اليمن.. موت صالح والتغيير المفقود

Yemenis stand on the rubble of houses destroyed in a suspected Saudi-led coalition air strike in Sanaa on June 9, 2017.Four civilians, including two teenagers, died 'in a strike by the coalition that targeted a civilian house behind the presidential palace in the south of the capital', a medical source said. / AFP PHOTO (Photo credit should read /AFP/Getty Images)
أنقاض قصف سابق شنه التحالف العربي على صنعاء (غيتي)
بعد شهر من اغتيال مليشيات الحوثي للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لا يزال التغيير الذي كان متوقعا في الصراع اليمني غير موجود، إذ لم يؤد فك التحالف بين الحوثيين ومؤيدي صالح إلى إضعاف هذه المليشيات ولا غيّر المشهد العسكري لصالح التحالف الذي تقوده السعودية.

كل ما في الأمر أنه سلط الضوء على فشل عمليات "عاصفة الحزم" وأظهر أن صالح لم يكن له من الأمر شيء، وأن الحوثيين هم المسيطرون الفعليون على المرتفعات المحيطة بصنعاء.

هذا ما يراه كاتب صحفي فرنسي في مقال له بصحيفة "أوريان 21" الإلكترونية، حيث يقول "إن النهاية الوحشية لصالح -الذي حدد الملامح السياسية لليمن خلال أربعة عقود- أزعجت اليمنيين، بل إنها صدمت حتى خصومه الأكثر حزما"، مشيرا إلى أن صالح الذي كانت "بَرَكة عجيبة" تنجيه من المصاعب الخطيرة، خسر هذه المرة الرهان ضد الحوثيين.

ولم يكتف الحوثيون بتصفية صالح جسديا حسب لوران بونفوا، بل سعوا إلى تشويه سمعته ونزع أي شرعية عنه عبر نشر مقاطع عن مكان إقامته المليء بقناني الفودكا، ونشر إشاعات عن الثروة الهائلة التي جمعها خلال حكمه.

حدث فارق
لكن هذا الحدث الفارق في تاريخ اليمن لم يمثل نقطة تحول في الصراع كما توقع البعض في الساعات التي تلت تأكيد وفاة صالح، على حد تعبير الكاتب.

ولم يتحقق حتى الآن الانهيار العسكري للتمرد الحوثي كما أمّل أعداء الحوثيين من مقاتلين جنوبيين وإخوان مسلمين ومقاتلين محليين ومليشيات سلفية وجنود للتحالف ومؤيدين لصالح.

والواقع أن التعزيزات العسكرية لمؤيدي صالح في مواجهة الحوثيين ما زالت محدودة، ولم يتمكن مناهضو الحوثيين إلا من أخذ مواقع قليلة في هجوم على السهل الساحلي لتهامة أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مسعى للوصول إلى ميناء الحديدة دون أن يمثل ذلك حتى الآن تقدما فعليا أو أن يكون حاسما، كما حدث تقدم في الجبهة الشمالية في الجوف.

ويبدو أن هذه الانتصارات الصغيرة -حسب بونفوا- حفزت قادة التحالف الخليجي، فاتخذوها ذريعة لتكثيف القصف رغم أعداد الضحايا المدنيين الذين يسقطون نتيجة لذلك، مما يفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلا في اليمن.

وقال الكاتب إن ثمة توقعات بإحراز التحالف بقيادة السعوديين بعض الانتصارات في الأسابيع المقبلة في تهامة على سبيل المثال، أو حتى عبر سقوط ميناء الحديدة ذي الأهمية الإستراتيجية الكبيرة للحوثيين، أو في مدينة تعز ثاني أكبر مدينة يمنية.

لكن لا شيء يبعث على الاعتقاد بأن الحوثيين سيفقدون المراكز الحضرية أو الحاميات التي تؤدي إلى صنعاء أو ذمار أو عمران أو صعدة، إذ إن الحوثيين يُخضعون هذه المدن لسيطرة صارمة ويخضعونها لإدارتهم ويقمعون بوحشية كل من يظهر أي معارضة لهم هناك.

والواقع -وفقا لبونفوا- أن الحوثيين ليسوا مجرد قوة عسكرية، بل هم أيضا حركة سياسية دينية تتمتع بقاعدة مؤسسية وشعبية لا يمكن تجاهلها.

انقسامات حادة
في المقابل يعاني مناهضو الحوثيين انقسامات حادة، وهو ما بدا جليا بعد نهاية التحالف بين الحوثيين وصالح، إذ لم يتضح بعد الموقع الذي سيخصص لمؤيدي صالح، خصوصا بعد البدء بالترويج لأحمد ابن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فهذا لا يعني بروز منافسين جدد للرئيس هادي فحسب، بل أيضا لنائب الرئيس علي محسن الأحمر المقرب من الإسلاميين، الذي ظلت علاقته دائما صعبة مع ابن صالح، على حد تعبير بونفوا.

ويضيف الكاتب أن تلاقح هذه الأمور مع الاختلافات الصريحة مع الحركة الجنوبية يمثل عقبة أخرى على المستويين العسكري والسياسي، مما يجعل التنبؤ بالتوافق السياسي بين هذه المكونات صعبا.

وهذا هو الذي جعل الكاتب يختم بالقول "يبدو أن وفاة صالح لم تؤد على الإطلاق إلى ما توقعه الكثيرون منها، مما ولد المزيد من الترقب والانتظار، ولا بد في النهاية من توصل النخب السياسية إلى توافق معين، لكن يبدو أنه سيكون تدريجيا، وعلى حساب المدنيين اليمنيين، كما هي الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات".

إعلان
المصدر : الصحافة الفرنسية

إعلان