روسيا تواجه أزمة سلامة جوية


روسيا التي كانت ذات يوم قوة نقل جوي عالمية أصبحت الآن أخطر دولة يركب فيها الإنسان طائرة.
فقد كشفت تحقيقات في تسع حوادث تحطم طائرات تجارية هذا العام -بما في ذلك واحدة قتل فيها فريق محترف للهوكي بالكامل- مجموعة كبيرة من الخروق والأخطاء الجسيمة مثل طواقم طيران مخمورين أو مخدرين ووثائق سلامة مزيفة وطيارين مذعورين. وفي أحد الحوادث استخدم الملاح أجهزة التوجيه الخطأ ووجه طائرته نحو شجرة بعيدا جدا عن المدرج.
ويشار إلى أن حوادث تحطم الطائرات الروسية التي كان فيها وفيات كثيرة تجاوزت هذا العام تلك التي في الدول الأقل تقدما التي لديها مشاكل سلامة منذ فترة طويلة. وثماني حوادث من التسع كانت الطائرات فيها من الحقبة السوفياتية.
لكن كثيرا من الخبراء يقولون إن المشكلة الحقيقية ليست في قدم المعدات ولكن في القوانين غير المجدية. وشركات الطائرات الصغيرة غير الكفء وضعف تدريب الطيارين الذين لا يتواكب مع إجراءات السلامة الحديثة.
وتعطي حوادث الطيران الروسية أهمية خاصة لمشكلة تؤرق صناعة الطيران العالمية وتبين محدودية الجهود الناجحة عموما لتقليل خطر السفر الجوي.
ويعتبر التشديد على إجراءات السلامة سببا رئيسيا للانخفاض العالمي في الحوادث خلال السنوات الأخيرة.
ضعف المراقبة
ويقر الخبراء بأن ضعفا كبيرا في نظام الأمم المراقبة لبعضها هو الطيران المحلي في الدول التي تميل شعوبها لتجاهل المخاطر حيث يتغاضى كثير من الطيارين وميكانيكيي الطائرات عن قواعد السلامة الأساسية التي أصبحت طبيعة ثانية في أماكن أخرى، كما في وسط روسيا.
والطائرات المحلية تعمل في ظل لوائح داخلية أضعف بكثير من القواعد العالمية التي تواجهها الطائرات الروسية الدولية.
فالتزييف شائع نزولا إلى الاستخدام الواسع لقطع غيار مغشوشة. ونفس هذا النوع من المشكلات المجتمعية موجود أيضا في أماكن من أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
ومن جانبها ترى أجهزة مراقبة السلامة الجوية بالاتحاد الأوروبي في موقف روسيا مرآة عاكسة لمجتمع تتجاهل فيه قوانين وقواعد السلامة بصفة متكررة.
ويقدم الاتحاد المساعدة لكن المتخصصين يقرون بأنهم ليس لديهم سلطة على شركات الطيران التي لا تغادر روسيا.
لكن الخبرة من دول أخرى تشير إلى ضرورة اتخاذ روسيا خطوات محددة. فهذه نيجيريا التي كانت من أخطر أماكن السفر قبل ست سنوات أصبحت أكثر أمانا بكثير والفضل للجهود الحكومية والدولية الجماعية.
كما أن الصين اتخذت خطوات كبيرة أيضا في هذا المجال وهو ما جعل الطيران الصيني من بين الآمن في العالم خلال عامين فقط.
ويلقي مسؤولو السلامة بلائمة التراخي على جهود الكرملين السابقة لتعزيز هذا المجال بتقليل التفتيشات وهو ما حدا بمحققي حوادث تحطم الطائرات إلى اتخاذ خطوة غير عادية مؤخرا بمطالبة موسكو بتسريع تبني قواعد السلامة الدولية محليا.
ويشير المحققون إلى أن الفحوصات الطبية لطواقم الطائرات قبل السفر، وهي مطلب مستخدم في جميع أنحاء العالم، كانت تُزيف في روسيا بطريقة روتينية.