أكاديمية رياضية تحتضن مئات الأطفال بالقدس

صورة تضم عددا من الأطفال المنتسبين للأكاديمية(الجزيرة نت)
الأكاديمية المقدسية أسهمت في تعزيز وجود أطفال المدينة في الميادين الرياضية المحلية والخارجية (الجزيرة)
أسيل جندي-القدس

تحول حلم الطفل المقدسي أحمد عياش (11 عاما) إلى حقيقة بعد انضمامه لصفوف الأكاديمية الفلسطينية للموهوبين رياضيا في  القدس، ومنافسته ضمن فريق الأكاديمية في مباريات محلية وخارجية كان آخرها العام المنصرم في هنغاريا.

التحق أحمد بالأكاديمية مع بلوغه سن السابعة، وواظب على المشاركة في كل التدريبات، واضعا نصب عينيه هدف الوصول للعالمية وتمثيل القدس في كل المباريات، حيث يقول "أعتبرُ اللاعب ليونيل ميسي قدوة لي وأتمنى أن أصل للاحترافية التي يمارس بها لعبة كرة القدم، وحينها سأشارك في المنافسات باسم القدس أينما حللت لأرفع شأنها عاليا بين عواصم العالم".

أما الفتى مهند بلبيسي (15 عاما) فيؤكد أن مدربي الأكاديمية صقلوا موهبته بما يتناسب مع مهاراته في كرة القدم، فوضعوه مدافعا بفريقه، ويحلم أن يصبح يوما لاعبا في المنتخب الفلسطيني، ويقول إنه يشجع البرازيل في كأس العالم، ويتمنى أن يلعب على أرضها يوما ما كلاعب مقدسي محترف.

طريق الاحتراف
الطفلة رند قدسي (عشرة أعوام) بدأت ممارسة رياضة كرة القدم كهواية عند بلوغها سن السابعة، وتتبعت حينها المهارات التي يقوم بها شقيقها الأكبر، مما شجع والدها على تسجيلها بالأكاديمية الفلسطينية للموهوبين رياضيا، حيث تم فرزها لإحدى فرق الإناث وستتوج تدريباتها المكثفة بمشاركتها في منافسات مع فرق مختلفة بالأردن في يوليو/تموز القادم.

أحمد عياش يتمنى أن يصل للاحترافية ويشارك في منافسات دولية باسم القدس (الجزيرة)
أحمد عياش يتمنى أن يصل للاحترافية ويشارك في منافسات دولية باسم القدس (الجزيرة)

هؤلاء الأطفال يضافون إلى أكثر من أربعمئة طفل تحتضنهم الأكاديمية التي تأسست عام 2010 في القدس المحتلة، ومر عليها حتى الآن نحو ألفي طفل مقدسي من ذكور وإناث لديهم شغف بهذه الرياضة.

وحسب مدير الأكاديمية الفلسطينية للموهوبين رياضيا في القدس فراس أبو ميالة، فإن غياب دور الأندية الفلسطينية في الاهتمام بالأطفال من جيل 6 إلى 16 عاما، دفع مجموعة من الشباب المقدسي لتأسيس أكاديمية خاصة بهذه الفئة العمرية، لتكون بيتا دافئا يمنحهم متسعا من الوقت لممارسة مهاراتهم وصقل مواهبهم والانخراط في الأنشطة الرياضية والتعليمية والتدريبية.

ويعتبرُ أبو ميالة أن الرياضة جزء لا يتجزأ من النمو والتطور؛ لذا تعمل الأكاديمية على توفير برامج تتضمن فعاليات تسهم في تطوير قدرات ومهارات الأطفال غير الرياضية، لإيمانها بأن اللاعب الناجح هو من يتحلى بشخصية قادرة على الانخراط بالمجتمع المحيط والمساهمة في تطويره بجميع المجالات.

أبو ميالة: تعمل الأكاديمية على توفير برامج تتضمن فعاليات تسهم في تطوير قدرات ومهارات الأطفال غير الرياضية (الجزيرة)
أبو ميالة: تعمل الأكاديمية على توفير برامج تتضمن فعاليات تسهم في تطوير قدرات ومهارات الأطفال غير الرياضية (الجزيرة)

ملء أوقات فراغ أطفال القدس بما هو مثمر، وإبعادهم عن الأجواء المشحونة في المدينة المحتلة، كانت من ضمن الأهداف التي وضعها مؤسسو الأكاديمية نصب أعينهم، لكن الاحتلال كان لهم بالمرصاد ووضع -وما -زال الكثير من العقبات أمام تطوير الأكاديمية.

ولعل أبرز هذه العقبات -حسب أبو ميالة- هو منع إنشاء ملعب خاص بالأكاديمية؛ "لا يريد الاحتلال إتاحة أي متنفس للطفل المقدسي، وأقدمنا على استئجار أرض من الأوقاف في منطقة الصوانة، وحصلنا على تمويل لإنشاء ملعب بها، لكن بلدية الاحتلال ترفض ذلك بشدة".

هذا التعنت من بلدية الاحتلال يجبر الأكاديمية منذ تأسيسها على استئجار ثلاثة ملاعب في كل من جبل الزيتون والشيخ جراح وبيت صفافا، الأمر الذي يحصر أوقات تدريب الفرق في ساعات وأيام محددة، ويضيف أبو ميالة "مع توفير ملعب خاص بنا يمكننا استيعاب أكثر من 1500 طفل مقدسي في ظل الإقبال الكبير على التسجيل في هذه الرياضة، لكن الاحتلال يعرقل ذلك، ونحن نرفض تدريب أطفالنا خارج هذه المدينة".

وحول أبرز المشاركات المحلية والخارجية، تحدث مدير الأكاديمية عن بطولة هنغاريا السنوية التي ينضم لها الأطفال ويشارك بها 240 فريقا من 120 دولة، وتصدح حناجر أطفال القدس هناك بالنشيد الوطني الفلسطيني مع بداية كل مباراة يخوضونها.

فريق للإناث في الأكاديمية الفلسطينية للموهوبين رياضيا (الجزيرة)
فريق للإناث في الأكاديمية الفلسطينية للموهوبين رياضيا (الجزيرة)

ويستضيف نادي الوحدات الأردني لاعبي الأكاديمية في مباريات بالمملكة الأردنية ضمن اتفاقية تعاون موقعة بين الطرفين.

تعزيز الصمود
المدرب في الأكاديمية مراد بنورة يتوجه من بيت لحم للمدينة المحتلة لتدريب الأطفال، الذين لم تتجاوز أعمارهم 12 عاما. وفي لقائه مع الجزيرة نت تحدث عن مدى تعطش أطفال القدس لرياضة كرة القدم.

وأوضح أن المدربين يعملون مع الأطفال بشكل ممنهج لا عشوائي خلال أساليب التدريب الحديثة التي تطور الطفل رياضيا واجتماعيا.

وتابع "اكتشفتُ منذ بدء العمل بالقدس قبل عام واقعها الصعب، وانعدام حرية الحركة للأطفال وضعف البنى التحتية بأحياء القدس الشرقية التي تحرم هؤلاء من وجود مساحات للعب، ومن هنا تنبع أهمية وجود أكاديمية متخصصة بكرة القدم لهم".

أسهمت الأكاديمية المقدسية في تعزيز وجود أطفال المدينة في الميادين الرياضية المحلية والخارجية، ورغم تحقيق العديد من الأطفال أحلامهم بالانضمام إليها يبقى الحلم الأكبر الذي يصبو إليه القائمون عليها هو إنشاء ملعب خاص بها، في ظل رفض إدارتها التعامل مع الملاعب التي تديرها مؤسسات الاحتلال بالقدس.

المصدر : الجزيرة

إعلان