أحمد الزغير… فارس الاقتصاد المقدسي يرحل في صمت

الكاتب المقدسي عزام أبو السعود، صديق الفقيد المقرب منذ سبعينيات القرن الماضي، فرافقه في آخر عشرين سنة. ويقول إنه والقدس فقدا أحد مرجعياتها الشعبية "رجل مخلص، وصاحب يد نظيفة".

ويستذكر أبو السعود علاقة الصداقة القوية التي ربطت الفقيد بالرئيس اللبناني الأسبق إلياس الهراوي، الذي وصل إلى العمل السياسي من خلال التعاونيات الزراعية، وكان يمتلك مزارع البصل في البقاع اللبناني، ليجمع حب الأرض الرجلين.
و تداول المقدسيون عقب وفاته قصة "تفاح الجولان"، التي كان الزغير بطلها، قصة تعود للعام 1982، عندما أعلن أهاليالجولان المحتل ما عرف بـ "الإضراب الكبير"، الذي استمر ستة أشهر، رفضا لقانون ضم الجولان لدولة الاحتلال.
في ذلك الوقت، أوكلت لأبي هاشم مهمة إنقاذ محصول تفاح الجولان ذائع الصيت لمذاقه المميز من التلف، بعد استحالة تسويقه في سوريا، حيث اتصل القيادي الفتحاوي خليل الوزير "أبو جهاد" من مكان إقامته في تونس بالحاج أحمد، طالبا منه تقديم يد العون لأهالي الجولان، فكان له ما طلب.
وصل الزغير الجولان وحمّل التفاح في عشرات الشاحنات، وعاد إليه مرة أخرى حاملا مئات آلاف الدولارات، بعد أن باع المحصول كاملا في المدن الفلسطينية، وصدّر ما تبقى للأردن.

كان الفقيد أبو هاشم رجلا هادئا وحكيما، غير محب للظهور، ويحسب له أنه كان المنقذ للمزارعين ومربي المواشي عموما، عندما كان يزودهم بالأعلاف التي يحتاجونها للماشية، كما استطاع المساعدة في إحصاء حجم الثروات الحيوانية والزراعية.
ترأس الزغير لجنة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني بين عامي 1996 و 2005، وكانت تربطه علاقة قوية بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي كان يأتمنه ويعتمد عليه في مختلف القضايا التي تحتاج الحراك الشعبي.
كان لفقيد القدس أحمد هاشم الزغير والشيخ الراحل حسن طهبوب (1923-1998) دور بارز في أحداث "هبّة النفق" عام 1996، وقد وجهت لهما تعليمات من الرئيس عرفات في الحشد والتعبئة للهبّة، خاصة أنهما كانا من أوائل الأشخاص الذين اكتشفوا حفريات الاحتلال لنفق أسفل المسجد الأقصى.
وعلى مدار تسع سنوات من ترؤسه للجنة، قدم الزغير 120 مشروع قرار للسلطة الفلسطينية خاصة بالقدس، لكن شيئا منها لم يخرج للنور، ومع ذلك كان يتابع بشكل مكثف ملفات هدم المنازل ومخالفات البناء بالقدس، ويقدم المساعدات المالية للمتضررين من ممارسات الاحتلال.

سلاح الصمود
شغل الزغير، إدارة الغرفة التجارية الزراعية منذ تأسيسها عام 1989، كما شغل إدارة اتحاد الغرف التجارية والصناعية خلفا للشيخ علي قدورة الطزيز، وقد أولى القطاع التجاري والسياحي بالقدس اهتماما خاصا، وعمل في فترة توليه للمنصب على توفير الدعم المادي خاصة لتجار البلدة القديمة، وحذر من هجرة الحركة الشرائية من أسواق القدس، وهذا ما حصل لاحقا بسبب إقامة الاحتلال لجدار الفصل العنصري الذي جعل القدس تخسر حوالي 50% من القوى الشرائية العربية.
آمن أحمد هاشم الزغير، بأن مواجهة الاحتلال تستدعي الصمود في الأرض وتوفير مقومات الصمود، ورغم أن تحصيله الدراسي كان متواضعا فقد كان مثقفا، فطنا، صاحب ذكاء اجتماعي، له شعبية كبيرة، يمشي بين الناس ويستمع لهمومهم ويساعد في حلها، فكان أحد وجهاء الإصلاح ذائعي الصيت.
وشغل الراحل رئاسة الجمعية التعاونية في أريحا، ورئاسة الاتحاد التعاوني الزراعي في فلسطين، كما كان عضوا في مجلس الأوقاف الإسلامية وفي مؤسسة فيصل الحسيني وغيرها من المؤسسات، ومنحته الرئاسة الفلسطينية عام 2015 وسام الاستحقاق والتميز.