باحث يدعو لتفعيل القوة الناعمة بالقدس
محمود الفطافطة-القدس
انتقد باحث فلسطيني اختصار مفهوم "المقاومة الناعمة" عربيا في البراغماتية والدبلوماسية أو المقاومة الشعبية فقط، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي وظّف هذا السلاح في حربه ضد كل الفلسطينيين، خاصة في القدس المحتلة.
وقال الباحث في مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية إياد شماسنة إن التنظير والفعل الفلسطيني حول إستراتيجيات القوة الناعمة لا يزال مفقوداً في واقع فلسطين سوى بعض المقالات المنشورة في الصحف، أما في الجامعات ومراكز البحوث فما زال الكثيرون يجهلون المصطلح أساسا، وإن وجد بعضهم فيقرنه بالمقاومة الشعبية أو اللاعنف أو الدبلوماسية والتفاوض.
ويرى أنه في الوقت الذي تتعامل فيه إسرائيل مع الحرب الناعمة أو إستراتيجيات القوة الناعمة بوصفها تهديدا إستراتيجيا، فإن الحالة الفلسطينية تعتبر أكثر احتياجا لبناء إستراتيجيات وطنية ومقدسية في هذا الخصوص.
وسيلة ناجعة
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن مفهوم القوة الناعمة بمعنى "القدرة على جذب واستمالة وإقناع الآخر، بنيل أمر ما كبديلٍ عن استخدام الإكراه في نيل هذا الأمر" سبق إليه العدو في الوصول إلى العالم وتجنيد دول ومؤسسات وأشخاص لخدمة أهداف إسرائيل.
ووفق الكاتب فإن القوة الناعمة الفلسطينية تصلح وسيلة للنجاح في الصراع مع إسرائيل لانتزاع الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية، موضحا أنها نجحت في نزع الاعتراف الرسمي الأوروبي بدولة فلسطين، والوصول إلى مقاطعة العديد من الشخصيات وهيئات المجتمع المدني في أوروبا وأميركا للمنتجات والجامعات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات.
ورأى الباحث شماسنة في القدس مكانا ثريا لوجود عشرات المجالات التي يمكن فيها ممارسة القوة الناعمة ضد الاحتلال، "فالقطاع الصحي في القدس لا يزال يحقق الصمود والإنجاز ويحمل معه اسم فلسطين والقدس إلى العالم ويستقبل الوفود، والقطاع الثقافي مع بؤسه لكنه لا يزال حيا وهناك أسماء مثل مركز يبوس وندوة اليوم السابع والحكواتي وغيرها، لكن كل ذلك لا يشكل إلا نسبة بسيطة جداً من الحاجة للقوة".
أما في الجانب الآخر، فذكر أن الاحتلال يمارس قوة ناعمة مضادة تجاه الفلسطينيين كإسناد خطير وهام لقوته الصلبة، "فإسرائيل ترى أن القوة الصلبة قد لا تقدم حلولاً نهائية للصراع في مدينة القدس، لذلك قدمت مشاريع ذات ملامح ناعمة لاحتواء الصراع، ونزع قضية القدس من إطارها الاحتلالي".
تأطير مقصود
وأشار إلى بدء الاحتلال في تحويل ملف أي طفل معتقل من المقدسيين إلى يد بلدية الاحتلال للبحث عن مخالفات أو ديون متراكمة، في سعي يراه الباحث ناعما لتحويل السلطة الأبوية إلى جهاز تابع للشرطة، ثم نزع خطاب التسييس المقدسي وتحويله إلى خطاب حقوقي عبر محامين أو مفكرين أو سياسيين أو ناشطين، ثم تأطيره بإطار حقوقي إنساني فردي حده الأعلى تحسين ظروف الحياة ومحاربة التمييز.
وعن فرص القوة الناعمة في النضال المقدسي ضد الاحتلال، يرى الباحث الفلسطيني العديد من النقاط التي يمكن الانطلاق منها لبناء إستراتيجيات المواجهة الناعمة في القدس وفلسطين عموما، ومنها تصوير الفلسطينيين باعتبارهم شعبا مظلوما تحتله إسرائيل منذ أكثر من ستة عقود، والتحيز الكامل الأميركي لإسرائيل، وتراجع عبء ذكرى الهولوكوست في الوعي الأوروبي.
وأشار إلى أن نقطة أخرى يمكن الاستفادة منها وهي العدوان العسكري الإسرائيلي المتكرر على الفلسطينيين، الأمر الذي جعل الكثير من الصورة الحضارية التي روجت لها إسرائيل عن نفسها تتغير لصالح الفلسطينيين، والرغبة الغربية وخصوصاً الأوروبية في التواصل مع العرب، فضلاً عن نجاح نماذج تحررية مماثلة لحالة الفلسطينيين.
وأرجع شماسنة غياب إستراتيجية فلسطينية متعلقة بالقوة الناعمة في القدس إلى عدم وجود وعي كاف بوجود خطة إسرائيلية إستراتيجية متكاملة لمناهضة القوة الناعمة الفلسطينية تطبق يومياً وعلى مستوى ديوان رئيس الوزراء، مما قد يعزز المواجهة التي تقودها حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي أس) وفرض العقوبات عليها.
غياب الإستراتيجية
وقال إن الإشكالية الأخرى هي عدم تبني القوة الناعمة إستراتيجية مؤسساتية على مستوى الرئاسة الفلسطينية ورئاسة الوزراء، وغياب الانتخابات عن مؤسساتها وحلول المحاصّة العائلية وغيرها، في الوقت الذي لا تدار فيه القوة الناعمة الفعالة إلا بكفاءات محترفة ولا تُترك للاجتهادات والفرضيات.
ورأى أنه في الحالة الفلسطينية تعتبر القوة الناعمة أكثر احتياجا لبناء إستراتيجيات وطنية ومقدسية، داعيا إلى تأهيل النظام المؤسسي الفلسطيني عامة والمقدسي خاصة، وبناء عقيدة نضال وطني بإسناد القوة الناعمة.
وأكد على الحاجة لتدعيم النشاط الاقتصادي المقدسي، وتجنيد أصدقاء المدينة المقدسة وحلفائها وبناء مجتمع مقدسي مقاوم يعتمد ابتكار ميزات تنافسية طبية وعلمية وغيرها، علاوة على صياغة المبادرات القانونية دولياً ضد الاحتلال للمدينة المقدسة، لتدعيم أسس القوة الناعمة.