ليزيكو: ترمب أيقونة الإنجيليين أم المسيح الدجال؟

U.S. President Donald Trump stands with Liberty University President Jerry Falwell, Jr. at commencement in Lynchburg, Virginia, U.S., May 13, 2017. REUTERS/Yuri Gripas
ترمب في جامعة ليبرتي التي روجت له وصوت له طلابها الإنجيليون (رويترز)
يعتبر أغلب الإنجيليين الأميركيين الرئيس الأميركي دونالد ترمب أيقونتهم الذي حقق مطالبهم، لكن بعضهم -خاصة السود- يرون أنه يجسد أكثر صورة "المسيح الدجال".

هذا ما جاء في تقرير للكاتبة الصحفية ألسا كونسا بعد أن "غاصت في أعماق أميركا مجانين الرب"، على حد تعبيرها.

كونسا ذكرت أن المسيحيين الإنجيليين، الذين يشكلون 25٪ من سكان الولايات المتحدة، صوتوا بأغلبية ساحقة لترمب في انتخابات عام 2016، مشيرة إلى أنهم في المقابل يتمتعون بنفوذ لم يسبق له مثيل في البيت الأبيض.

وللوقوف على علاقة ترمب بالإنجيليين ونظرتهم له، انتقلت مراسلة صحيفة ليزيكو الفرنسية إلى مدينة لينشبرغ بولاية فيرجينيا، حيث الهيمنة المطلقة للإنجيليين في هذا الجزء من "حزام الإنجيل"، المكون من عدة ولايات قديمة تفتخر بأنها مسيحية.

فالطابع الديني لهذه المدينة لا تخطئه العين، إذ تنتشر فيها اللوحات العملاقة التي تذكِّر بفضائل الكتاب المقدس: "مستلهم، مطلق، نهائي"، "ليس أنا، وإنما المسيح"، وفضلا عن ذلك، لا تكاد تمر عبر شارع دون الوقوع على كنيسة؛ فعدد كنائس لينشبرغ خمسة أضعاف عدد صيدلياتها.

والواقع أن هذه المدينة أصبحت بالفعل معقل الإنجيليين، خاصة منذ إنشاء أكبر جامعة مسيحية في البلاد، جامعة ليبرتي، في أوائل سبعينيات القرن الماضي، تلك الجامعة التي تقدر ميزانيتها بنحو مليار ونصف المليار دولار، ويتخرج منها كل عام آلاف من "أبطال المسيح"، 15 ألفا مباشرة من حرمها الجامعي، وما يقرب من مئة ألف آخرين عبر الإنترنت.

ولئن كان لفظ "إنجيلي" ارتبط في السابق بالدين، فإنه أصبح منذ ثلاثين سنة تقريبا "نوعا من الهوية، وهي ماركة سياسية معينة"، حسب مختص الشؤون الدينية في جامعة نورث كارولينا مولي ورثن، الذي يؤكد كذلك أن "الإنجيلية ليست بالضرورة مرادفا للممارسة الدينية الدؤوبة، بل وسيلة للتأكيد على أن الإنسان الأبيض هو الأصل في هذه البلاد، وأن الولايات المتحدة هي دولة مسيحية، ويجب أن تبقى كذلك، وهناك نوع من أنواع الحنين إلى الزمن الذي كان فيه الإنسان الأبيض هو المهيمن على كل شيء"، حسب تعبير مولر.

ما جناه الإنجيليون
ولكن ما الذي جناه الإنجيليون من دعمهم ترمب؟ هذا هو ما ردت كونسا عليه بالقول إن المسيحيين الإنجيليين -وهم في الأغلب من بيض الطبقة الوسطى- صوتوا بنسبة 81% لترمب، ولذلك فهم يتبوؤون مكانة خاصة في "جدول أعماله الإصلاحي"؛ إذ عين -إرضاء لهم- قاضيا محافظا على المحكمة العليا، كما قرر نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس.

ومن الأمور المهمة -حسب الكاتبة- أن ترمب بنى ثروته في الكازينوهات وترك موقفه من مسألة الإجهاض غامضا، وهو ما لا يمكن أن يسعد الإنجيليين.

غير أن الكاتبة نقلت عن مدير جامعة ليبرتي جري فولويل تعليقه على ذلك بقوله إن المصوتين الإنجيليين لم يسعوا إلى الحصول على رئيس "أخلاقي"، بل رئيس مناهض لصعود "التقدميين" الذين هم في الواقع ألد أعداء الإنجيليين، إذ يدعون إلى الإجهاض وزواج المثليين والدولة الفيدرالية المتدخلة لصالح الفقراء مثلا.

وهذا ما جعل كونسا تستنج أن ترمب، في نهاية سنته الأولى، لم يخيب آمال الإنجيليين، بل اعتبروا أنه أوفى بوعوده، خاصة نقل السفارة إلى القدس، إذ يتماشى ذلك مع تعاليم الإنجيل حسب فولويل؛ "فمن أراد أن يكون مع الرب عليه أن يصطف إلى جانب الإسرائيليين، والكتاب المقدس يقول إنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط حتى عودة يسوع، أمير السلام إلى الأرض، وأي سلام يتم اليوم في هذه الأرض لن يكون إلا مؤقتا".

المسيح الدجال
لكن ذلك لا يتماشى مع رأي المسيحيين السود الذين يمثلون 15% من مسيحيي أميركا، فها هي بوني التي تقول إنها تركت الحركة الإنجيلية لأنها أصبحت بكل بساطة تعني "اليمين المحافظ للبيض العنصريين".

أما القس الأسود جوليان داندجرفيلد فهو يؤكد أنه لم يعد إنجيليا، قائلا بنبرة غاضبة "بالطبع أنا ضد الإجهاض، لكن هذا لا يعني أنه إذا كان هتلر ضد الإجهاض، سوف أصوت لهتلر".

ويذهب بعض السود الأميركيين أبعد من ذلك، فيؤكدون أن ترمب ربما ورد وصف له في الكتاب المقدس لكن باعتباره "المسيح الدجال".

إعلان
المصدر : الصحافة الفرنسية

إعلان