السم القاتل.. سجل روسيا باغتيال المنشقين

قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية: يبدو أن أجهزة الاستخبارات الروسية تنشط بشكل متزايد في استهداف السياسيين والجواسيس المنشقين بالقتل بالمواد السامة، وإن محاولة اغتيال الجاسوس الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال بلندن كانت آخر حلقة في مسلسل الاغتيالات.
وأوضحت أن استخدام أحد العوامل العصبية عالي السمية لا يمكن أن يتم إلا من قبل أجهزة أمن الدول، وأن روسيا ليست وحدها التي تستخدمه ضد أعدائها؛ ففي العام الماضي اغتال عملاء كوريا الشمالية الأخ غير الشقيق للرئيس الكوري الشمالي كيم أونغ-أون بعنصر "في أكس"، وفي 1997 حاول الإسرائيليون اغتيال المسؤول السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمان بجرعة قاتلة من الفينتالين.
ومع ذلك، فإن قائمة الرجال والنساء الذين استهدفتهم الاستخبارات الروسية تضم عددا أكبر من أي دولة أخرى.
أشهر المغتالين
وكان أشهر الذين اُغتيلوا بالسم هو الجاسوس الروسي المنشق أليكساندر ليتفينينكو ببريطانيا عام 2006، عندما دُس له البولونيوم-210 عالي الإشعاع في الشاي.
هرب ليتفينينكو من روسيا عام 2000، بعد أن أصبح أحد أبرز منتقدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأجهزة الاستخبارات الروسية، وألف كتابا يتهم الاستخبارات الروسية بالتآمر في تفجير الشقق الذي حمّل بوتين مسؤوليته للمعارضين الشيشانيين.
ونجا المنشق السياسي فلاديمير كارا-مرزا من محاولتي اغتيال: الأولى عندما سقط مريضا فجأة عام 2015 خلال اجتماع وأُصيب بتسارع في نبضه وتعرق وقيء وفقدان للوعي، وأبلغه الأطباء بأنه سُمم. وفي 2017 حدث الشيء نفسه وبالطريقة نفسها، وأبلغه الأطباء بأنه لن ينجو إذا حدثت محاولة ثالثة.
جد السموم الروسية
وفي سبتمبر/أيلول 1978 كان السياسي البلغاري المنشق جورجي ماركوف ينتظر الحافلة بالقرب من جسر ووترلو بلندن عندما وخزه رجل بمظلة شمسية في رجله وسقط لتوه مريضا وأُدخل المستشفى. ورأس هذه المظلة كان يحمل حبيبات محشوة بسم الريسين، الذي يوصف بأنه "جد السموم الروسية".
في ذروة الانتخابات الرئاسية بأوكرانيا عام 2004، شعر المرشح الأبرز فيكتور ياشينكو الموالي للغرب فجأة بأنه مريض واختفى من المنافسة الانتخابية، وعندما ظهر من جديد كان وجهه مشوها نتيجة لما وصفه أطباؤه بأنها جرعة شبه قاتلة من مادة الديوكسين |
وكان ماركوف انشق في 1968 وبدأ يعمل في إذاعة غربية، وكان في طريقه إلى مكتبه بمقر هيئة الإذاعة البريطانية عندما قتله عميل يُعتقد بأنه يعمل لصالح المخابرات السرية البلغارية بمساعدة من الاستخبارات الروسية آنذاك.
وفي 2002، فتح المقاتل العربي بالشيشان سمير صالح عبد الله الملقب "بخطاب" رسالة تحتوي على جرعة قاتلة من غاز السارين أو أحد مشتقاته يُرجح أنها وضعت بواسطة عملاء الكرملين، لأن الاستخبارات الروسية أعلنت عقب وقت قصير من اغتياله أن "خطاب" قُتل في عملية خاصة.
أبرز المرشحين للرئاسة
وفي ذروة الانتخابات الرئاسية بأوكرانيا عام 2004، شعر المرشح الأبرز فيكتور ياشينكو الموالي للغرب فجأة بأنه مريض واختفى من المنافسة الانتخابية، وعندما ظهر من جديد كان وجهه مشوها نتيجة لما وصفه أطباؤه بأنها جرعة شبه قاتلة من مادة الديوكسين. وكانت أصابع الاتهام -ولا تزال- تشير إلى الاستخبارات الروسية والأوكرانية.
وفي لندن نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بدأ رجل الأعمال الروسي أليكساندر بيريبيليشني يركض -كالعادة- بفناء مسكنه المترف طلبا للرياضة، وبعد أن ركض لأقل من مئة متر سقط ميتا.
زهرة الياسمين الأصفر
وكان بيريبيليشني سلم محققين سويسريين في قضية تزوير كبيرة في صندوق استثمار متورطة بها السلطات الروسية دليلا يثبت التهم على بعض المتهمين، وبينما ظلت ملابسات القتل غير واضحة، فإن محققين عثروا على بقايا من زهرة الياسمين الأصفر السامة النادرة "جلسيميوم" في معدة بيريبيليشني.
وكان من المقرر أن تعود المحامية الروسية المدافعة عن حقوق الإنسان كارينا موسكالينكو في 2008 من ستراسبورغ لحضور تجربة لاختبار اغتيال أحد عملائها الشهيرين، وهي الصحفية آنا بوليتكوفسكايا. وتأجل سفر المحامية إلى موسكو بعد أن شعرت بصداع حاد ودوار غريب، وعثرت المحامية وزوجها سريعا بعد ذلك على حبيبات من سائل معدني "يُرجح أنه زئبق" أسفل أحد مقاعد السيارة.
وكانت الصحفية آنا بوليتكوفسكايا وقبل أن تُغتال داخل مصعد شقتها في 2006، مستهدفة بالاغتيال بالسم.