السعودية تبحث عن حلفاء عراقيين ضد إيران
وتكتسي زيارة الصدر طابعا خاصا، إذ يرى كاتب المقال الصحفي وباحث الأنثروبولوجيا السياسية في جامعة تورينو الإيطالية سيف الدين العامري أن "مقتدى الصدر يسعى إلى أن يكون من بين رجال الدين الشيعة المتمايزين بمواقفهم عن باقي القيادات التي لا تخفي ارتباطها بإيران بشكل أو بآخر".
فالصدر -حسب الكاتب- يريد إنهاء الهيمنة الإيرانية على العراق وينسجم في مواقفه مع الداعين لإقامة دولة مدنية هناك، كما عبر بشكل واضح عن العداء للنظام السوري الحالي، ودعا إلى دمج قوات الحشد الشعبي في الجيش العراقي الرسمي.
وبذلك فإن رؤيته تتقاطع "مع ما تطلبه المملكة العربية السعودية في المنطقة، الأمر الذي جعل من الصدر ضيفا مرحبا به في المملكة وفي دول أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة، وقد يؤثر ذلك بالإيجاب على بعض الملفات والمصالح التي لا تزال محل أخذ ورد بين العراق والسعودية".
ومن بين المصالح التي يرى العامري أن انفراجا ربما يحصل فيها "أنبوب النفط الرابط بين العراق والسعودية والذي ينتهي بخزانات كبرى للنفط على ميناء معجز شمال مدينة ينبع على البحر الأحمر".
وقد علقت السعودية العمل في هذا الأنبوب عام 1990 بعد احتلال العراق الكويت قبل أن تصادره في العام 2001، الأمر الذي "أثر سلبا" على علاقات البلدين، خصوصا أن العراق هو من تحمل بالكامل تكلفة هذا الأنبوب التي قاربت ملياري دولار.
ومن ناحية أخرى، لفت الكاتب إلى أن الصدر اصطحب معه وفدا من طلبة الحوزة العلمية بالنجف، مما قد يسبب "إحراجا للمسؤولين السعوديين وبالتالي تخفيضا لمنسوب الشحن الإعلامي".
وهو ما يتناغم كذلك مع ما جاء في البيان الصادر عن مكتب الصدر تعليقا على هذه الزيارة أنها أسفرت عن اتفاقية على "ضرورة تبني خطاب ديني معتدل وافتتاح قنصلية سعودية في النجف ومزيد من الاستثمار في مجالات عديدة -خاصة في الجنوب العراقي- وتقديم مزيد من المساعدات للنازحين".
وعن أهمية هذه الزيارة ومراهنة السعوديين عليها نقل الكاتب عن الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة فنار حداد في تصريح له لوكالة فرانس براس قوله "إن استضافة الصدر في الرياض وأبو ظبي تظهر للمنافسين الإقليميين -خصوصا إيران– أن السعودية والإمارات قادرتان على الاستفادة من الشيعية السياسية في العراق والتأثير فيها".
وحسب العامري، فإن التقارب بين السعودية والصدر يأتي بعد أن "تولدت قناعة لدى دول الخليج مع الوقت بأن التعويل على القنوات الرسمية مع العراقيين يعد رهانا غير موثوق ما لم يدعم بتحالفات من داخل الزعامات السياسية القوية في الشارع العراقي".