرن أو الغوريلا ليس نزعة عاطفية بلا فائدة، بل إدراك عملي للمصالح المشتركة بين كائن يمشي على رجلين يتشفع بدواب تمشي على أربع.

المصدر : نيويورك تايمز

إعلان