مجلة تشالنجز: حوصرت قطر فخسر الرباعي

epa06368976 A general view for the 38th Gulf Cooperation Council (GCC) Summit, at Bayan palace in Kuwait City, Kuwait, 05 December 2017. Rulers of Bahrain, Saudi Arabia and the UAE did not attend the summit amid continuing rift with neighboring Qatar. EPA-EFE/NOUFAL IBRAHIM
حصار قطر لا يخدم أحدا وقد أدى إلى وهن شديد لمجلس التعاون الخليجي (الأوروبية)
​في مقال له بمجلة "تشالنجز" قال خبير اقتصادي إن قطر أظهرت قدرة على التكيف مع آثار الحصار الذي يفرضه عليها جيرانها أفضل مما كان متوقعا، بينما كانت عواقبه على تلك الدول -وخاصة السعودية والإمارات- قوية للغاية.

وأشار يونس بلفلاح في بداية مقاله إلى إعلان الدوحة بداية الشهر الحالي أن الأجانب يمكنهم الآن التملك الكلي في أغلب قطاعات الاقتصاد القطري، معتبرا أن هذا الإجراء يدخل ضمن إجراءات أخرى لا تحصى ولا تعد اتخذتها الدوحة منذ فرض الحصار عليها لتنويع اقتصادها وإصلاحه بأقصى سرعة.

ونقل في هذا الإطار قول المدير التنفيذي لشركة "بلدنا" القطرية لمنتجات الألبان، إن "القطريين لم يعودوا يقبلون الاعتماد على جيرانهم بعد الآن، والاكتفاء الذاتي هو شعارهم الجديد".

لكن إذا كانت قطر قد تمكنت من تجاوز آثار هذا الحصار بسرعة أكبر مما كان متوقعا، فإن غالبية المحللين لم يهتموا بآثاره السلبية على الدول التي فرضته، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

السعودية
فالسعودية -حسب بلفلاح- تمر بما يمكن أن يوصف "بالثورة" في ظل الإصلاحات التي يقودها ولي عهدها محمد بن سلمان من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، وما نجم عنها من عملية "تطهير" أو مكافحة فساد يقودها ابن سلمان نفسه وتنفذ بطريقة تتنافى مع ما هو معهود في هذا البلد من مقاربة تقوم على التشاور مع الفرقاء لحل المسائل العالقة، ولا أحد يعرف ما سينجر عن هذه التغييرات من مشاكل للسعودية ككل.

أما خسائر الرياض البارزة من حصارها لقطر، فيلفت الخبير إلى أن أكثر من 300 شركة سعودية كانت تمارس أعمالها في قطر ستجد السوق القطرية قد عجت بعدها بعدد هائل من المنافسين الجدد، وخاصة الأتراك الذين دخلوا بقوة إلى هذه السوق وخصوصا قطاعي الأغذية والمنتجات الزراعية.

وتلك خسارة لم يكن الاقتصاد السعودي بحاجة إليها في ظل ما يعانيه من هشاشة بسبب انخفاض أسعار النفط. كما تعكس فوضى إدراج 5% من رأس مال شركة أرامكو في البورصة التحول الصعب إلى اقتصاد مفتوح وشفاف في السعودية.

ويرى بلفلاح أن المبالغ التي جمعت من الأمراء ورجال الأعمال المسجونين ستقدم دعما للميزانية السعودية، غير أنها لن تكون -بالتأكيد- عامل جذب للمستثمرين والشركات الأجنبية، كما أنها تتنافى مع طموح السعودية إلى أن تصبح مركزا تجاريا محوريا يربط القارات المختلفة، ويساهم في تهدئة الأوضاع لا في تأجيجها.

وفي هذا الإطار، نقل الكاتب عن الخبير الاقتصادي في مؤسسة "كوفاس" جوليان مارسيلي قوله "ربما يخلق ابن سلمان زوابع جيوسياسية للتغطية على مشاكله الداخلية كما فعل خلال العام 2017 مع قطر واليمن ولبنان".

الإمارات
أما الإمارات، فيلفت الكاتب إلى تنافسها تقليديا مع قطر، مشيرا إلى أن كلا البلدين يحاول البروز على الساحة الدولية في ظل الأخ السعودي الأكبر، غير أنه يؤكد أن القوة الناعمة لدولة قطر تميزت بكفاءة أكبر من خلال تأثير قناة الجزيرة وعبر دبلوماسية رياضية استباقية تجسدت مثلا في فريق باريس سان جيرمان وتنظيم كأس العالم 2022.

وبخصوص تأثرها بالحصار على قطر، يقول بلفلاح إن العديد من الشركات الإماراتية خسرت حصتها في السوق القطرية، ومن ذلك مثلا ما حل ببعض شركات دبي الرائدة مثل دريك آند سكول التي خسرت 10% من حصتها في السوق. كما تعاني بنوك في دبي وأبو ظبي من تبعات هذا الحصار السلبية عليها، ويصاحب ذلك زعزعة لمصداقية هذه المؤسسات وثقة المستثمرين فيها.

واستنتج الكاتب من هذا كله أن منطقة الخليج تخرج من هذه الأزمة أضعف، فخسائرها الاقتصادية تحولت كذلك إلى خسائر سياسية عكسها الانهيار الواضح لمجلس التعاون الخليجي. ولا يعرف المرء كيف يمكن للرياض أن تطمح إلى أن تصبح مركزا محوريا للتجارة بين القارات المختلفة إذا كان جارها الجنب لا يستطيع أن يتاجر معها؟ والواقع أن هذا الحصار لا يخدم أحدا، خصوصا الدول الأربعة المحاصِرة لقطر.

إعلان
المصدر : الصحافة الفرنسية

إعلان