مشروع قانون يضم مستوطنات للقدس ويقصي فلسطينيين
في أسبوع واحد نوقش في المؤسسات الرسمية الإسرائيلية مشروعا قانونين مصيريين بالنسبة لمدينة القدس هدفهما فرض السيادة على كامل المدينة والمضي في مشروع تهويدها وإقصاء عشرات آلاف الفلسطينيين لتغيير ميزانها الديموغرافي.
فقبل مصادقة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في حكومة الاحتلال أمس على مشروع قانون "القدس الموحدة" الذي يمنع "التنازل" عن شرقي القدس وينتظر أن يمر بباقي مراحل التشريع حتى يصبح نافذا؛ قبلت اللجنة القضائية في الكنيست مشروع قانون طرحه حزب الليكود يدعو لتوسيع مدينة القدس وضم خمس مستوطنات لها.
ويدعو مشروع قانون توسيع حدود القدس إلى إعلانها مدينة كبرى، وذلك بضم مستوطنات إسرائيلية يزيد تعداد سكانها على 150 ألف نسمة إلى حدود بلدية القدس، وفي المقابل إخراج نحو مئة ألف فلسطيني من تلك الحدود، وينضمون لنحو 120 ألفا آخرين عزلهم جدار الاحتلال عن مدينتهم.
قديم جديد
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ذكرت أن طرح مشروع القانون يأتي في إطار الصراع الدائر بين "الليكود" و"البيت اليهودي" على أصوات اليمين الإسرائيلي، فبعد مبادرة نفتالي بينت "البيت اليهودي" لتعديل قانون أساس القدس الذي سيمنع تقسيم المدينة مستقبلاً، رد الوزير إسرائيل كاتس والنائب يوآب كيش من حزب الليكود بطرح مشروع قانون "القدس الكبرى".
ويقول خبير الأراضي والاستيطان بجمعية الدراسات العربية خليل تفكجي للجزيرة نت إن مشروع قانون ضم المستوطنات موجود على أرض الواقع منذ عام 1993م، عندما صاغ وزير الإسكان الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر مفهوم القدس الكبرى، وقبل ذلك عام 1973م حين شكلت غولدا مائير لجنة تعمل على تقليص نسبة العرب في القدس لتصل إلى 22% مقابل 78% لليهود، وما أعقب ذلك من مصادرة الأراضي وسحب الهويات.
وينص مشروع القانون الجديد على ضم خمس مستوطنات تقع خارج الجدار العازل في الضفة الغربية وهي: غوش عتصوين، وأفرات، وبيتار عيليت، ومعاليه أدوميم، وجفعات زئيف، مقابل إخراج كل من مخيم شعفاط وبلدتي كفرعقب وعناتا من حدود بلدية القدس، وذلك للوصول إلى أغلبية يهودية مطلقة داخل القدس تصل إلى 88% مقابل 12% للعرب فقط.
ويبرر تفكجي إثارة الموضوع مجددا بإحساس حكومة الاحتلال بالخطر الديموغرافي الذي يتهدد القدس؛ فأعداد العرب داخلها يزيد ولا ينقص، إضافة إلى توقعهم وصول نسبة العرب عام 2040 إلى 55% الأمر، الذي يهدد مشروع القدس الكبرى ويهوديتها، الذي عبّر عنه رئيس العمل السابق الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ حين تخوّف من أن يكون رئيس بلدية القدس يوما ما عربيا.
ويؤكد أن الاحتلال يتحدث عن خمس مستوطنات لتخفيف وطأة القانون، لكنها فعليا عبارة عن 28 مستوطنة، كما أن الاحتلال لن يسحب الهويات المقدسية من سكان المناطق التي تحدث عنها القانون وإنما سيمنع الامتيازات عنهم تدريجيا وصولا إلى سحب الهوية بالكامل، وسيتركهم لتشكيل مجالس محلية خاصة بهم تحت إشرافه دون التزامات منه.
من جهته، يرجع الخبير في الشأن المقدسي جمال عمرو جذور هذا القانون إلى عام 1967، معتبرا أنه لم يكن مشروع قانون فحسب، بل هو قانون أساس ضمن منظومة القوانين التي بنيت عليها دولة الاحتلال، والذي يجري العمل عليه والتخطيط له بشكل حثيث، خاصة بعد وصول التركيبة العربية الديموغرافية داخل القدس إلى عكس ما سعى الاحتلال إليه.
عرب أقل
ويوضح عمرو أن الاحتلال خدع الفلسطينيين وأوهمهم بالعيش في تلك المناطق مع حفاظهم على الهوية المقدسية؛ فازداد البناء فيها واكتظت بالسكن نظرا لارتفاع تكاليف البناء والسكن داخل القدس، واليوم يسعى لإخراجهم من حدود القدس، ولكن تدريجيا لعدم خلق حالة من الهلع لديهم، وامتصاص غضبهم رويدا.
ويؤكد في حديثه للجزيرة نت أن تطبيق هذا المشروع ممكن جدا، ويجري التخطيط والعمل عليه فعليا، خاصة أن الأحزاب الإسرائيلية تتسابق في ما بينها على الأصوات الانتخابية على حساب القدس، والفائز بينها هو من يمتلك الخنجر الأكثر سُمية لطعن القدس وأهلها.
ويضيف أن الاحتلال يحمل شعارا عنصريا مفاده أرض أكثر مقابل سكان فلسطينيين أقل، ولا يسعى لضم المستوطنات فحسب، بل ضم الأراضي المحيطة بها؛ مما يهدد بتصفية قضية القدس وتهويدها بالكامل.