إصدار لمؤسسة القدس يرصد أثر المتغيرات على المدينة

غلاف كتاب- القدس في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية..واقع ومستقبل
الكتاب انتقد تجاهل المنظمات العربية والدولية حقيقة ما يجري من هجمات تهويدية ضد التراث المقدسي
الجزيرة نت/خاص

أكدت ورقة بحثية في كتاب موسوعي أصدرته مؤسسة القدس الدولية وجود تقصير وإهمال عربي وفلسطيني تجاه القدس، وفي المقابل وجود سباق مع الزمن من قبل الاحتلال لفرض وقائع ملموسة في المدينة بالتهويد والاستيطان.

ويحمل الكتاب عنوان "القدس في ضوء المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.. واقع ومستقبل"، ويضم الأوراق والدراسات البحثية التي قُدمت في مؤتمر القدس العاشر بغزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ودراسات حول عناوين مهمة؛ فلسطينية وإسرائيلية وإقليمية ودولية.

واحتوى الكتاب الذي جاء في 550 صفحة، وشارك في إعداده عشرون باحثا فلسطينيا وعربيا، على جملة من الخرائط التوضيحية والجداول الإحصائية الخاصة بالقدس، وتقديم رؤى استشرافية لمستقبلها، والجهود المحلية والإقليمية والدولية للدفاع عن القدس.

تهويد الأقصى
افتتح الكتاب بدراسة عن المحاولات الإسرائيلية لتهويد المسجد الأقصى، وذكرت أن سلطات الاحتلال عملت على السيطرة الكاملة على القدس، وإضعاف ارتباطها بالمدن الفلسطينية بالضفة الغربية, عبر حزام المستوطنات الذي يلُفها من جوانبها, وصعوبة دخول سكان الضفة وغزة إلى القدس إلا بتصاريح خاصة, وفي أوقات وأعمار محددة, وأماكن معينة فقط.

الاحتلال أقام الجدار العازل وعزل القدس عن محطيها ويمضي في سياسة التهويد وتغيير معالم المدينة (الجزيرة)
الاحتلال أقام الجدار العازل وعزل القدس عن محطيها ويمضي في سياسة التهويد وتغيير معالم المدينة (الجزيرة)

وتناولت دراسة أخرى السياسات الإسرائيلية بمدينة القدس عبر قوانين تهويدها، وتشريع مصادرة أراضيها، بجانب الحفريات وفتح الأنفاق؛ ومصادرة المباني والوحدات السكنية، واتباع أسلوب الترحيل الإجباري، وطرد المقدسيين، مشيرة إلى دور جدار الفصل والتوسع الاستيطاني في تهويد المدينة، بوصفها جوهر المشروع الصهيوني.

وأخذ واقع التعليم في القدس حيزا من الكتاب؛ فبين أن التعليم في المدينة يعاني من صعوبات كبيرة بسبب الممارسات الإسرائيلية، التي تستهدف العملية التعليمية بكل مكوناتها، بدءاً من الطالب والمعلم والمنهاج والمؤسسات التعليمية، كجزء من المخططات الإسرائيلية لتهويد القدس، حيث تقوم إسرائيل بمحاولات ممنهجة لفرض منهاجها على الطلبة المقدسيين لأسرلتهم، وإضعاف الانتماء الوطني لديهم.

إحدى دراسات الكتاب تناولت الخطوات الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى والقرارات ضد مصاطب العلم والرباط فيه، واقتحامات الأقصى من وزراء وأعضاء كنيست، وحاخامات ووحدات خاصة وعناصر المستعربين، إلى جانب استمرار المخططات الإسرائيلية لتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً, ومنع المصلين من الوصول إليه بفرض إجراءات تعسفية وقوانين عنصرية بحقهم.

ويؤكد الكتاب أن الاحتلال سعى لتنفيذ مخططاته الدينية في القدس والمسجد الأقصى، وتحكم الجيش في بوابات الأقصى، بزعم الخشية من تغير الوضع القائم فيه، عبر إقصاء الأوقاف الإسلامية، مما يعني انقلابًا على الوضع القائم الذي ساد في العهود العثمانية والبريطانية والأردنية.

الكتاب أكد غياب خطة واضحة لحماية التراث المقدسي والحفاظ عليه (الجزيرة)
الكتاب أكد غياب خطة واضحة لحماية التراث المقدسي والحفاظ عليه (الجزيرة)

واحتوى الكتاب على دراسة تناولت دور المنظمات العربية والدولية في حماية التراث المعماري في القدس، من المخاطر التي تتهدده، وأثرها على هوية المدينة وتاريخها، في ظل الصعوبات الكبيرة التي تواجه الحفاظ عليه، وعدم اهتمام إسرائيل بالقوانين الدولية التي تنص على حمايته، مؤكدة تجاهل المنظمات العربية والدولية حقيقة ما يجري من هجمات تهويدية بحق التراث المقدسي، وعدم كفاية القوانين والتشريعات المتعلقة بالحفاظ عليه، وغياب خطة واضحة لحمايته، وقلة المعلومات المتوفرة عنه، وشح التمويل المتوفر لصيانته، ونقص الكوادر الفنية المؤهلة للعمل في مشاريعه.

وتطرق الكتاب لدور الشركات متعددة الجنسيات في الاستثمار التهويدي للقدس، عبر المعونة والمساعدة والتوجيه والتمويل، وتقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة للاحتلال لتهويد المدينة، مؤكدا أنه رغم علم هذه الشركات الدولية بعدم قانونية الاستثمار في الأراضي المقدسية المسروقة، فإن بعضها تلجأ للاحتيال في ادعائها بتصفية استثماراتها في القدس، أو بالشراكة مع إسرائيليين بتأسيس شركات لخدمة هذه المشاريع، أو شراء حصة لها من أسهم هذه الشركات.

وضم الكتاب دراسات تناولت المواقف العربية؛ الرسمية والشعبية من القدس، وأكدت وجود ما عدّته تقصيرا وإهمالا عربيا وفلسطينيا تجاه وضعية القدس في المفاوضات الفلسطينية والعربية مع إسرائيل، مع غياب إستراتيجية مفاوضات فلسطينية عربية حولها، بالتزامن مع إجماع إسرائيلي حول مزاعم الحق التاريخي اليهودي في القدس، وضمان وحدتها الجغرافية بشقيها الشرقي والغربي كعاصمة إسرائيل، وعدم تجزئتها، وتعميق سيطرتها عليها.

الاحتلال في سباق مع الزمن لفرض وقائع ملموسة في القدس أهمها المستوطنات (الجزيرة)
الاحتلال في سباق مع الزمن لفرض وقائع ملموسة في القدس أهمها المستوطنات (الجزيرة)

فرض الوقائع
أوضح الكتاب أن إسرائيل دخلت في سباق مع الزمن لفرض وقائع ملموسة في القدس، لتقليص المساحة الجغرافية التي ستؤول للسلطة الفلسطينية في إطار نتائج أي مفاوضات مستقبلية معها، ولذلك لم تنجح المفاوضات في جسر الهوة بين الموقفين الفلسطيني والإسرائيلي حول القدس، مما يشير إلى أن إسرائيل غير معنية بإيجاد حل لها، وتسعى لخلق واقع معيشي للفلسطينيين يتماشى مع مصالحها، وحصر قضية القدس في الإشراف الديني على مقدساتها الإسلامية، وأما السيادة عليها فهي غير قابلة للنقاش من قبل الإسرائيليين.

الدور الأردني في القدس حظي بمكانة واضحة في دراسات الكتاب، حيث أشارت إحداها إلى أن المدينة احتلت موقعاً متميزاً في السياسة الرسمية الأردنية يختلف عن بقية الدول العربية، لأنها كانت جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية، منذ وضع الجزء الشرقي منها تحت إدارتها عام 1948، حتى قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة عام 1988، وبقاء المقدسات والمسجد الأقصى تحت الإشراف الأردني.

ورجحت الدراسة أن يتقدم الدور الأردني في ما يتعلق بالمواجهة الحالية بالمسجد الأقصى، كونه الرئة الجغرافية للضفة، والميل الأميركي والإسرائيلي لوجود ضامن إقليمي بجانب السلطة الفلسطينية، نظراً للشكوك التي تراودها حول قدرتها على البقاء، علاوة على محافظة الدور الأردني على استقرار المحيط الجغرافي.

المصدر: الجزيرة

إعلان