تلغراف: الأسد يكسب الوقت


قالت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية إن قلة عدة وعتاد الثوار وانقسام المعارضة سمح للرئيس السوري بالتشبث بالسلطة، مشيرة إلى أنه عندما يسقط أحد الثوار في القتال تكون أولوية زملائه الأولى هي استرجاع سلاحه وذخيرته، فيما يأتي دفنه في المرتبة الثانية من شدة حاجتهم للوازم الحرب الأساسية.
وبدا الموقف رهيبا لأعداء الرئيس بشار الأسد منذ أن شن الجيش السوري هجوما مضادا وشرسا. وكانت الوديان وغابات الصنوبر بمحافظة إدلب على الحدود الشمالية مع تركيا مسرحا مثاليا لحملة عنيفة استعادت المبادرة العسكرية للسلطة بعد عام من الثورة.
وتمضي الصحيفة للقول إن تحول الكفة لصالح الأسد بعد التنبؤ بسقوطه الوشيك جعل تركيا وحلفاءها الغربيين يعيدون سرا تقييم سياساتهم وقللوا من سقف آمالهم. وبعد أن كانوا واثقين بما يكفي للمصادقة على خطة سلام الجامعة العربية التي حثت الأسد على التنحي وتسليم السلطة لنائبه نفذ اليوم "أصدقاء سوريا"، كما يسمي خصوم النظام الدوليين وبريطانيا وأميركا أنفسهم، تقهقرا سريا واختاروا المصادقة على الاقتراحات المتواضعة لكوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة.
وبدلا من المطالبة باستقالة الأسد تدعو هذه الخطة المكونة من ست نقاط إلى مباحثات سلام بالإضافة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح السجناء وفتح طريق لهيئات الإغاثة، وهو ما يعني أن خطة أنان تعترف ضمنا بحق الأسد في تمثيل نظامه.
الثوار يستطيعون استرداد عافيتهم إذا توفر لهم ثلاثة مقومات حيوية: ملاذ في دولة مجاورة ومستويات هامة من التأييد الشعبي وأنصار رسميون أقوياء |
وهكذا فإن مقترحات أنان ترقى إلى ما يمكن تسميته "أكبر نجاح حتى الآن" لدبلوماسية الأسد التي كسب بها وقتا كثيرا وأعاد تشكيل نفسه كممثل في النقاشات بشأن مستقبل سوريا.
ومما يضعف موقف الثوار أن بريطانيا وفرنسا -المقيدتين بحظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا- استبعدتا تزويد الثوار بالأسلحة. لكن السعودية وقطر وعدتا علنا بتزويدهم. لكن حتى الآن ليس هناك إشارة لوصول أسلحة ويبدو أنه مجرد كلام، كما قال أحد قادة الثوار، وأن لا شيء يحدث على الأرض وأنها مجرد سياسة بجعل الناس متفائلين من أجل لا شيء.
وبعيدا عن أي مساعدة خارجية يقول الثوار المقاتلون إنهم يمولون أنفسهم ذاتيا ببيع منازلهم وأراضيهم وماشيتهم لشراء أسلحتهم وذخيرتهم.
وعلى صعيد آخر هناك المعارضة السورية التي لا تهتم إلا بنفسها ومستقبلها السياسي وتعيش حياة مترفة بأموال يمكن إدخالها لسوريا.
وقالت الصحيفة إن مساعدة المعارضة السورية المنقسمة لتصير قوة متماسكة تمثل أولوية أساسية للحكومات الغربية. ويقر الدبلوماسيون فيما بينهم أن النظام السوري كسب لنفسه مزيدا من الوقت لكنهم ما زالوا يتوقعون أن الأسد سيسقط في النهاية. لقد كسب الأسد مهلة لكنه لن يتمكن من إعادة عقارب الساعة إلى حقبة ما قبل بداية الثورة.
وختمت الصحيفة بأن الثوار يستطيعون استرداد عافيتهم إذا توفر لهم ثلاثة مقومات حيوية: ملاذ في دولة مجاورة، ومستويات هامة من التأييد الشعبي، وأنصار رسميون أقوياء. والجيش السوري الحر لديه كل المقومات الثلاثة. فتركيا توفر الملاذ الآمن والسعودية وقطر توفران المقومين الآخرين والمسألة هي توقيت البدء وحينها من المحتمل أن يتمكن الثوار من إعادة تجميع أنفسهم بنجاح.