توقعات الانسحاب من العراق عبر عدسة التقدم فيه

r/Henry Kissinger, former U.S. Secretary of State and this year's co-chairman of the World Economic Forum (WEF), attends the opening news conference of the annual WEF meeting in the Swiss Alpine resort town of Davos January 23, 2008
هنري كيسنجر (رويترز)

تحت عنوان "فرضيات جديدة في العراق" كتب هنري كيسنجر -وزير الخارجية الأميركي الأسبق- أن توقعات الانسحاب يجب أن ينظر إليها من خلال عدسة التقدم.

 
وقال كيسنجر إن حملة الرئاسة الأميركية قد طالت واحتدمت لدرجة أنها بدت وكأنها تعمل من داخل شرنقة، غافلة عن التحولات التي ينبغي أن تغير فرضياتها. وأكبر مثال على ذلك الجدال بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق.
 
فعلى مدار العام الماضي اقترح كثيرون تحديد موعد للانسحاب. وجادل المؤيدون للاقتراح بأن تحديد موعد سيلزم الحكومة العراقية بتسريع سياسة المصالحة وتعجيل إنهاء الحرب وتمكين الولايات المتحدة من تركيز جهودها على مناطق أهم إستراتيجيا، مثل أفغانستان. وفوق كل ذلك، جادلوا بأنهم خسروا الحرب وأن الانسحاب سيمثل الطريقة الأقل كلفة للتعامل مع الهزيمة.
 
لكن هذه الفرضيات قد تجاوزتها الأحداث. ومعظم المراقبين الموضوعيين يجمعون على أن تقدما ملحوظا قد تم على كل الجبهات الثلاث لحرب العراق: فالقاعدة، وهي قوة الجهاديين السنة الذين جند معظمهم من خارج البلد، تبدو منهمكة في العراق، والتمرد السني المحلي الذي يحاول استعادة الهيمنة السنية قد اضمحل، وأخيرا الحكومة الشيعية المسيطرة في بغداد قد قهرت -على الأقل مؤقتا- المليشيات الشيعية التي كانت تتحدى سلطتها. وبعد سنوات من خيبة الأمل نواجه الحاجة لتحول ذهني لدراسة توقعات النجاح البادية للعيان.
إعلان
 
بالطبع لا يمكننا الآن أن نحدد ما إن كانت هذه التغيرات دائمة أو ما إن كانت -ولأي مدى- تعكس قرارا يصدر عن خصومنا -بما في ذلك إيران- لتوفير قواهم لما بعد إدارة بوش.
 
لكن المتيقن هو أن نتيجة الصراع ستحدد نوع العالم التي ستضطر الإدارة الجديدة لمباشرة سياساتها فيه. وأي ظهور لقوى إسلامية متطرفة كانت مسؤولة عن هزيمة الولايات المتحدة سيكون له عواقب وخيمة تتجاوز حدود المنطقة بمراحل. وعندها ستبرز آلية وتوقيت مغادرة العراق كقرار ملح للرئيس الجديد.
 
وأشار كيسنجر إلى أن توقعات المصالحة التي برزت بين الأطراف الثلاثة في البلد، الأكراد والشيعة والسنة، لم تكن من خلال تشريع، كقرارات نيابية تطبق الخبرة الأميركية المتخيلة، ولكنها كانت حسب الحاجة ومقياس من التوازن العسكري والسياسي.
 
وبما أن الحاجة لقوات أميركية للتعامل مع التمرد قد تضاءلت، فإنها تستطيع التركيز أكثر على مساعدة الحكومة العراقية لمقاومة ضغوط دول الجوار والاندلاع العرضي للهجمات الإرهابية من القاعدة أو المليشيات المدعومة من إيران. وإذا كان هذا هو الوضع، فإن الانتخابات المحلية والإقليمية المتوقعة للأشهر القادمة في دستور العراق يمكن أن تساعد في تشكيل مؤسسات عراقية جديدة.
 
ويمكن للولايات المتحدة أن تشكل الآن احتياطا إستراتيجيا من بعض القوات الموجودة حاليا في العراق، مع نقل البعض الآخر إلى مناطق مهددة أخرى ويعود الآخرون إلى أميركا.
 
واستطرد كيسنجر في قوله بأن تحديد موعد للانسحاب هو أضمن طريقة لتقويض التوقعات المأمولة لأنه سيشجع الجماعات الداخلية المدحورة على التخفي إلى أن تواتيهم فرصة الظهور مرة أخرى مع رحيل القوات الأميركية.
 
وأضاف أن هذا سيساعد القاعدة على التخطيط لعمليات واسعة النطاق وسيحفز إيران على تقوية مؤيديها في المجتمع الشيعي خلال فترة ما بعد الانسحاب الأميركي. كذلك فإن تحديد موعد ثابت سيبدد مصادر القوة المطلوبة للمرحلة الأخيرة من التحرك الدبلوماسي.
إعلان
 
وقال أيضا إن الوجود الأميركي في العراق يجب ألا يطرح على أنه لا نهاية له، فهذا الأمر لن يجد تأييدا من الرأي العام العراقي أو الرأي العام الأميركي.
 
وختم هنري كيسنجر مقالته بأن الرئيس القادم أمامه فرصة كبيرة لدعم الاستقرار في العراق وتمهيد الطريق لتحول حاسم في الحرب ضد الجهاديين والمتطرفين ولشرق أوسط أكثر أمنا. وبالتأكيد سيحتاج الرئيس القادم لتقييم الموقف على الأرض قبل وضع إستراتيجية لفترة حكمه. ويجب عليه ألا يكون أسير التشريعات الصارمة لتبرير الحقائق العامة السابقة مهما كانت تبدو معقولة. فإن الانسحاب وسيلة والغاية هي عالم أكثر أمنا وأملا.
المصدر : الصحافة الأميركية

إعلان