هل تلهم الثورة التونسية الشعوب؟

A Tunisian demonstrator throws a rock during clashes with security forces on Mohamed V avenue in Tunis on January 14, 2011. Police fired massive volleys of tear gas and deployed troops in Tunis Friday to disperse thousands of demonstrators calling for President Zine El Abidine Ben Ali to step down.


تناولت بعض الصحف الأميركية الثورة الشعبية في تونس -والتي خلعت الرئيس- بالنقد والتحليل، وتساءل بعضها بشأن أثر ذلك على الشعوب الأخرى، وقالت أخرى إن الكرة باتت في ملعب الحكام العرب المستبدين منهم، داعية إياهم للإسراع بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والكف عن قمع الشعوب.

فقد تساءلت واشنطن بوست فيما إذا كانت الثورة التونسية تشكل دعوة للشعوب العربية كي تنهض في وجه الاستبداد؟ وقالت بافتتاحيتها إن ما وصفته بالزلزال الذي أطاح بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي (74 عاما) هو ليس زلزالا يحدث بدولة يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة وتقع شمال أفريقيا فحسب، بل هو زلزال في العالم العربي بأكمله.

وحكم "بن علي" أو الرئيس المخلوع بلاده بيد حديدية أشبه بتلك التي يحكم بها جيرانه في الجزائر أو ليبيا وكذلك حلفاء الولايات المتحدة الآخرين مثل مصر والأردن، وذلك عبر اعتقال وسجن أو نفي المعارضين، ومراقبة وسائل الإعلام وقمع المجتمع المدني.

وانتشر الفساد وتفشى على مدار 23 عاما في البلاد التونسية، حتى دب اليأس في عروق أجساد المجتمع التونسي الشاب، ومعظمه تحت فئة ثلاثين عاما من العمر، في ظل ارتفاع معدل البطالة وعدم توفر الحرية السياسية.

الجيش يتمتع بثقة شعبية واسعة بالشارع التونسي (الجزيرة)
الجيش يتمتع بثقة شعبية واسعة بالشارع التونسي (الجزيرة)

أسطورة الملوك
وقالت الصحيفة الأميركية إن ثورة التونسيين أبطلت مقولة أو أسطورة أن الملوك أو الأمراء أو "الرؤساء مدى الحياة" هم محصنون أمام أي قوة شعبية كتلك التي أنهت الدكتاتوريات بآسيا وأوروبا الشرقية ومناطق أخرى على مدار العقود الثلاثة الماضية.

وأما الثورة التونسية فيجب أن يتعظ من ورائها الحكام العرب ابتداء بالرئيس المصري حسني مبارك (82 عاما) بحيث يدركوا أن رفضهم توفير فرص وظيفية ومناخات اقتصادية وحريات سياسية هو أمر خطير ولا يمكن الدفاع عنه أمام رغبات الشعوب.



كما أن تونس تقدم دروسا عاجلة إلى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي أهملت أو قللت من قيمة ضرورة الإصلاح في العالم العربي، وأخرست الدعم الأميركي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأضافت أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تأخرت أثناء زيارتها إلى بعض دول المنطقة العربية حتى أدلت بتصريحات تشجب فيها ما وصفته بالمؤسسات الفاسدة والنظام السياسي الراكد الآسن في تونس.


أحجار الدومينو
وعلى صعيد متصل، أشارت واشنطن بوست إلى أن خلع الرئيس التونسي شكل صدمة بالأوساط العربية، مشيرة إلى أن هذه الثورة ربما تشبه أحجار الدومينو، مضيفة أن رأي الشارع العربي كان صريحا ومؤيدا لما جرى وأن شاشات التلفزة المختلفة نقلت مشاعر المواطنين في مختلف أنحاء العالم العربي والذين أبدوا ارتياحا كبيرا إزاء الثورة التونسية.


"
خلع الرئيس التونسي شكل صدمة بالأوساط العربية، وهذه الثورة ربما تشبه أحجار الدومينو
"

وأما لوس أنجلوس تايمز فتساءلت ما إذا كانت الثورة الشعبية التونسية ستلهم الشعوب العربية الأخرى للإطاحة بالأنظمة المستبدة، مشيرة إلى دور شبكات الإنترنت الاجتماعية الهائل في نشر الثورة.

كما دعت الصحيفة الولايات المتحدة والعالم الغربي إلى مد يد العون للشعب التونسي، وسط مخاوف من صعوبة تحول مناخ الدكتاتورية والاستبداد إلى مناخ الديمقراطية وسط الفوضى العارمة التي تشهدها البلاد.

من جانبها تساءلت كريستيان ساينس مونيتور ما إذا كان العالم العربي يشهد موسم ربيع؟ وقالت إن الكرة الآن بملعب الحكام العرب المستبدين بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهم يشاهدون بعصبية وغير ارتياح ما يجري بالساحة التونسية التي كانت إلى وقت قريب تبدو ظاهريا من أكثر الدول استقرارا.

بائع خضار
وأشارت الصحيفة إلى أن شابا تونسيا متعلما كان يعمل بائع خضار متجولا صادرت السلطات المستبدة عربته وأهانته لأنه لم يكن حصل على رخصة بالبيع، فأقدم على إشعال النار بجسده بعد أن تعرض إلى ما تعرض له.

وقالت أيضا إنها ليست البطالة وحدها التي ألهبت جسد الشاب وبالتالي أشعلت الثورة الشعبية ولكنها أيضا عوامل أخري ساهمت في ذلك مثل أجواء القمع والاستبداد والحكم بيد من حديد في تونس، بالإضافة إلى قمع الحريات العامة وحريات الرأي والتعبير وكل أنوع الحريات الأخرى.

واختتمت كريستيان ساينس مونيتور بالقول إن كلينتون تحدثت على استحياء بضرورة التغيير والإصلاح بالعالم العربي أثناء زيارتها الأخيرة إلى المنطقة.

المصدر : الصحافة الأميركية

إعلان