باحث: الأزمة في كتالونيا تغذيها خرافتان خبيثتان

استفتاء كتالونيا.. حلم قديم متجدد
استفتاء كتالونيا.. حلم قديم متجدد (الجزيرة)

قال الكاتب فيكتور لابوينت جينيه -أستاذ العلوم السياسية في جامعة غوتنبرغ بالسويد– إن استفتاء كتالونيا يمكن أن يسبب أزمة في أوروبا، ولكن إسبانيا ليست الدولة المركزية القمعية التي تدعيها حركة الاستقلال.

وتساءل جينيه في مقاله بصحيفة غارديان: كيف يمكن لبلد بهذا الأداء الاقتصادي والتنمية البشرية والنزاهة الديمقراطية، والذي تحسن بشكل كبير على مدى العقود الأربعة الماضية، أن يتعامل الآن مع واحدة من أسوأ الأزمات الإقليمية والدستورية في أوروبا؟

ويرى الكاتب أن الإجابة عن هذا السؤال لا تتعلق بالاقتصاد، لأن إسبانيا -وخاصة كتالونيا- تنمو بشكل أسرع من معظم البلدان الأوروبية، كما لا تتعلق بنزاع عرقي لغوي عميق، لأن العلاقة بين الكتالونيين والناطقين بالإسبانية مثالية، بل إن الأفكار هي المشكلة.

وقال إن هناك خرافتان "خبيثتان" هما أصل المأزق الحالي: الأولى -ويتقاسمها الانفصاليون الكتالونيون والمثقفون اليساريون العالميون على السواء- أن حكومة إسبانيا تاريخيا كانت استبدادية ومركزية، وثانيتهما -وهذا أمر شائع بين النقابيين الإسبان والمفكرين المائلين إلى اليمين العالمي- أن الصقور يتعاملون مع مثل هذه الأزمات أفضل من تعامل الحمائم.

إعلان

فالنظرة للحكومة المركزية الإسبانية كقوة قامعة هي التي غذت الحركة الانفصالية الكتالونية منذ البداية، وقد تغلغلت وجهة النظر هذه في جل التغطية الدولية لأي نزاع في كتالونيا.

وعلق بأن إسبانيا لم تكن أبدا مملكة مركزية مستبدة كما كانت تصور في المقارنات بين الإمبراطوريتين البريطانية والإسبانية، وأنها دولة غير مركزية برزت السياسات فيها نتيجة للمساومة بين مختلف الفصائل، وأضاف أن نجاحات وإخفاقات إسبانيا الحديثة تدين كثيرا لهذا الإرث المتفشي.

‪إدارة كتالونيا: مدريد فشلت في منع الاستفتاء بالقوة‬ إدارة كتالونيا: مدريد فشلت في منع الاستفتاء بالقوة (الجزيرة)
‪إدارة كتالونيا: مدريد فشلت في منع الاستفتاء بالقوة‬ إدارة كتالونيا: مدريد فشلت في منع الاستفتاء بالقوة (الجزيرة)

وانتقد الكاتب رد فعل الحكومة الإسبانية على الانفصال الكتالوني بهذه العدوانية الخرقاء، بدلا من أن تستثمر هذا النجاح في التنوع بين المدن والأقاليم الإسبانية غير المعروف في بلدان أخرى. ونتيجة لذلك بدت مدريد في ثوب قمعي غير فعال.

وكان من الممكن أن يسمح رئيس الوزراء ماريانو راخوي للكتالونيين بالتصويت في استفتاء افتقر إلى المسوغات الديمقراطية الأساسية وما كان ليُعترَف به من قبل المجتمع الدولي. وهذا ما فعله في عام 2014 عندما نظم الانفصاليون استفتاء غير قانوني، لكنه هذه المرة اختار عدم غض الطرف.

وبهذه الطريقة كانت خطوة راخوي غير مثمرة، ذلك لأن النخبة السياسية البيروقراطية التي تسيطر على حزب المحافظين الشعبي الحاكم، لم تفهم أن الدولة الحديثة لا تعتمد على احتكار العنف بل على احتكار الشرعية.

وتوصل الكاتب إلى صفتين تجعلان المشكلة الكتالونية صعبة بشكل خاص: الأولى أن المجتمع الكتالوني منقسم بالتساوي لدرجة أن قيام كتالونيا مستقلة غير محتمل مثل اختفاء النزعة الانفصالية من الأجندة السياسية، وثانيا أن النزعة الانفصالية لديها دعم أقوى بين الطبقات العليا والمتوسطة ذات النفوذ السياسي مقارنة بالفئات الاجتماعية الاقتصادية المحرومة.

وختم بأن من المحتمل أن تتصاعد الاضطرابات الداخلية في إسبانيا، مما يؤدي إلى أزمة دولية من خلال إجبار اللاعبين الدبلوماسيين الرئيسيين على الانحياز. ومع أن البلاد بعيدة عن التوترات الانفصالية في الدول الشيوعية السابقة، من البلقان إلى أوكرانيا، فإنها تسير في هذا الاتجاه.

المصدر : غارديان

إعلان