هيلموت شميت: العالم الإسلامي بين قوى الغد الصاعدة

خالد شمت-برلين
توقع المستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت صعود العالم الإسلامي والصين وأفريقيا كقوى جديدة ومؤثرة بالمشهد العالمي خلال الـ35 عاما القادمة.
واعتبر شميت -الذي شغل منصب مستشار ألمانيا بين عامي 1974 و1982 ويعد من كبار المنظرين السياسيين في بلاده- بمقابلة مع صحيفة بيلد الشعبية أن النمو الديمغرافي سيلعب دورا مؤثرا بصعود قوى سياسية جديدة وتراجع قوى أخرى تتصدر الساحة الدولية حاليا مثل أوروبا.
وأوضح أن شبه التكافؤ العددي القائم في العالم حاليا بين المسلمين والمسيحيين مرشح للتغير بشكل كبير بحلول منتصف القرن الجاري، بحدوث نمو كبير في التعداد السكاني للمجتمعات المسلمة مقابل تراجع كبير بأعداد الشعوب المسيحية.
وقال إن هذا الوضع سيؤدي بشكل طبيعي لتراجع تأثير أوروبا ذات الطابع المسيحي نتيجة الانخفاض الحاد المتواصل منذ عقود بمعدلات مواليدها.
ورأى أن إنجاب الأسر الألمانية ما معدله 1.3 طفل بالمتوسط، مقابل أربعة أطفال بالمتوسط للأسر المسلمة سيكون له تداعيات قوية.
تراجع أوروبا
وأشار شميت -الذي يعتبر رئيسا فخريا مدى الحياة، ومن الآباء الروحيين للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك الثاني للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل بالحكومة الألمانية الحالية- إلى أن عدد سكان الكرة الأرضية زاد في القرن الماضي من 1.6 مليار نسمة إلى ستة مليارات نسمة.
وأضاف أن العدد أصبح حاليا سبعة مليارات نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى عشرة مليار نسمة عام 2050.
وذكر أن "إسهام أوروبا في الاقتصاد العالمي بلغ 30% عام 1950 ومرشح ليصل في منتصف القرن الحالي إلى 9% بسبب تراجعها السكاني ونمو باقي مناطق العالم سكانيا، وهذا سيقود لنزاعات لا مفر منها".
ورأى أنه لا توجد -نتيجة الأزمة الأوكرانية الحالية- أي مؤشرات لتقارب روسيا والاتحاد الأوروبي من أجل التعاون مستقبلا.
وأوضح أن الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين وخلفاءه سيظلون لفترة طويلة حتى عام 2050 مشغولين بالحفاظ على مستعمراتهم السابقة التي سيحقق فيها الإسلام صعودا قويا.
وتوقع مستشار ألمانيا الأسبق مواصلة الولايات المتحدة احتفاظها بمكانتها كقوة عظمي حتى منتصف هذا القرن مع حدوث تراجع قوي بتأثيرها العالمي بسبب تزايد عدم الاهتمام الذي بدأ من وقتنا الراهن لمواطنيها بالنزاعات في العالم.
وأشار إلى أن الأميركيين سيكونون بمنتصف القرن الحالي على حالة من الرفض الشديد لأي مشاركة عسكرية لبلادهم في حروب الشرق الأوسط أو آسيا.
واعتبر شميت أن الصين ستصبح القوة الثانية في العالم بحلول نصف القرن ومعها الهند فيما يتعلق بالتجارة والاقتصاد، ولفت إلى أن هذا الوقت سيشهد فرصا ومخاطر ناتجة عن صحوة شعوب العالم الإسلامي وأفريقيا السوداء وتطلعها لمكان مناسب في العالم.
ورأى في السياق نفسه أن استمرار التدفق الحالي لموجات الهجرة غير النظامية القادمة من شمال أفريقيا ستحمل معها أيضا مخاطر أزمة دائمة في صورة حرب بلا إعلان حرب على حدود أوروبا الخارجية.
احتياجات
واستبعد شميت تسبب النمو السكاني الكبير على الأرض بمنتصف هذا القرن في حدوث نقص كبير في النفط والماء والغذاء.
وقال إن العالم سيشهد بهذا الوقت اكتشاف مواد خام لم تكن معروفة بالسابق وتكنولوجيات جديدة.
ولفت إلى أن زيادة مستويات المخزون الاحتياطي العالمي الحالي من النفط عن مثيله الذي كان موجودا قبل عشر سنوات إضافة إلى الاكتشافات البترولية المتوقعة مستقبلا يعني أن مخزون هذه المادة الخام سيكون كافيا في الـ35 عاما القادمة.