جهات أوروبية تتشكك إزاء سبب وفاة عرفات

ياسر عرفات

"
مسؤولون إسرائيليون أبلغوا جهات أوروبية قبل أسابيع قليلة من وفاة عرفات أنه سيرحل ويغيب عن مسرح الأحداث قبل نهاية عام 2004، ولن يكون له أي وجود بعد انتهاء معركة انتخابات الرئاسة الأميركية
"

كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع لصحيفة الوطن السعودية أن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا جهات أوروبية رسمية بارزة قبل أسابيع قليلة من وفاة الرئيس الفلسطيني أن ياسر عرفات "سيرحل ويغيب عن مسرح الأحداث" قبل نهاية عام 2004، وأنه لن يكون له "أي وجود" بعد انتهاء معركة انتخابات الرئاسة الأميركية، وهو ما حدث فعلا.

 

وأوضحت المصادر أن هذه "التوقعات" الإسرائيلية سمعها من هؤلاء المسؤولين الإسرائيليين وزير خارجية دولة أوروبية زار تل أبيب مؤخرا وأكثر من سفير ودبلوماسي أوروبي رفعوا تقارير في هذا الشأن إلى حكوماتهم.

 

وذكرت أن الجهات الأوروبية فسرت هذه التوقعات الإسرائيلية في حينها على أنها تدخل في إطار "الحرب السياسية والدبلوماسية والنفسية" التي تشنها الحكومة الإسرائيلية على عرفات، وأنها تهدف بالتحديد إلى تقليص الاهتمام الأوروبي والدولي بالرئيس الفلسطيني، ودفع الدول والجهات المعنية بمسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى تركيز كل الجهود من أجل المساعدة على بروز قيادة فلسطينية جديدة "واقعية ومرنة ومعتدلة" وتتخذ هي القرارات الأساسية بدلا من عرفات.

من جهتها أشارت الصحيفة إلى أن هذه التوقعات الإسرائيلية أخذت أبعادا ومعاني أخرى حين تحولت إلى واقع بعد وفاة عرفات وظهور شكوك حول احتمال تعرضه للتسميم إذ ليس ممكنا أن يكون الأمر "مجرد صدفة"، لكن هذه الجهات الأوروبية ترفض أن توجه أي نوع من الاتهام المباشر أو الضمني إلى إسرائيل بأنها مسؤولة عن وفاة عرفات إذ إنه ليست لديها أي أدلة ملموسة على تورط أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في قتل الرئيس الفلسطيني.

وفي هذا الإطار كشفت المصادر الأوروبية للصحيفة أن الملف الطبي لياسر عرفات الذي تسلمته أرملته سهى وسيتسلمه ابن شقيقته ناصر القدوة مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، لم يذكر أن عرفات مات مسموما بل إنه يوضح أن الرئيس الفلسطيني توفي فعليا نتيجة إصابته بثلاثة أمراض خطرة، وهي حدوث انهيار كامل في دورته الدموية، وحدوث تشمع أو تليف حاد ومتطور في كبده، وإصابته بنزيف دموي حاد.

وذكرت المصادر أن المسؤولين الفلسطينيين طرحوا منذ دخول عرفات إلى مستشفى بيرسي العسكري قرب باريس فرضية تسميم الرئيس الفلسطيني فأجرى الأطباء الفرنسيون كل الفحوصات والتحليلات المخبرية اللازمة واستبعدوا نتيجتها فرضية التسمم وتم إبلاغ القيادة الفلسطينية رسميا بذلك.

"
القيادة الفلسطينية قررت إجراء تحقيق في احتمال تسمم عرفات لأنها ليست راغبة في أن يتهمها أحد بالتغطية والتستر على أسباب وفاة الرئيس الفلسطيني
"

وأوضحت أن القيادة الفلسطينية قررت رغم ذلك إجراء تحقيق في هذا الشأن لأنها ليست راغبة في أن يتهمها أحد "بالتغطية والتستر" على أسباب وفاة عرفات.

لكن المصادر الأوروبية أكدت للصحيفة أن الشكوك ستظل تحوم حول أسباب وفاة عرفات حتى بعد الاطلاع على مضمون ملفه الطبي وذلك للأسباب الرئيسة الآتية:

أولا: أن هناك مواد سامة أو مواد كيميائية متطورة للغاية لا تستطيع الفحوص والتحاليل المخبرية كشفها بسهولة.

ثانيا: أن التقرير الطبي يؤكد أن وفاة عرفات ناتجة عن مجموعة أمراض وعن تفاعل مجموعة عوامل وظروف معيشية وغذائية وطبية، لكنه لم يحدد بشكل قاطع الأسباب التي أدت إلى إصابة عرفات بهذه الأمراض.

ثالثا: لم يستطع الأطباء الفرنسيون العاملون في مستشفى بيرسي أو الأطباء العرب الذين عاينوا عرفات وأجروا له مختلف الفحوصات في أيامه الأخيرة، أن يجزموا بشكل قاطع وحاسم بأن الرئيس الفلسطيني لم يمت بالسم.

رابعا: أكد عدد من الأطباء والخبراء الفرنسيين في شؤون التسميم أن الاضطراب الكامل في خلايا الدم وفي الدورة الدموية لعرفات يمكن أن يكون ناتجا عن دس أنواع من السموم الفتاكة في طعامه.

خامسا: إضافة إلى هذه الأسباب الطبية والعلمية فهناك سبب سياسي لعدم
تجاهل فرضية وفاة عرفات مسموما وهو أن المسؤولين الإسرائيليين لم يخفوا إطلاقا خلال السنوات الثلاث الماضية "رغبتهم ونيتهم واستعداداتهم" للتخلص من عرفات بوسيلة أو أخرى، وأن للإسرائيليين سوابق في تصفية قادة ومسؤولين فلسطينيين بوسائل مختلفة.

المصدر : الوطن السعودية

إعلان