إكسبرس: مطالبات بتقديم أموال ليبية لتعويض ضحايا الجيش الجمهوري الإيرلندي
ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي غاضبون من تأخر عدم تعويضهم من الأموال الليبية المجمدة (بلفاست تليغراف)
26/12/2018
طالب ضحايا الهجمات التي نفذها الجيش الجمهوري الإيرلندي بتمويل ليبي الحكومة البريطانية مساء السبت الماضي بتحقيق العدالة من خلال رفع قرار تجميد أصول ليبية تبلغ قيمتها مليارات الجنيهات الإسترلينية من أجل سداد التعويضات، حسب ما أوردته صحيفة بريطانية.
وقال المحرر الدبلوماسي في صحيفة إكسبرس البريطانية ماركو جيانانجيلي إن أكثر من ستين مليار جنيه إسترليني من أصول الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي جمدت من قبل الأمم المتحدة عقب مقتله في سنة 2011.
وذكر أن القرار الأممي حظر التصرف في هذه الأموال إلى أن يعود الاستقرار للدولة الليبية التي مزقتها الحرب.
لكنه أشار إلى أن مجموعة من الناشطين شددوا على أن هذه الأموال يجب أن تستخدم لتعويض الأشخاص الذين كانوا ضحية أعمال إرهابية غاشمة يقف وراءها نظام القذافي، بمن في ذلك ضحايا هجمات الجيش الجمهوري الإيرلندي التي نفذت عن طريق متفجرات أمنها التمويل الليبي.
وأضاف الكاتب أنه من المقرر أن تعين وزارة الخارجية البريطانية خبيرا لتقييم وتقدير مستوى التعويضات التي ستمنح لأكثر من ثلاثة آلاف ناجٍ وعائلاتهم على خلفية الهجمات الوحشية التي نفذها الجيش الجمهوري الإيرلندي سنة 1983، بما في ذلك مجزرة يوم الذكرى التي ذهب ضحيتها 12 قتيلا و63 جريحا.
حاجة ذوي الضحايا الملحة
أفاد الكاتب بأنه في حين رحب بهذا الإعلان في البداية على اعتباره "خطوة صغيرة إلى الأمام" ندد الناشطون والمحامون بهذا الموقف، مؤكدين أنه "محاولة أخرى للتقليل من قيمة القضية على أمل أن تتلاشى بدلا من حلها".
تعيين وزارة الخارجية خبيرا لتقييم حجم التعويضات قد يكون خطوة صغيرة إلى الأمام كما افترض البعض، ولكن الحكومات على مدار العشر سنوات الماضية قد أظهرت عدم اهتمامها بتحقيق العدالة لصالح الضحايا
وفي هذا الصدد، قال جوناثان غانيس (42 عاما) رئيس رابطة ضحايا "دوكلاندز" والناجين من هجوم للجيش الجمهوري الإيرلندي بسيارة مفخخة في عام 1996 الذي أسفر عن مقتل شخصين وجرح أكثر من مئة آخرين "نحن ننشط ونقيم الحملات منذ عشر سنوات لتحقيق العدالة، وعلى امتداد عشر سنوات لم تتخذ الحكومة البريطانية أي إجراء عملي".
وأضاف غانيش أن "الضحايا في حاجة ملحة للمساعدة، ومن الضروري أن نوجه رسالة لأي إرهابي محتمل في الخارج أن بريطانيا ستحملهم مسؤولية أعمالهم وتحاسبهم، ولكن الوقت أخذ بالفعل ينفد".
من جانب آخر، ذكر الكاتب أن المحامين الذين يتحركون لصالح عائلات الضحايا شككوا في نوايا وزارة الخارجية البريطانية فيما يتعلق بإجراء تقييم، في حين أنه توجد بالفعل صيغة قائمة أقرت من قبل الولايات المتحدة.
وتفيد هذه الصيغة بأن تقدم عشرة ملايين دولار (ثمانية ملايين جنيه إسترليني) إلى عائلات الأشخاص الذين لقوا حتفهم، وما بين 3 و7 ملايين دولار (بين 2.4 و5.5 ملايين جنيه إسترليني) لكل ناج حسب مستوى الإصابة التي تعرض لها.
من جهته، صرح جايسون ماكيو -من شركة ماكيو وشركائها- التي تتكفل بالمرافعة عن مئتي ضحية بأن "هذا الإجراء -أي تعيين خبير لتقييم حجم التعويضات- مجرد وسيلة سخيفة، لتجنب مسار العمل الحساس للغاية الذي تبنته دول أخرى وأوصى به تحقيق برلماني بريطاني والذي يقتضي استخدام الأصول الليبية المجمدة أو على أقل تقدير الفائدة المتراكمة على مثل هذه الأصول لدفع التعويضات".
وبين الكاتب أن العمليات الوحشية التي نفذها الجيش الجمهوري باستخدام المتفجرات الليبية شملت تفجيرات وارينغتون في سنة 1993، مما أسفر عن مقتل طفلين وجرح خمسين شخصا، والهجوم الذي طال متجر هارودز في سنة 1983 والذي أودى بحياة ستة أشخاص وجرح تسعين آخرين.
يذكر أنه خلال هذا الشهر سمحت بلجيكا بسحب المليارات من الأرصدة الليبية المجمدة بعد أن أقرت محكمتها مرسوما يفيد بأن الفائض المتراكم لم يشكل جزءا من الأموال التي فرضت عليها العقوبات.
نصيب بريطانيا من ثروة القذافي
وقدر نصيب بريطانيا من أموال القذافي بنحو تسعة مليارات جنيه إسترليني في 2011، لكنه تضخم ليصل إلى 12 مليار جنيه إسترليني، مما يمنح الولايات المتحدة ثلاثة مليارات جنيه إسترليني من الفائض القابل للاستخدام، وقد وصل حجم التعويضات المقدرة لحوالي ثلاثة آلاف ضحية وعائلاتهم إلى ملياري جنيه إسترليني.
وأوضح الكاتب أن وزارة الخارجية البريطانية تشدد على أن بريطانيا لن تسير على خطى بلجيكا فيما يتعلق باستغلال الفائض، في ظل معارضة الأمم المتحدة لهذا الإجراء.
وبالنسبة لدول أخرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا فقد عمدت إلى استخدام رأس المال استنادا إلى ثغرة قانونية تبيح اعتماد هذه الأموال لأغراض "إنسانية".
وقد أكد وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية البريطانية أليستر بيرت الأسبوع الماضي أن "خزانة صاحبة الجلالة قد تضمن الإذن بالنفاذ إلى الأرصدة المجمدة"، الأمر الذي كان ممنوعا سابقا.
وبالحديث عن معركته التي استمرت عشر سنوات قال غانيش إن "تعيين وزارة الخارجية خبيرا لتقييم حجم التعويضات قد يكون خطوة صغيرة إلى الأمام كما افترض البعض، ولكن الحكومات على مدار السنوات العشر الماضية قد أظهرت عدم اهتمامها بتحقيق العدالة لصالح الضحايا".
وأضاف "في سنة 2008 قابلت رئيس الوزراء آنذاك غوردن براون الذي أخبرني في البداية أن يديه مكبلتان، وبعد أن شرعنا في تنظيم حملات بشكل جدي أعلمت وزارة الخارجية وحدة المصالحة الليبية التي تعد من بين الوحدات العاملة في صلبها بمطالبنا، قبل أن يخبرني السيد براون على انفراد أن جهودنا ذهبت أدراج الرياح بالفعل".
الحكومة تستطيع رفع قرار التجميد المسلط على تلك الأرصدة في حال كانت تريد ذلك مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وهي تدعي أنها تولي أهمية للضحايا ولكنها مجرد تطمينات فارغة
وأردف غانيش "أخبرته أن من نتحدث عنهم مواطنون بريطانيون من المفترض أن يحميهم، وقد تبين فيما بعد أن الحكومة كانت تولي أهمية أكبر للمبادلات التجارية والاستثمارات الليبية".
لقاء مع وزير ليبي
وأشار الكاتب إلى أن رابطة ضحايا "دوكلاندز" استمرت في تنظيم الحملات المنادية بتعويض الضحايا، وقبل خمس سنوات سمح لها بإجراء لقاء مع السفير الليبي محمود محمد الناكوع.
وفي هذا الإطار، قال غانيش "أعلمنا وزارة الخارجية بهذا اللقاء على أمل أن يسمح بمشاركة أحد الوزراء أو تأمين مترجم، لكنها أخبرتنا ببساطة أن الأمر بات الآن مسألة شخصية بين الضحايا والحكومة الليبية، عندما تخلت عنا وزارة الخارجية اضطررت للاستعانة بسيدة مغربية كانت تتقن العربية، وكان زوجها من الضحايا".
وأضاف "لقد ترامى إلى مسامعها حديث دبلوماسيين ليبيين بشأن عدم مرافقة أي وزير لنا ووجود الضحايا فقط، لقد كانوا يسخرون منا، مما جعلنا نشعر بأننا حفنة من الأغبياء".
وأشار غانيش إلى أن "الحكومة تستطيع رفع قرار التجميد المسلط على تلك الأرصدة في حال كانت تريد ذلك على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وهي تدعي أنها تولي أهمية للضحايا ولكنها مجرد تطمينات فارغة، ليس هناك جدوى من إخبارنا أنه يجب أن ننتظر حتى تستقر ليبيا أو تعيين خبير لتحديد حجم التعويضات، فإذا كان بإمكان الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا إلغاء تجميد تلك الأموال نستطيع القيام بذلك أيضا، وفي حال كانت بلجيكا تستطيع استخدام الفائض يمكننا ذلك أيضا".