خيار آخر لتجنب الحرب مع إيران

تزداد الدعوات في الغرب لاتخاذ إجراءات أشد ضد إيران، وخاصة بعد مهاجمة السفارة البريطانية في طهران والمخطط الإيراني المزعوم لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وآخر تقرير عن برنامجها النووي.
ويدق بعض القادة الإسرائيليين مرة أخرى طبول الحرب بشن هجوم لمنع إيران من تصنيع أسلحة نووية، في حين يسعى الكونغرس الأميركي إلى شل حركة الاقتصاد الإيراني بمعاقبة أي دولة تتعامل مع بنكها المركزي.
لكن هناك خيار آخر -كما تقول افتتاحية صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية- أقل بكثير من الحرب أو أي عقوبة اقتصادية خانقة يمكن أن تشعل فتيل الحرب. وهذا الخيار يقوم على نفس الإستراتيجية التي استخدمها الغرب لإسقاط الاتحاد السوفياتي والتي تعني ببساطة احتواء وتقييد النظام إلى أن تؤدي الفكرة الخاطئة التي هي نفس الأساس لبقائه إلى زواله.
ففي الحالة السوفياتية انهارت الشيوعية بسبب وهم أساسي. فقد تبين أن الازدهار لا يقوم على العمالة اليدوية، كما كان يفترض ماركس، أو على الأشياء المادية.
ولكن، كما كان يعرف الغرب دوما، الثروة الحقيقية تتشكل من أفكار جديدة ورغبة الأفراد في الاستثمار في رؤى إبداعية، كمحرك بحث إنترنت أفضل أو مفاهيم خلاقة في الطاقة الشمسية. وبحلول ثمانينيات القرن الماضي أصبح الاقتصاد السوفياتي أضعف من أن يحافظ على الإمبراطورية العسكرية.
كذلك فإن النظام الإيراني يقوم على أفكار خاطئة وتناقضات داخلية تقوض سلطته ببطء.
تآكل النظام
وكما يتبين من التناحر الداخلي الأخير بين الفصائل الإيرانية، فإن الجمهورية الإسلامية تتآكل تدريجيا بسبب أصولها الخاطئة. واقتناص السلطة من قبل أتباع المتنافسين الرئيسين -الرئيس محمود أحمدي نجاد والمرشد الأعلى علي خامنئي- يجعل النظام يهترئ، وهو نظام فقد شرعيته بالفعل أمام شعبه. والربيع العربي بمثاله الديمقراطي الرنان دمر إيران أيضا كنموذج للإسلاميين بين المسلمين. وسوريا الحليف العربي الوحيد لإيران في حرب أهلية.
وفي عام 2009، بعد ثلاثة عقود من تقلد الإسلاميين السلطة في طهران، ثار الشعب الإيراني وخرج إلى الشوارع. وعلموا أن الوهم قد ولى. وبينما سحق الحكام الحركة الخضراء استمر العف ينخر في النظام من الداخل.
وبإمكان الرئيس باراك أوباما وزعماء الغرب الآخرين أن يعجلوا بهذا الزوال البطيء بإستراتيجية احتواء طويلة الأناة ولكن ثابتة، كما قال الدبلوماسي الأميركي جورج كنان الذي شرح الإستراتيجية ضد الاتحاد السوفياتي. فيجب عليهم أن يقدموا مطالب أقوى من أجل الشفافية وتفتيش المنشآت النووية الإيرانية، ومن ثم يجبرون النظام على الاعتراف بطموحاته. ويمكنهم أن يستخدموا في ذلك وسائل سرية مثل فيروس ستكسنت لتأخير برنامجها النووي.
أما الهجمات العسكرية على إيران أو العقوبات الصارمة فإنها ستعزز قوة النظام. ومع ذلك فإن العقوبات الذكية التي تضر بالاقتصاد بطريقة تجعل الإيرانيين يلومون قادتهم قد تنفع. والفساد والتضخم قد عجل بالفعل بهذا الأمر. وهذا النوع من اليقظة المتأنية يمكن أن يمنع الحرب، وربما يسبب بداية سقوط نظام شُيد على رمال الأفكار الخاوية.