على قدميه لأول مرة منذ تنحيه.. مبارك يحاكم ثورة يناير

epa07249047 Former Egyptian President Hosni Mubarak (C) accompanied by his two sons Gamal (L) and Alaa (R) arrive at courthouse as Mubarak will testify in case related to a 2011 prison break, in Cairo, Egypt, 26 December 2018. According to reports, Mubarak appeared in a courthouse to testify in the retrial related to prison break in 2011 in which ousted president Mohamed Morsi and others are facing charges. Morsi, along with other senior members of the now-banned Muslim Brotherhood group, has already been sentenced to death over the charges in the first trial. EPA-EFE/MOHAMED HOSSAM
مبارك وصل إلى المحكمة محاطا بنجليه علاء وجمال (الأوروبية)

لأول مرة منذ تنحيه عن رئاسة الجمهورية إثر ثورة يناير/كانون الثاني 2011، شاهد المصريون الرئيس الأسبق حسني مبارك يسير على قدميه، أثناء دخوله إلى قاعة المحكمة، ليدلي بشهادته في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام السجون"، التي قرر القاضي تأجيلها إلى يوم 24 يناير/كانون الثاني القادم.

ويحاكم في القضية الرئيس السابق محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، كما تضم لائحة الاتهام عناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحزب الله اللبناني، وذلك بتهمة اقتحام الحدود المصرية إبان ثورة يناير، والهجوم على وحدات أمنية وعسكرية، واقتحام بعض السجون، وتهريب مساجين مصريين وفلسطينيين ولبنانين.

وينفي المتهمون في هذه القضية التهم الموجهة إليهم، مؤكدين أنها "تلفيقات سياسية"، بهدف تشويه ثورة يناير، والانتقام من الرموز السياسية التي فازت في كل الاستحقاقات الانتخابية بعد الثورة.

ومنذ تنحيه يوم 11 فبراير 2011 عن السلطة التي تربع عليها خلال ثلاثين عاما، لم يظهر مبارك للعلن سوى جالسا، أو على سرير المرض، سواء داخل قاعة المحكمة، أو في المستشفى العسكري أو منزله.

‪مبارك اعتاد التنقل نائما أو ممددا خلال السنوات التي تلت خلعه من السلطة تحت ضغط ثورة يناير (رويترز-أرشيف)‬ 
مبارك اعتاد التنقل نائما أو ممددا خلال السنوات التي تلت خلعه من السلطة تحت ضغط ثورة يناير (رويترز-أرشيف)
‪مبارك اعتاد التنقل نائما أو ممددا خلال السنوات التي تلت خلعه من السلطة تحت ضغط ثورة يناير (رويترز-أرشيف)‬
مبارك اعتاد التنقل نائما أو ممددا خلال السنوات التي تلت خلعه من السلطة تحت ضغط ثورة يناير (رويترز-أرشيف)

وتعرض الرئيس المخلوع (حسني مبارك) للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين (نحو 800 متظاهر)، لكنه نال البراءة مع وزير داخليته حبيب العادلي، وقيادات وزارة الداخلية آنذاك، وحتى الآن لم توجه النيابة اتهام قتل المتظاهرين إلى متهمين آخرين، لتبقى قضية قتل المتظاهرين دون مجرم أو حتى متهم.

في المقابل، حصل مبارك على حكم نهائي بالسجن 3 سنوات في قضية فساد مالي، وهي القضية المعروفة بـ"القصور الرئاسية"، لكن ناشطي يناير يطالبون بمحاكمة مبارك بتهمة "إفساد الحياة السياسية"، ويقولون إنها التهمة الحقيقية لمبارك.

معاملة استثنائية
اللافت في شهادة مبارك أن الناقل الحصري لها لم يكن التلفزيون الرسمي، بل فضائية "صدى البلد" التي يمتلكها أحد أهم رموز الحزب الوطني المنحل، رجل الأعمال الشهير محمد أبو العينين، وذلك عبر برنامج المذيع أحمد موسى، وهو أبرز المدافعين عن مبارك ونظامه ثم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ونظامه، كما أنه من أشد المهاجمين لثورة يناير، حيث يرفض وصفها بالثورة، ويطلق عليها مؤامرة.

بعد نحو ساعة من البث المباشر، لم تستكمل القناة بث الشهادة كاملة، بدعوى وجود برامج أخرى، وأنها لم تكن مستعدة لهذا الوقت، بحسب المذيع أحمد موسى.

اللافت أيضا، المعاملة الاستثنائية لمبارك من قبل القاضي محمد شرين فهمي، الذي سمح لمبارك بالجلوس أثناء الشهادة، كما سمح لولديه علاء وجمال بمجاورته داخل القاعة.

واستخدم القاضي ألفاظا لأول مرة مثل "حضرتك" و "معلش ممكن تعيد"، رغم أن شرين معروف بحزمه في الجلسات مع الشهود والمتهمين والدفاع، وحكم على بعض المتهمين بالسجن بسبب ما اعتبره إهانة للمحكمة، ولم يقدم أي استثناء للرئيس السجين محمد مرسي، بوصفه رئيسا للجمهورية، على غرار مبارك.

كما سمح القاضي لمبارك بالامتناع عن الإجابة على الأسئلة التي قال مبارك إنها تتعلق بالأمن القومي وتحتاج إلى إذن من رئيس الجمهورية والجيش، حيث ترك القاضي تقدير الأمر إلى مبارك نفسه، الذي يبدو أنه تخوف من تعرضه للمساءلة القانونية إذا كشف تقارير كانت تصله بصفته رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة.

وقد أدى هذا الوضع إلى أن تأتي شهادة مبارك دون تفاصيل حقيقية، حيث كرر الحديث عن تسلل عناصر من قطاع غزة واقتحام الحدود والسجون، دون أن يذكر أسماء أو تفاصيل، أو حتى علاقة جماعة الإخوان بالأمر، وكرر مبارك كلمات مثل "لا أعلم، معرفش، لم يصلني"، وهو ما دفع الناشطين لوصف الشهادة بالعرض المسرحي الشهير "شاهد مشفش حاجة".

شهادة مبارك لم تكن الأولى لرموز النظام السابق في القضية، فقد سبقه وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، ومدير مباحث أمن الدولة (الأمن الوطني)، وعددا آخر من القيادات الأمنية، الذين لم يبدوا تحفظات أثناء الشهادة على غرار مبارك، بل اتهموا مباشرة المتهمين بالتورط في الأحداث الواردة في القضية.

محاكمة الثورة
شهادة مبارك ودخوله المحكمة سائرا على قدميه، ووصفه الثورة بالتخريب الذي شارك فيه الإخوان، وغيرهم من المتظاهرين، اعتبرها ناشطون استكمالا لمحاكمة ثورة يناير التي خلعت مبارك، وحاكمته هو ورموز نظامه، قبل أن يحصل على البراءة بعد الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي في 3 يوليو/تموز 2013.

وكتبت شهندة الهواري متأسفة على ما آلت إليه ثورة يناير، بقولها "ملح على جرح ثورة 25 يناير ليستدعي هذا المخلوع العريق في الإجرام ليشهد على أول رئيس منتخب مرسي، يا للحسرة، متي يندمل الجرح".

وغرد محمد الجرادي بقوله "المخلوع مبارك يشهد على المنتخب مرسي في عهد المنقلب السيسي، الثورة المضادة في أوضح صورها".

في حين قال خالد منتصر "يحكى أن شعبا قام بثورة لخلع حاكم ظالم ونظام فاسد، ثم انتخب رئيسا لحكم بلاده، فقام جيش المخلوع بالانقلاب على الرئيس المنتخب وسجنه، وبعد 7 سنين من هذه الثورة يصبح المخلوع شاهدا على المنتخب في محكمة ذلك الجيش، أي مهزلة هذه، ببساطة هذه مصر".

وقال جلال رزق "ما انت ماشى زي الديزل أهو أُمّال كنت عامل فيها ميت وبتيجى فى هيليكوبتر على نقالة".

أما الحساب الذي يحمل اسم "إيجي فري" فقد طالب بمحاكمة السيسي بوصفه مديرا للمخابرات الحربية أثناء ثورة يناير، قائلا "أنا اتفق مع مبارك والسيسي أن حماس دخلت مصر، واقتحمت السجون، ونطالب محاكمة رئيس المخابرات وقائد الجيش ومبارك في خيانة مصر، وإهمال مهمتهم العسكرية، وهي الحفاظ وحماية الحدود".

المصدر : الجزيرة