صحيفة: نوري المالكي يمزق العراق

بدلا من مراسم الاحتفال بخروج آخر جندي أميركي من العراق معلنا نهاية الحرب هناك، وبدلا من النقاشات الحوارية عن ما إذا كانت الحرب تستحق ذلك، فقد كان الواقع مأساويا، بصفة خاصة في التلفزيون العراقي، ففي صبيحة الاثنين الماضي، ظهر ثلاثة رجال يقدمون اعترافات عن قيامهم بتفجيرات واغتيالات.
وما جعل هذه الاعترافات المزعومة قوية -حسب صحيفة ديلي تلغراف- هو أنها تناولت شخصية مهمة في النظام العراقي إنه طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، والشخصية السنية الأبرز في تحالف الحكم ببغداد.
كما أصدر رئيس الوزراء نوري المالكي مذكرة اعتقال بحق الهاشمي بدعوى أنه كان العقل المدبر لفرقة اغتيالات لمسؤولين بارزين.
وتشير ديلي تلغراف إلى وجود أزمة سياسية تختمر الآن، ولفهمها ينبغي تذكر شيء مهم وهو أن العراق ليس ديمقراطية طبيعية في الواقع بل دولة تفاوضية متوازنة بدقة بين إثنيات وطوائف متنوعة. وأن الأمر أشبه بلعبة جيو سياسية، إذ إن إزالة قالب منها -وهنا المقصود زعيم سني واحد- فإنه يمكن أن ينهدم الصرح بأكمله. ولهذا السبب ظهر الهاشمي فجأة -بعد أن ضيق عليه- في شمالي العراق -الواقع تحت سيطرة السلطات الكردية- وعلم أن بغداد لا يمكن أن تصل إليه هناك وهو الآن هارب من حكومته.
وقالت الصحيفة إن هذه الظاهرة العربية ليست غريبة. فعلماء السياسة يطلقون عليها اسم "التوافقية" وهي نوع من تقاسم السلطة معمول به في دول من بلجيكا إلى سنغافورة.
والسياسة العراقية تشكلت باتفاق أبرم عام 2005 بحيث تؤول الرئاسة إلى الأكراد ورئاسة الوزارة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة. لكن المشكلة هي أن هذا الوضع يصبح شديد التقلب عندما تكون البنادق، وليس الخدمة المدنية المنصفة، هي التي تحفظ التوازن.
كما أن الأمر يصبح إشكاليا عندما يوجه فصيلٌ القوة َالعسكرية للدولة نحو فصيل آخر. ولفترة طويلة كانت وزارة الداخلية العراقية تدير فرق الموت الشيعية لمهاجمة الخصوم السياسيين من السنة -حسب الصحيفة- لذا فليس من الصعب اعتقاد أن القوة السياسية السنية قد تورطت أيضا في اغتيالات للمضي قدما.
وختمت ديلي تلغراف بأنه ينبغي على العراق أن يتجاوز هذه الأزمة التي يعيشها الآن. فالسنة لن يتخلوا عن حصتهم في الحكومة والشيعة سيتراجعون خطوة إلى الوراء بعيدا عن حافة الهاوية.
لكن إذا استمر المالكي في تقويض قواعد لعبة التسوية السياسية في العراق فإن الصرح كله سينهار في نهاية المطاف.