حتى لا تأكل الثورة أبناءها

قال الكاتب ديفد إيغناتيوس في مقال له في صحيفة واشنطن بوست، إن على المنتفضين ضد تسلط الطغاة والحكم الشمولي أن يعوا بأن الجموع الثائرة لها سلطان لا يقل في وقعه عن ذاك الذي يمثله الطغيان الرسمي، وإن على الثوار أن يعرفوا كيف يتعاملون مع ذلك السلطان بعد التخلص من الحكم الشمولي الذي ثاروا ضده.
ويضيف الكاتب أن هذا الأمر ينطبق ليس على العرب فقط، بل حتى على الدول غير العربية التي تشكو من قيود تفرضها المجموعات الحاكمة مثل إيران والصين. ويرى أن هناك تحديا كبيرا أمام الثوار في كل مكان يتمثل في قدرتهم على سن دستور جديد يحفظ الحقوق والحريات الشخصية للمجتمع.
ويشير الكاتب إلى أن العرب قد سئموا من الاستماع إلى نصائح الغرب حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، وخاصة بعد التجربة المأساوية للولايات المتحدة في العراق والطريقة التي حاولت بها فرض الديمقراطية هناك.
ويستشهد الكاتب بتعليق الأستاذ في جامعة جورج واشنطن الأميركية نَيثان براون -الذي درس الدساتير العربية- يقول فيه "إن معظم نصائحنا سوف تكون سيئة وغير ذات صلة".
إن كتابة الدستور ما هي إلا البداية فقط، ويقول الكاتب إن على العرب أن يعوا درس الثورة الفرنسية، التي جاءت تحت عنوان "حقوق الإنسان" ولكنها سرعان ما تحولت إلى إرهاب ودكتاتورية.
ويركز الكاتب على نقطة يعتبرها محورية: ليس المهم هو كتابة وثيقة الدستور وإنما كيف يطبق. ويستدل الكاتب على ذلك من بعض الدساتير العربية التي كتبت بلغة غاية في التحضر والتفهم للحرية والعدل والمساواة، لكن على الأرض لم تكن تطبق، لا بل كانت بعض الدول التي كتبت دساتير متحضرة واقعة في الواقع تحت حكم بوليسي.
ويستعرض الكاتب التجربة المصرية في هذا السياق، حيث من المتوقع أن يكرر الدستور الجديد ما نص عليه الدستور القديم وهو أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ويمنح طيفا أوسع للحريات والمجتمع المدني. لكن السؤال الذي يطرحه الكاتب هنا: كيف سيطبق الدستور وكيف ستفهم وتفسر هذه العبارة؟
إن الدستور هو وثيقة خالدة. ويجب أن ينص على الحقوق الأساسية للمواطنين، ولكن يجب أيضا أن ينص على إجراءات ونظام قضائي رصين تضمن تطبيق مواده.
ويختم الكاتب مقاله بتنبيه لكل من ينزل إلى الشارع للمطالبة بحقوقه ويقول: إن الهواتف الذكية التي يستخدمها المحتجون لضمان حقوقهم وتوثيق الانتهاكات التي ترتكب بحقهم بالصوت والصورة هي نفسها التي ستستخدم في توثيق تداعيات احتجاجاتهم.