فيسك: كيف نثق في بي بي سي الجبانة؟

AFP PHOTO/People leave the BBC headquarters in White City, north London on June 11, 2008.

بي بي سي اتهمت باون بعدم الحيادية والدقة بتغطيته لأخبار الشرق الوسط(الفرنسية-أرشيف)

انتقدت صحيفة ذي إندبندنت بشدة مجلس أمناء هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني بي بي سي لتشكيكه في نزاهة ودقة تغطية محرر شؤون الشرق الأوسط في الهيئة جيريمي باون, مخصصة لذلك تقريرا وافتتاحية ومقالا لأحد كتابها.

فنشرت في هذا الإطار مقالا لروبرت فيسك تحت عنوان "كيف نثق في بي بي سي الجبانة؟" تناول فيه هذا القرار معتبرا أنه "جبان ومثير للاشمئزاز, فضلا عن كونه جائرا وغير أخلاقي".

واتهم فيسك هذا المجلس بأنه انهار بصورة مشينة أمام اللوبي الإسرائيلي الذي ادعى دون أي دليل- أن باون كان مخطئا لأنه قال الحقيقة.

ونقلت الصحيفة في تقريرها عن شخصيات إعلامية بمن فيها المدير العام السابق للبي بي سي غريغ دايك انتقادها لهذا القرار, محذرة من إمكانية تقويضه مصداقية الأخبار التي تنشرها البي بي سي.

ونوهت إلى أن البي بي سي لا تنوي اتخاذ أية إجراءات تأديبية بحق باون وإن كان أحد المتحدثين باسم قسم الأخبار فيها أعلن أن الهيئة ستتخذ التدابير اللازمة لتصويب ما جاء في مقال باون الذي اعتمد عليه المجلس لاتخاذ قراره.

ويحاول المقال المذكور الذي نشره موقع البي بي سي في يونيو/حزيران الماضي تحت عنوان "ستة أيام غيرت الشرق الأوسط" أن يبرز السياق الحالي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني عبر تحليل أحداث حرب الأيام الستة عام 1967.

وقد أشار المحرر في مقاله إلى "الغريزة الفطرية للصهيونية في توسيع حدودها" كما كتب أن إسرائيل أظهرت "ازدراء لكل تفسيرات القانون الدولي التي لا تتماشى مع فهمها له" وأن جنرالاتها يحسون بأنهم إنما يتعاطون مع "عمل ظل ناقصا" منذ حرب الاستقلال عام 1948.

"
الجماعات المؤيدة لإسرائيل ستعتبر قرار التنديد بتغطية باون للشرق الوسط دليلا على مزاعمها بأن البي بي سي منحازة ضد إسرائيل في تغطيتها لقضية الشرق الأوسط
"

وقد اعتبرت لجنة رقابة التحرير أن تقارير باون تخرق جزئيا قواعد البي بي سي الخاصة بالدقة والحياد, وقالت في حكمها إن القراء قد يتولد لديهم انطباع بعد قراءة هذا المقال بأن ما جاء فيه هو الرؤية الوحيدة المعقولة بشأن هذه الحرب.

وأشارت إلى أن الجماعات المؤيدة لإسرائيل ستعتبر هذا القرار دليلا على مزاعمها بأن البي بي سي منحازة ضد إسرائيل في تغطيتها لقضية الشرق الأوسط.

إلا أن ذي إندبندنت اعتبرت في افتتاحيتها أن تشكيك مجلس الأمناء بنزاهة ودقة باون يعكس بصورة فظيعة عدم قدرة هذا المجلس على اتخاذ القرار الجيد.

وأكدت الصحيفة أن باون ظل في كل عمله يحرص وبصورة دقيقة على عدم الانحياز, مطالبة المجلس بعدم ابتلاع كل شكوى تقدم إليه دون تمحيص وبعدم التردد في الدفاع عن أي صحفي جيد كلما احتاج لذلك.

وصب انتقاد الصحفي روبرت فيسك لهذا المجلس في نفس الاتجاه, معتبرا تقريره حول باون جبانا ومثيرا للاشمئزاز, فضلا عن كونه جائرا ومضللا من الناحية الأخلاقية.

ورد فيسك على ما جاء في قرار المجلس نقطة تلو الأخرى, فأورد دليلا على غريزة توسيع الصهاينة حدودهم, تشييد إسرائيل جدارها "الأمني" الذي قال إن إسرائيل التهمت عبره 10% من نسبة 20% من فلسطين التي كان من المفترض أن يتفاوض بشأنها الإسرائيليون والسلطة الفلسطينية.

وأي شخص يقرأ تاريخ الصهيونية يدرك أن هدفها هو طرد العرب والاستيلاء على فلسطين, ولو لم يكن ذلك هو الحقيقة فلماذا يستمر الصهاينة في سرقة الأرض العربية وتخصيصها لليهود واليهود فقط, ضاربين عرض الحائط بالقانون الدولي ككل؟ يتساءل فيسك.

وشجب فيسك تماهي لغة مجلس أمناء البي بي سي الخاصة بمفردات هذا الصراع مع اللغة الإسرائيلية, موردا كمثال على ذلك استخدامه للاسم العبري لجبل أبو غنيم, هار هوما, بدلا من اسمه العربي الأصلي.

"
باون ورفاقه أسود يسوسهم حمير في إدارة البي بي سي
"
فيسك

فهذا يظهر, على حد تعبيره, كم أن هذا المجلس أصبح لسان اللوبي الإسرائيلي الذي تمادى في إيذاء باون.

وأضاف فيسك أنه يرد على من يسألونه عبر العالم إن كانت البي بي سي جديرة بالثقة بأن يثقوا أكثر بمراسلي صحيفة هآرتس الإسرائيلية جدعون ليفي وأميرة هاس لأنهما أكثر شجاعة من البي بي سي على قول الحقيقة.

وأبرز أن من يسمح لنفسه بالركوع أمام من يرغبون في جعله يجانب الصواب, يظل دوما جاثيا على ركبتيه, مذكرا بأن البي بي سي هي نفس الهيئة التي قالت إن بث نداء إغاثة للحصول على الدواء للجرحى الفلسطينيين بغزة يقوض "حياديتها".

ثم تساءل الكاتب "لكن كيف يمكننا أن نحل هذه المشكلة؟" ورد بقوله إنه ينصح بمتابعة التغطية القوية للشرق الأوسط في قناة سكاي نيوز وكذلك متابعة الجزيرة الإنجليزية لجرأتها في تغطية أحداث غزة وبقية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ووصف فيسك في نهاية مقاله باون ورفاقه بأنهم أسود يسوسهم حمير في إدارة البي بي سي.

إعلان
المصدر : إندبندنت

إعلان