اعتصامات أنصار عون تشل بيروت دون عنف
بيروت – رأفت مرة
طغت التحركات الطلابية التي نظمها أنصار العماد ميشال عون على اهتمام الصحف اللبنانية، حيث احتلت هذه التحركات المساحة الأبرز من العناوين والافتتاحيات والمتابعات على حساب قضايا مهمة أخرى, مثل التهديد الإسرائيلي للبنان بـ"حرب جديدة" إذا استمر لبنان بتحويل مياه نهر الحاصباني.
وكانت مجموعات طلابية من أنصار العماد ميشال عون قد لبت دعوته إلى التظاهر في الذكرى العاشرة لحرب التحرير التي شنها على القوات السورية في 14 مارس/آذار 1989.
وهذه التحركات كانت تهدف إلى التظاهر أمام مراكز القوات السورية في بيروت والجبل، الأمر الذي استدعى قيام الجيش اللبناني والقوى الأمنية بتنفيذ انتشار كثيف وإقامة حواجز، مما ساهم في التخفيف من حدة التحرك الذي لقي تجاوبا مسيحيا فاترا ومعارضه إسلامية، حيث دعت 15 منظمة طلابية حزبية إلى التظاهر احتجاجا على المجزرة التي أوقعها القصف الذي قامت به قوات ميشال عون على المدارس والجامعات اللبنانية قبل عشر سنوات.
فقد رأت صحيفة المستقبل أن التيار العوني نفذ تحركه التصعيدي في ظل استنفار أمنى، وجاء في عناوينها:
– الانتشار الأمني يحصر اعتصامات العونيين ويشل الحركة.
– تدابير فوق العادة لأن الاحتكاك بالوجود السوري ممنوع.
– إسرائيل تضخم مشكلة الحاصباني وتهدد بحرب حزيران جديدة.
صحيفة النهار رأت أن تحركات الأمس تجاوزت بكثير الحدث والمناسبة إلى ما هو أبعد وجاء في عناوينها:
– بيروت قلعة عسكرية في 14 آذار.
– التدابير تتواصل أمنيا والتيار يكمل سلميا.
قضية مياه الوزاني: إسرائيل تصعد تهديداتها ولبنان يكمل الورشة.
صحيفة السفير وصفت نتائج ما حصل بالأمس بأنه تعادل بالنقاط بين السلطة وبين "التيار الوطني الحر" وقالت في عناوينها:
– 15 منظمة طلابية تعتصم الثلاثاء ضد مجزرة آذار 1989.
– يوم عوني طويل يشل العاصمة من دون عنف.
– الأمم المتحدة تؤيد حق لبنان بالإفادة من نهر الوزاني.
إسرائيل: قضية المياه قد تقود إلى حرب.
” تحولت بيروت إلى قلعة حصينة في ظل انتشار عسكري أمني قل مثيله في زمن السلم ”
|
في الافتتاحيات قالت صحيفة النهار إن بيروت تحولت إلى قلعة حصينة في ظل انتشار عسكري أمني قل مثيله في زمن السلم، وصارت الشوارع والاوتوسترادات والمستديرات "خانق" للسيارات ومرائب عملاقة مما شل الحركة العامة والإنتاج وعطلها باعتراف الجهات الأمنية نفسها.
هذه الإجراءات استهدفت أكثر بكثير من منع التظاهرات إلى إطلاق رسائل سياسية واضحة المعالم عنوانها التشدد السياسي والأمني على كل المستويات وإبراز الحضور الأمني والعسكري وسط مرحلة داخلية وإقليمية تختلط فيها التباسات "السياسة اللبنانية" بالهواجس الخارجية.
أضافت الصحيفة ومن الطبيعي أن يكون لهذه الإجراءات مردودها، وإن كانت السلطة تراها إيجابية، فأن أوساطا أخرى ومنها نواب وجهات معارضة يرون أنها ترتد على السلطة بسلبيات، وخصوصا وسط انهماك الحكومة ببرنامج الإنقاذ الاقتصادي فضلا عما يمكن أن تثيره من تساؤلات المغالاة في اللجوء إلى التشدد.
” استفاق اللبنانيون أمس على إجراءات أمنية مشددة تضمنت انتشاراً واسعاً للقوى الأمنية وحواجز ودوريات وعمليات تفتيش، أشبه ما تكون بحالة طوارئ غير معلنة ”
|
صحيفة المستقبل قالت في افتتاحياتها "عاشت البلاد أمس (سياسياوأمنيا) بامتياز حيث تنفس اللبنانيون في نهايته الصعداء إذ مر بسلام. وكان اللبنانيون قد استفاقوا على إجراءات أمنية مشددة تضمنت انتشارا واسعا للقوى الأمنية وحواجز ودوريات وعمليات تفتيش، أشبه ما تكون بحال طوارئ غير معلنة، بعد دعوة وجهه طلاب "التيار الوطني الحر" (العوني) إلى الاعتصام في المؤسسات التربوية وإلى الخروج إلى الشارع ضد الوجود السوري في لبنان.
وحول أزمة المياه بين لبنان وإسرائيل قالت صحيفة السفير في افتتاحيتها إن إسرائيل "رفعت من تهديداتها الموجهة إلى لبنان لمحاولته جر المياه من نهر الوزاني إلى إحدى القرى الجنوبية وهو مشروع ينفذه مجلس الجنوب بحماية الأمم المتحدة".
في التحليلات توقفت صحيفة المستقبل عند الأسباب التي تدعو الجنرال ميشال عون إلى تصعيد تحركه وتساءلت الصحيفة: "ما الذي يجعل العماد ميشال عون يقتنع بأن الظرف الحالي يشكل فرصة لتصعيد المطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان؟.. على أي "قراءة" يستند؟ وهل هو الآن في صدد تكرار تجربة القراءات الخاطئة التي طبعت مسيرته السياسية؟".
وبعد أن يستعرض الكاتب قراءة عون لتطورات الملفين الفلسطيني والعراقي على ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية والموقف الأميركي ينتقل إلى قراءة ومراهنة… القراءة المغلوطة التي تجعله لا يرى أن سوريا كانت ومازالت حاجة دولية اقليميا ولبنانيا… والمراهنة على "جنون" إسرائيلي" يسقط التهدئة. وفي كليهما -القراءة والمراهنة- يتعامى عون عن المعطيات الدولية ومن بينها أن المجتمع الدولي على ما فيه من انحيازات إلى إسرائيل، يترصد أي مغامرة شارونية، ومن بينها أن إسقاط إسرائيل للتهدئة جنوبا تنقل الوضع الإقليمي إلى حالة أخرى..
وسوريا لن تكون ضعيفة عندها، فمن قال ذلك؟!
"يتجرأ" عون إذا على المغامرة سياسيا مرة أخرى، على فرضية الضعف السوري. حتى استقبال الرئيس الأسد قبل عشرة أيام للوزير السابق فؤاد بطرس في لقاء ثان بينهما، يفسره عون بحسب أجواء غير بعيدة عنه، على أنه دليل ضعف سوري وليس دليل مرونة وانفتاح سوريين.
” السلطة وفرت للعماد ميشال عون من خلال الانتشار العسكري الذي حصل حجما "أكبر مما هو عليه في الواقع", كما وفرت له اعترافا ضمنيا بقدرته على تحريك الرأي العام اللبناني ”
|
صحيفة النهار رأت أن السلطة وفرت للعماد ميشال عون من خلال الانتشار العسكري الذي حصل حجما "أكبر مما هو عليه في الواقع". كما وفرت له اعترافا ضمنيا بقدرته على تحريك الرأي العام اللبناني.
واعتبرت الصحيفة أن تحرك السلطة يهدف إلى توجيه عدة رسائل للموالين والمعارضين ومن أهم هذه الرسائل: رسم خطوط حمر حيال الوجود السوري في لبنان، حتى لو اقتضى الأمر تطبيق حال طوارئ غير معلنة، واعتبار الخط السياسي للنظام خطا أحمرا.