اقتصاد القدس القديمة يحتضر

أسيل جندي-القدس المحتلة
اعتاد التجار بالبلدة القديمة في القدس المحتلة على حالة الركود الاقتصادي وكساد بضائعهم، لكنهم لم يعتادوا بعد على الإجراءات الإسرائيلية الجديدة التي تستهدف أمنهم قبل مصدر رزقهم.
فبالإضافة لشن سلطات الاحتلال هجمة شرسة ضد التجار المقدسيين مؤخرا والمتمثلة بعقابهم بشكل جماعي من خلال الضرائب والمخالفات التعسفية أصبح التاجر يتعرض للتفتيش الدقيق من ثلاث إلى أربع مرات قبل وصوله لمحله التجاري، كما يتم استدعاء العديد منهم بشكل يومي للتحقيق معهم دون أسباب واضحة.
ويجمع تجار البلدة القديمة على أن الأيام الحالية هي الأصعب على الصعيدين الأمني والاقتصادي، فيما ينظر مراقبون بعين الخطورة لمصير التجارة بالبلدة القديمة في القدس إذا ما استمر الحال كما هو عليه خلال الأشهر القادمة.
وحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، توجد في محافظة القدس تسعة آلاف منشأة اقتصادية، أربعة آلاف منها بأسواق مدينة القدس، ويبلغ عدد المحال التجارية في البلدة القديمة 1400، أغلقت أبواب 250 منها حتى الآن بسبب التضييق الإسرائيلي على التجار وهو ما نسبته 20% من العدد الإجمالي.

الدفع للهجرة
وقال التاجر المقدسي أبو خالد إن عدد أفراد جيش وشرطة الاحتلال في أسواق البلدة يفوق عدد المتسوقين بكثير، وإن من يحالفه الحظ من التجار هو من يعود لمنزله سالما دون أذى "أصبحنا نفكر عشرات المرات قبل وضع أيدينا في جيوبنا أثناء التوجه للعمل فقد تعتبرها الشرطة محاولة لتنفيذ عملية طعن".
وتابع "نتعرض لإذلال يومي بتفتيشنا عدة مرات قبل الوصول لمحالنا، وعندما نفتحها نستقبل يوميا طواقم من بلدية الاحتلال التي تتعمد تحرير مخالفات لنا وتفتح لنا ملفات ضريبية جديدة، وهذا يراكم علينا الديون رغم أن الدخل لا يكفي لقوت أولادنا اليومي".
ليس بعيدا عن ذلك يقول التاجر غالب حجازي إن التجار يتعرضون لمحاولات استفزاز يومية بهدف تهجيرهم من البلدة القديمة، مؤكدا أنهم لن يكونوا لقمة سائغة للمحتل مهما بلغ حجم التضييق "ضريبة الأملاك التي أدفعها للبلدية سنويا قيمتها 16 ألف شيكل (حوالي أربعة آلاف دولار)، في حين أن مستوى الربح اليومي حاليا صفر، نحن راضون بذلك لكن تبقى المشكلة بملاحقتنا يوميا وفرض مزيد من المخالفات علينا".

مصير كارثي
من جانبه، قال مدير عام الغرفة التجارية الصناعية في القدس فادي الهدمي إن الخسائر الاقتصادية لتجار البلدة القديمة منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي تقدر بملايين الشيكلات، وإن مصير التجارة بالقدس القديمة سيكون كارثيا إذا استمر الحال كما هو عليه الآن.
وأضاف الهدمي للجزيرة نت أن "الغرفة تتخذ آليات لدعم صمود التاجر المقدسي وتخفيف وطأة تداعيات الأحداث الأمنية على عمله، سواء كان ذلك آنيا أو من خلال خطط إستراتيجية بعيدة المدى".
وأشار الهدمي إلى أن عددا من المحال في شارع الواد الأكثر حيوية أغلقت أبوابها خلال الأيام الماضية بسبب الحصار وحالة الركود الاقتصادي التام "كنا نعاني سابقا من الحصار على حدود المدينة والمتمثل بالحواجز التي تفصل الضفة الغربية عن القدس، لكننا نتحدث الآن عن حالة من حصار الأحياء داخل القدس، بالإضافة لإحكام القبضة على البلدة القديمة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، الأمر الذي يدفع الكثيرين للتردد من التوجه لأسواقها".
بدوره، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن اقتصاد القدس بدأ يتضرر منذ بناء الجدار العازل، ومنع من يعيشون خلفه من التوجه للقدس والتسوق فيها، إذ أصبحت الحركة الشرائية تقتصر على المقدسيين داخل الجدار منذ ذلك الحين.
وأردف أن "مراكز التسوق الإسرائيلية والمنافسة التي خلقتها من خلال التسهيلات التي تقدمها للمستهلك ألحقت ضررا بالاقتصاد المقدسي أيضا، خاصة عندما نتحدث عن أن عددا كبيرا من المستهلكين في القدس هم تحت خط الفقر".
وأضاف الحموري في حديثه للجزيرة نت أن المؤشرات التي يتم رصدها يوميا في شارع الواد بالقدس مقلقة وسلبية جدا، وأن معاقبة التجار بالغرامات العالية والديون المتراكمة عليهم قد تهدد الكثيرين بفقدان محالهم التجارية التي يتخوف المواطنون من التوجه لها والشراء منها بسبب الإجراءات الإسرائيلية المتصاعدة.