التفاوض حرب أخرى بأفغانستان

U.S. soldiers of the 741st EOD Battalion Counter Improvised Explosive Device (CIED) Team secure the area around a house suspected of hiding a weapons cache in the centre

حرب ضروس تجبر الحلفاء على إعادة حساباتهم (رويترز-أرشيف)

كلما استعر أوار الحرب في أفغانستان تعالت الأصوات في الغرب منادية بوضع حد للاقتتال أو الانسحاب قبل أن تستفحل الخسائر بقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ولعل دواعي الصراع الدائر في أفغانستان ومقتضياته هي التي حدت بوزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند في الخطاب الذي ألقاه بمقر الناتو أمس الاثنين إلى أن يصل إلى نتيجة مفادها أن قوة السلاح وحدها لن تلحق الهزيمة بـحركة طالبان، فالأمر يتطلب تسوية سياسية.

حرب من نوع آخر
وكانت أن التقطت الصحف البريطانية هذه الخلاصة وتناولتها بالتعليق والتحليل, وأجمعت كلها تقريبا على ضرورة الانخراط في مفاوضات مع المعتدلين في طالبان بغية عزلهم عن المتشددين وإحداث انشقاق في الحركة التي تقاتل قوات الناتو بضراوة.

وتحت عنوان "حرب بطرق أخرى", نصحت صحيفة ذي تايمز في افتتاحيتها اليوم دول الحلف بخوض تلك المفاوضات من موقع قوة، ذلك أن الغرب ما أن يبدي استعدادا للدخول في مفاوضات مع طالبان حتى يظن رجال قبائل البشتون -الذين يشكلون عصب الحركة– أن في ذلك علامة على الخور والوهن أو فاتحة لانسحاب عسكري.

وفي هذه الحالة -تضيف الصحيفة- سيضاعف هؤلاء الرجال هجماتهم على القوات الغربية "ويرفعون راية الجهاد لطرد الكفار من جميع أرجاء بلدهم."

وخلصت الصحيفة إلى أنه ما من نصر عسكري يمكن تحقيقه في أفغانستان دون تسوية سياسية.

ووصفت صحيفة ذي غارديان الجهود الجارية لبدء مفاوضات غير مسبوقة بين طالبان والولايات المتحدة وبريطانيا, بأنه "تحول مهم في الوسائل الرامية إلى إحداث اختراق في حرب الاستنزاف الدائرة رحاها في أفغانستان منذ ثماني سنوات".

ونقلت عن وزراء وقادة ميدانيين بريطانيين كبار اعتقادهم بأنهم هيؤوا الظروف المناسبة لفتح حوار مع "الصف الثاني" من القادة المحليين بعد أن "دُحرت طالبان إلى رقعة صغيرة من الأرض في محافظة هلمند."

وعلى هذا النهج سارت صحيفة فايننشال تايمز, التي اشتهرت برزانتها في طرح القضايا, وأشارت في تعليقها إلى أن خطاب ميليباند "يرسم طريقا جديرا بالاستحسان."

وتستدرك الصحيفة قائلة "لكن فرز المتمردين الإسلاميين إلى ماعز وخراف لا يقتضي تماسكا سياسيا وعسكريا فحسب بل وشرعية أيضا".

استقطاب الإسلاميين
وأسدت الصحيفة النصح إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما بأنه يتعين عليهم أن يبرهنوا بصدق على استعدادهم "لاستقطاب إسلاميين في أماكن أخرى من المنطقة, مثل حركة حماس على سبيل المثال".

ولم تكن صحيفة ذي إندبندنت لتشذ عن القاعدة, إذ يبدو أن التفاوض مع خصم صعب المراس مثل طالبان اقتراح يصادف هوى لدى وسائل الإعلام في بريطانيا.

وتقول الصحيفة في افتتاحيتها إن نقل الصراع إلى معاقل من سمتهم بالمتشددين في أفغانستان تزامنا مع عرض شروط للهدنة يبدو سلوكا ينطوي على تناقض, لكنه عند ذي إندبندنت يبدو مفهوما بالنظر إلى "الطبيعة المتنافرة" التي تتصف بها طالبان.

وأشادت الصحيفة بمحاولة شق صفوف طالبان بفصل "المعتدلين من العناصر المتطرفة" مع عرض عفو عام عليهم ودمجهم في قوى الأمن التقليدية في أفغانستان.

وتوصلت الصحيفة إلى نفس قناعة رصيفاتها الأخريات من أن النجاح في أفغانستان يعتمد على الإرادة السياسية والقيادة.

المصدر : الصحافة البريطانية

إعلان