مطلوب تضامن عربي حقيقي
عمان – باسل رفايعة
تمحور اهتمام الصحف الأردنية اليوم على الاجتماعات التمهيدية للقمة العربية العادية التي تبدأ في عمان الثلاثاء المقبل، وأفردت مساحات واسعة على صفحاتها الأولى لتغطية الاجتماع الذي عقده وزراء الاقتصاد العرب في عمان أمس لأعداد ورقة عمل عن التعاون الاقتصادي العربي المشترك ستعرض على القمة.
وتحت عنوان "وزراء الاقتصاد العرب يعتمدون ورقة عمل موحدة: إقامة اتحاد جمركي وتفعيل منطقة التجارة الحرة وتسريع الربط الكهربائي" نشرت صحيفة الرأي تقريرا إخباريا عرضت فيه قرار الوزراء إحالة البحث في آليات الدعم العربي للفلسطينيين إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب في عمان اليوم بعد أن اعتبروا ذلك شأنا سياسيا يشمل أيضا مطالبة العراق القمة العربية بدعوة مجلس الأمن الدولي للموافقة على مساعدة عراقية للفلسطينيين بقيمة مليار يورو.
وأبرزت الصحيفة المحاور التي اتفق وزراء الاقتصاد العرب عليها، وأهمها العمل على تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ووضع خطة مرحلية لاقامة اتحاد جمركي عربي والإسراع بالربط الكهربائي والدعوة لإنشاء مركز عربي لتكنولوجيا المعلومات لاستيعاب الاقتصاد الجديد ضمن رؤية موحدة، إضافة إلى تشكيل لجنة وزارية مصغرة لمتابعة توصيات القرارات الاقتصادية في القمة.
وتابعت صحيفة العرب اليوم الحدث نفسه بعنوان "إقرار خطة لتسريع التكامل الاقتصادي" لكنها أشارت الى أن دولا خليجية كانت وراء إخفاق وزراء الاقتصاد في البتّ في إيصال الدعم المالي العربي لصندوقين قررت قمة القاهرة الطارئة العام الماضي إنشاءهما لدعم الانتفاضة بقيمة مليار دولار، وأوضحت في هذا السياق أن وزراء اقتصاد في دول خليجية رفضوا طلبا عراقيا للإفراج عن مليار يورو للفلسطينيين يعارض مجلس الأمن إيصالها لهم.
وإلى جانب متابعتهما للحدث فقد نشرت صحيفتا الدستور والأسواق تحليلا إخباريا منقولا عن وكالة الصحافة الفرنسية بعنوان "رفع الحصار عن العراق والدعم المالي للفلسطينيين نقطتا تجاذب محتمل خلال قمة عمان" ورد فيه أن الشأن العراقي يخيم بقوة على أجواء القمة مما أثار استياء السعودية التي قررت خفض مستوى تمثيلها في القمة من خلال وزير دفاعها الأمير سلطان بن عبد العزيز وليس ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز كما جرت العادة منذ 15 عاما.
كما أن الدعم الاقتصادي العربي للفلسطينيين لن يمر هو كذلك دون تحفظات في القمة لأن كثيرا من الدول العربية يعتقد بعدم وجود شفافية لدى السلطة الفلسطينية في إيصال الدعم المالي للمستحقين لديها.
” إن التكامل الاقتصادي بات يفرض نفسه لتخليص الاقتصاديات العربية من حالة التماثل والتشابه في هياكلها وأساليبها الموروثة ”
|
وفي افتتاحياتها دعت الصحف الدول العربية إلى استثمار انعقاد القمة الدورية الأولى في عمان وصولا إلى تضامن حقيقي يعبر عن تطلع الشعوب العربية ويحقق مصالحها, فقد ركزت الأسواق في افتتاحيتها على الجانب الاقتصادي في القمة، واعتبرت أن إرساء القواعد الصحيحة والراسخة للعمل العربي المشترك يحقق التضامن والتنسيق المستقبلي وبالتالي التكامل الاقتصادي المأمول.
وأشارت إلى أن التوجه المعاصر يكمن في تقدم القرار الاقتصادي على السياسي مما يستدعي من الدول العربية الالتفات إلى أن العمل المشترك لا يستطيع ضمن المعطيات والظروف الراهنة من الانفتاح والتدويل والعولمة أن يبتعد عن المنظور الاقتصادي أو أن ينطلق بعيدا عن معادلة تبادل المصالح.
وقالت إن التكامل الاقتصادي بات يفرض نفسه لتخليص الاقتصاديات العربية من حالة التماثل والتشابه في هياكلها وأساليبها الموروثة من فترة طغت فيها معادلة القرار السياسي على الاقتصادي "ومن هنا فإن قمة عمان ليست بصدد البحث في ملف السلام وملف الحصار على العراق وملف التنسيق والتضامن وحسب، بل هي أيضا معنية بالتعاون الاقتصادي العربي المشترك وإرساء دعائم التوجه الصحيح نحو علاقات اقتصادية قادرة على التناغم مع كل معطيات الساحة العربية والإقليمية والدولية".
” آمال عريضة تنعقد على قمة عمان، من أجل تقديم الدعم والعون للفلسطينيين الذين يواجهون محنة العدوان الإسرائيلي الهمجي، ولرفع الحصار المضروب على العراق ”
|
أما الدستور فأكدت في افتتاحيتها على ثوابت الموقف الأردني حيال التضامن العربي والعمل القومي المشترك وقالت إن عمان تؤمن بأهمية تنقية الأجواء العربية والخروج إلى العالم بموقف مشترك إزاء كل ما يواجه الأمة من تحديات واستحقاقات وفي المقدمة منها قضية فلسطين، والملف العراقي الشائك.
وأشارت الى أن على الأردن كدولة مسؤولية إضافية في إنجاح القمة وتوفير كل السبل الكفيلة بذلك، وهذا لا يعني أن الدول العربية مسؤولة أيضا بالمقدار نفسه، لأن القرارات في المقام الأول والأخير عربية وتعبر عن حالة الوفاق بين المواقف والمصالح العربية وتعكس إرادة السياسية للأمة في هذه المرحلة .
وقالت الصحيفة إن هناك آمالا عريضة تنعقد على قمة عمان، من أجل تقديم الدعم والعون للفلسطينيين الذين يواجهون محنة العدوان الإسرائيلي الهمجي، ولرفع الحصار المضروب على العراق والحفاظ على وحدة هذا البلد وسيادته واستقلاله، ولتوسيع ميادين العمل الاقتصادي العربي المشترك وتنفيذ استراتيجية التكامل الاقتصادي، إضافة إلى تفعيل المؤسسة القومية الأولى: جامعة الدول العربية وتعزيز دورها وحضورها.
ومن جهتها قالت الرأي في افتتاحيتها أن جدول أعمال القمة يبعث على التفاؤل ويفضي إلى أجواء جديدة بعد أن توافرت الإرادة العربية على اللقاء وهذه نقطة مركزية يمكن التجميع عليها والانتقال منها إلى مرحلة لاحقة تجعل منها وسيلة للتقريب إذا ما نجح العرب في اختيار الآليات المفضية إلى إنجاح الحلول المقترحة إزاء التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي باتت تطرح نفسها بحدة واستعجال على صانع القرار العربي في عالم لم يعد ينتظر أحدا أو يساعده إذا لم يساعد نفسه أو يبدي استعدادا للعمل.
وأضافت أنه بات من الحكمة والمصلحة أن يتنادى العرب إلى نقطة تجمع ولا تفرّق وإلى مربع الإخاء والمصالحة والاتفاق على القواسم المشتركة وهي كثيرة، وترحيل التباينات والاختلافات إلى مراحل لاحقة في إطار من الثقة الراسخة واعتماد لغة الحوار بعيدا عن التشكيك والاتهامات.
” فشل القمة العربية هذه المرة يعني زرع الإحباط بعد إخفاق 22 قمة سابقة في تحقيق تطلعات الشعوب في صف عربي موحد وقادر على الصمود في عالم جديد ”
|
وتمنت الرأي أن "لا تطغى في القمة جوانب على أخرى أو تغيب مسائل على حساب مسائل أخرى، لأن الشعوب العربية تنظر إلى أول قمة دورية نظرة مختلفة وترى في نتائجها مؤشرا على ما يمكن أن تكون عليه القمم المقبلة".
وفي القمة وأجوائها، قدّم كتاب الأعمدة مقالاتهم وتحليلاتهم. وقال فالح الطويل في الرأي إن الشعوب العربية تعلق آمالا كبيرة على نجاح قادتهم في مداولاتهم وقراراتهم، إذ لا مجال للفشل ولا بديل عن النجاح، لأن الفشل هذه المرة يعني زرع الإحباط بعد إخفاق 22 قمة سابقة في تحقيق تطلعات الشعوب في صف عربي موحد وقادر على الصمود في عالم جديد.
ونوه الكاتب إلى أن القمم الماضية لم تستطع أن تفعل شيئا في المواضيع التي عقدت من أجلها، وبعضها لم يصدر عنه حتى أي إعلان صحافي، وبعضها كادت تفشل فيها حتى طقوس المجاملة العربية المعروفة.
وانتقد الكاتب سياسة "الكل أو لا شيء" التي لم تعد مقبولة في "بناء أرضية عربية مشتركة صالحة لقيام تعاون أو تنسيق عربي في المجالات المختلفة" داعيا إلى "محاولة الكسب من ساحات الاختلاف بكل الوسائل المتاحة".
” المطلوب من العرب جميعا أن ينسوا الماضي بكل جراحه لمواجهة هذا الواقع، والتأسيس لنظام عربي جديد قائم على الشفافية واحترام الآخر وإحياء الإرادة العربية ”
|
وفي الأسواق كتب رشيد حسن مطالبا قمة عمان بالخروج بقرارات استثنائية ترتفع إلى مستوى ما تتعرض له الأمة من تحديات وأخطار تبدو أكثر وضوحا في التحالف الاستراتيجي بين الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون مع أن الإدارة الجمهورية الحالية والديموقراطية التي سبقتها تدركان أن سبب الانتفاضة الحالية هو الاحتلال وإصرار تل أبيب على مصادرة حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير في دولة ذات سيادة واعتبار.
واعتبر أنه "بات مطلوبا من العرب جميعا أن ينسوا الماضي بكل جراحه لمواجهة هذا الواقع، والتأسيس لنظام عربي جديد قائم على الشفافية واحترام الآخر وإحياء الإرادة العربية بعدما ثبت أن واشنطن مرتهنة ومرهونة لمصالحها، وأن إسرائيل هي حليفتها المدللة وستبقى كذلك ما دام النفط العربي موجودا".