الإمارات.. التمويل والملجأ السري لزعيم طالبان السابق

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تحقيقا مطولا، ذكرت فيه أن زعيم حركة طالبان السابق الملا أختر منصور- الذي اغتيل في أيّار/ مايو عام 2016 بصاروخ من طائرة أميركية مسيّرة، كان قبل اغتياله بشهر يتجول في دبي، في رحلة لجمع المال لحركته.

وأضافت الصحيفة أن زعيم الحركة قام خلال السنوات التي سبقت اغتياله بنحو ثماني عشرة زيارة إلى إمارة دبي، في الإمارات، للهدف ذاته.

 فلماذا كان زعيم حركة طالبان السابق يزور الإمارات بشكل سري؟ وكيف كان يتخفى؟ وماذا كان يعني هذا بالنسبة لها ولأميركا؟ وهل كانت الإمارات تموّل جهات تقتل الجنود الأميركيين؟ وهل فوتت واشنطن فرصة معينة بهذا السياق؟

في هذا الإطار، تكشف واشنطن بوست أنه كان يمكن القبض على زعيم حركة طالبان السابق الملا أختر محمد منصور في الإمارات التي كان يزورها سرا باستخدام جواز باكستاني يحمل اسما مزورا.

وتضيف في مقال تحليلي كتبه كل من غريغ جافي وميسي ريان أن مسؤولين كبارا في البيت الأبيض علموا في ربيع 2016 أن زعيم طالبان موجود في دبي لبضعة أيام بهدف التسوّق وجمع التبرعات.

وتقول إن ظهور منصور وهو يتجول بحرية في دبي شكّل فرصة لإلقاء الولايات المتحدة القبض على خصم كبير، لكن هذه الفرصة كانت معقدة بسبب مخاطر سياسية ودبلوماسية.

مفاوضات سرية
وتضيف أن رحلة منصور غير المعلنة لدبي جاءت بعد وقت قصير من اشتراك مسؤولين من حركة طالبان في مفاوضات سرية مع حكومتي الولايات المتحدة وأفغانستان، وهي المحادثات الثلاثية الوحيدة في تاريخ أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة في هذا السياق، الأمر الذي جعل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تفكر مليا في كيفية المضي قدما للقبض على منصور في الإمارات.

وتقول الصحيفة إن سلسلة من الحسابات الخاطئة -وخيانة محتملة- سمحت لمنصور بمغادرة الإمارات دون مضايقة، حيث اتجه إلى إيران ثم إلى باكستان.

لكن طائرة أميركية من دون طيار استهدفته بصارخ من طراز هيلفاير، مما أسفر عن مقتله.

ولا شك في أن عميلة قتل هذا القائد المعروف بدعوته إلى المفاوضات تطرح تساؤلات ظلت منذ بداية الحرب دون جواب وما زالت تسبب انقساما حتى بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكبار مستشاريه للسياسة الخارجية.

تساؤلات ومناقشات
وتقول الصحيفة "متى يشكل قائد كبير في طالبان هدفا؟ ومتى يعتبر مفاوضا محتملا؟ وكيف يمكن لهذه الحرب -وهي في عامها الـ17- أن تنتهي؟".

تطرح الصحيفة هذه الأسئلة وتتحدث بإسهاب عن تفاصيل وتعقيدات الحرب في أفغانستان.

وتشير إلى أن مسؤولي طالبان سبق أن كشفوا يوم 29 يوليو/تموز الماضي عن وفاة زعيم الحركة محمد عمر في مستشفى بكراتشي في باكستان، حيث تم تعيين منصور خلفا له.

وعودة إلى منصور، تقول الصحيفة إن مناقشات أولية دارت في البيت الأبيض بشأن كيفية الطلب من الحكومة في الإمارات القبض عليه دون إعلام مسؤولي دبي المحليين الذين قد يسمحون له بالفرار.

وكانت تلك المحادثات لا تزال جارية عندما ظهرت معلومات استخبارية جديدة تفيد بأن منصور غادر دبي قبل الوقت المتوقع.

السفير الإماراتي
وتضيف الصحيفة أن سوزان رايس مستشارة الأمن القومي لأوباما اتصلت بالسفير الإماراتي بواشنطن، الذي بدوره وعد بالتشويش على القوات الأمنية في بلاده.

ونسبت الصحيفة لمسؤولين أميركيين حاليين وسابقين القول إنه بعد بضع دقائق تلقت رايس معلومة مفادها أن منصور كان بالفعل على متن طائرة كانت تقلع للتو متجهة إلى إيران.

وتضيف أن رايس طلبت وقف الطائرة وإرجاعها، لكن الإماراتيين قالو إن الوقت قد فات.

وبينما ينحي بعض المسؤولين الأميركيين باللائمة على البيت الأبيض في عهد أوباما بأنه أطال النقاش في هذا السياق، يجادل آخرون بأن الإماراتيين قاموا بحبك القصة لفرار منصور.

تمويل إمارتي
ونسبت الصحيفة للمسؤول السابق في وكالة المخابرات الأميركية (سي آي أي) بروس ريدل -الذي أشرف على سياسة إدارة أوباما في أفغانستان- قوله إن أسوأ أمر كان يمكن أن يحدث آنذاك بالنسبة للإماراتيين هو أن يتم إلقاء القبض على منصور على أراضيهم، والكشف علنا أنهم كانوا يموّلون الأشخاص الذين يقتلون الجنود الأميركيين.

وتضيف أن منصور غادر دبي إلى طهران، وأن الاستخبارات الأميركية رصدت مكانه بعد ذلك بينما كان يدخل الحدود الباكستانية حيث اغتالته يوم 21 مايو/أيار 2016 بالصاروخ الذي أسفر أيضا عن مقتل سائق السيارة التي كانت تقله.

ورفض مسؤولون في الإمارات -الذين حاربت قواتهم إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان- التعليق على وجود منصور في بلادهم أو على الجهود للقبض عليه.

وقد عُثر على جواز السفر الذي كان يستخدمه منصور وعليه تأشيرات لثلاث عشرة رحلة قام بها إلى الإمارات خلال السنوات التي سبقت عام اغتياله.

المصدر : واشنطن بوست

إعلان