تقدم طالبان وتنازل باكستان يقلق أميركا

أثار التقدم الذي تحرزه حركة طالبان على الأرض في باكستان حفيظة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ما حدا بها أمس إلى تحذير حكومة إسلام أباد من أن إخفاقها في التصدي لما سمتهم صحيفة واشنطن بوست بالمتطرفين قد يعرض شراكتها مع الولايات المتحدة والإستراتيجية الأميركية في أفغانستان للخطر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حكوميين القول إن أوباما عقد اجتماعا في البيت الأبيض حول الموضوع مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والمبعوث الخاص للرئيس إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد بروك, كما عقد جلسة مماثلة منفصلة مع قادة في الكونغرس.
وأجرى هولبروك اتصالا هاتفيا مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ووزير الخارجية شاه محمود قريشي.
وأعرب كل من كلينتون ووزير الدفاع روبرت غيتس صراحة عن خيبة أملهما من الأنباء التي تواترت عن أن قوات طالبان تقدمت في اتجاه الشرق في مقاطعتين أخريين هذا الأسبوع دون أن تواجه أي مقاومة تذكر من جانب القوات الحكومية, وباتت على بعد 60 ميلا من العاصمة الباكستانية إسلام أباد.
وقال غيتس للصحفيين أثناء زيارة له لمعسكر كامب ليجوين التابع لمظليي سلاح المارينز في ولاية كارولينا الشمالية إن استقرار باكستان مسألة جوهرية للجهود الأميركية في أفغانستان المجاورة, وقضية أساسية لمستقبل شراكة الولايات المتحدة مع الحكومة الباكستانية.
وحسب صحيفة ديلي تلغراف التي تصدر في لندن, يرى مسؤولون غربيون أن اتفاق السلام الذي أبرمته حكومة باكستان مع حركة طالبان قد يوفر لـتنظيم القاعدة ملاذا آمنا للتخطيط لشن هجمات من هناك على القوات البريطانية والأميركية في أفغانستان.
وأبدى هؤلاء المسؤولون مخاوفهم عقب التحذير الذي وجهته كلينتون للحكومة الباكستانية من أنه ما من خيار أمامه سوى التصدي لعناصر طالبان لمنعهم من التقدم صوب العاصمة.
غير أن صحيفة ذي إندبندنت البريطانية شككت في افتتاحيتها اليوم في التقارير التي تتحدث عن تقدم للحركة، وقالت إن هناك من الأسباب ما يجعل ذلك التقدم لا ينطوي على خطر كما يبدو لأول وهلة.
وأحد هذه الأسباب برأي الصحيفة هو أن إسلام أباد ليست بذلك البعد عن مناطق القبائل حيث تتمتع طالبان فيها بالقوة.
وسبب آخر هو أن طالبان ماهرة في لعبة القط والفأر، فهي ما إن تتقدم حتى تنسحب عندما تواجه تصميما على المقاومة, وقد أظهرت الحكومة الباكستانية بإرسالها قوات إلى المنطقة عن عزمها وضع حد لذلك.
على أن الصحيفة تصف هذا التحرك من جانب إسلام أباد "ترضية ناقصة وربما آنية".
وتمضي إلى القول إن ثمة معضلة في هذا الخصوص، وهي أن إدارة أوباما بموافقتها على استمرار قصف مناطق القبائل في باكستان بالطائرات تنفّر عنها الباكستانيين (وليس المتعاطفين مع طالبان وحدهم) وتقوّض ما تبقى لزرداري من سلطة, وهو ما ترى فيه تناقضا يقتضي التصويب.