بعد انسحابها من تحالف "الشرعية".. هل تنجو الجماعة الإسلامية بمصر من الحل؟
عبد الكريم سليم-القاهرة
أثار إعلان الجماعة الإسلامية ثاني أكبر الجماعات الإسلامية في مصر الانسحاب من تحالف دعم شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي جدلا واسعا بين مؤيد للقرار ورافض له، في حين اعتبره آخرون تحصيل حاصل وانعكاسا للواقع ولا يمثل جديدا.
وسبق لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة إعلان انسحابه من التحالف.
وأكد رئيس مجلس شورى الجماعة أسامة حافظ أن الزمن تجاوز مرحلة التحالف، وصارت للأزمة أبعاد أكبر من التحالفات والكيانات، وبالتالي لم تعد ثمة جدوى من البقاء في هذا التحالف.
ومضى قائلا "لقد نشأ تحالف دعم الشرعية في ظروف كانت البلاد فيها ملتهبة ومتوترة، وقد رأينا وقتها أن نحاول بجهدنا المتواضع الاستفادة من خبرتنا الطويلة في التحذير من خطر مواجهة تلك الأزمة بالعنف، وساهمنا في منع تطور الأحداث في تجاه الصدام".
وفي صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك شدد حافظ على أن جماعته تأمل بهذا الانسحاب أن يكون لها دور في تفعيل المادة 241 في دستور عام 2014 التي تنص على ضرورة تفعيل العدالة الانتقالية وإجراء مصالحة وطنية شاملة.
ماذا تبقى من التحالف؟
لم تكن الجماعة وحزبها أول المنسحبين من التحالف، إذ سبق لحزب الوسط الانسحاب تاركا التحالف وفيه مجموعة من الأحزاب والتيارات، أبرزها جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وأحزاب إسلامية صغيرة مثل الأصالة والإصلاح والفضيلة والاستقلال.
وتشكل "تحالف دعم الشرعية" عقب انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 كمظلة جامعة لنحو 15 حزبا وحركة وكيانا نقابيا رافضة للانقلاب ومتمسكة بشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي.
ولعب التحالف دورا محوريا في كل التحركات الجماهيرية المناهضة للانقلاب طوال الأعوام الخمسة الماضية، قبل أن يخفت دوره ويكتفي بإصدار البيانات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء قرار الجماعة الإسلامية وحزبها الانسحاب من التحالف بعد أيام من إدراج محكمة مصرية 164 من قادة الجماعة والحزب في "قوائم الإرهاب" بسبب ما وصفته المحكمة بـ"العدول عن مبادرة وقف العنف"، وهو ما نفته الجماعة والحزب، مشدديْن على التزامهما بالسلمية والعمل السياسي ونبذ العنف وإدانته.
ومن المقرر أن تصدر المحكمة الإدارية العليا في 16 فبراير/شباط المقبل حكما نهائيا في دعوى مقامة من لجنة شؤون الأحزاب السياسية لحل البناء والتنمية.
مراجعة لا اصطفاف
"الكل يدرك أن تحالف دعم الشريعة لا وجود حقيقيا له في الوقت الراهن"، هكذا علق المتحدث الرسمي باسم حزب البناء والتنمية خالد الشريف على قرار الانسحاب، مضيفا "لذا فخروج الجماعة الإسلامية وحزبها من التحالف لا يعني الاصطفاف مع السلطة، بل هو أقرب للمراجعة وإعادة التموضع".
وفي حديثه للجزيرة نت وصف الشريف طريق النضال من أجل ترسيخ العدالة ونصرة المظلومين بالطريق الطويل، كما أن هذا الطريق ليس مقصورا على التحالف، ومساحة العمل الوطني واسعة جدا.
وطمأن الشريف كل من وصفهم بـ"القلقين من تغير إستراتيجية الجماعة والحزب"، قائلا إن جماعة قدمت كل هؤلاء الشهداء والسجناء نصرة للحق والمظلومين لن تبيع قضية الوطن ولن تخون الجماهير من أجل مكاسب زائفة زائلة.
وأوضح أن الجماعة قدمت 12 مبادرة للحل السياسي للأزمة المصرية طوال خمس سنوات، آخرها مبادرة وقف العنف في سيناء برعاية الأزهر، وأجهضها غياب إرادة المصالحة والحل السياسي لدى النظام، وهو الطرف الأقوى بالمعادلة.
ضغوط
من جهته، رأى الباحث بشؤون الجماعات الإسلامية أحمد فريد مولانا أن انسحاب الجماعة الإسلامية هو نتاج لضغوط النظام المتزايدة على قادة الجماعة داخل مصر، مما أدى إلى زيادة الفجوة بين قادة الداخل وقادة الخارج.
ووفقا لمولانا، فإن تداعيات هذه الخطوة لن تكون مؤثرة على التحالف إلا كحدث إعلامي يستثمره النظام، لأن التحالف نفسه لم يعد له حضور في المشهد السياسي.
وفي حديث للجزيرة نت توقع مولانا أن يؤثر الانسحاب على وحدة الصف داخل الجماعة التي تعاني من الضعف ابتداء، وفي تقديره فإن الجماعة لم تعد "ذات ثقل" في المشهد المصري كي يمثل "اجتذابها للنظام" تغيرا في المشهد.