باول عاد إلى قواعده سالما
تونس – خالد الأيوبي
الملف العراقي وتطور الأحداث في الأراضي الفلسطينية وإدانة التدخل الأجنبي في شؤون تونس الداخلية، موضوعات اهتمت بها الصحف التونسية الصادرة اليوم في عناوينها وتعليقاتها.
فقد قالت صحيفة الحرية نقلا عن السلطة الفلسطينية "احتجاج لدى عنان ومجلس الأمن على تهديدات إسرائيلية باغتيال عرفات".
وفي الشأن الداخلي عنونت الصحيفة "عدد من المثقفين يدينون بشدة التدخل الأجنبي في شؤون تونس الداخلية".
أما صحيفة الصحافة فأوردت العنوانين التاليين فيما يتعلق بالملف العراقي والعلاقات الروسية الأميركية:
– عنان متفائل بالتحول الإيجابي في محادثات مجلس الأمن.
– فضائح التجسس تعكر صفو العلاقات الروسية الأميركية.
وجاء في عناوين الصباح:
– بيريز: شارون يرى مشاكل إسرائيل كما أراها أنا.
– كولن باول: سوريا ستضع أنبوب النفط مع العراق تحت المراقبة الدولية.
” إن أهم إنجاز حققه كولن باول في زيارته الأخيرة هو مصافحة شارون وطمأنة الكويت ”
|
ومن العناوين إلى الآراء والتحليلات، فتحت عنوان "عاد إلى قواعده سالماً" كتب جمال الدين كرماوي في صحيفة الشروق قائلاً: إن أهم إنجاز حققه كولن باول في زيارته الأخيرة هو -حسب اعتقاد الكاتب- مصافحة شارون وطمأنة الكويت، فمصافحة شارون تعني أن أميركا غير عابئة بمخاوف العرب ولا بسجل شارون، فإسرائيل هي إسرائيل، أما طمأنة الكويت فهي تأتي في إطار التذكير بأن القوات الأميركية باقية في الخليج إلى الأبد، أي ما دام هناك نفط في المنطقة، أما الذريعة فهي الخطر العراقي, حتى أن باول زايد على الكويتيين والسعوديين أنفسهم فيما يتعلق بهذا الخطر.
ويخلص الكرماوي في مقاله إلى أن: كولن باول جاء ومشى ونحن نراوح مكاننا حيث الغبن والمرارة والانكسار، أطفال العراق يموتون والأهالي في المخيمات يجوعون والعرب يحتفلون، يرقصون، وعزاؤنا أن الديكة المذبوحة أيضاً ترقص.
وتحدثت فاطمة الكراي في الشروق تحت عنوان "حين تصاب أوروبا بالحَوَل" حيث قالت: إن في تعامل الاتحاد الأوروبي مع القضية الفلسطينية كثيراً من الضبابية وشيئاً من التذبذب, إذ ليس هناك شك في أن أحد أركان الاتحاد (فرنسا وبريطانيا) أكثر الأطراف الدولية معرفة بكنه القضية الفلسطينية، إذ كانا الشاهدين على كيفية احتلال فلسطين.
وأضافت الكراي أن ازدواجية التعاطي الأوروبي مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني لا تنم عن قصور أوروبي ولا عن جهل بملف القضية، لكن كل ما في الأمر هو أن اختلاف الموازين والمكاييل هي بدعة غربية وأوروبا هي الجزء الأكبر من الغرب.
وقالت: هذه الحقائق ليست غائبة عن الاتحاد الذي حكم على نفسه بأن يظل قزماً سياسياً في ساحة دولية متقلبة, مع وهم يسكن هذا الاتحاد بأنه عملاق اقتصادي، فالتاريخ لم يذكر يوماً كياناً اقتصادياً يوصف بالعملاق بدون أن يكون له دور سياسي. فهل تقطع أوروبا الاتحاد مع الحَوَل؟!
” مجمل دول العالم تجعل وكأن القرار 242 يمكن تجاوزه أو إعادة التفاوض بشأنه رغم أنه يتحدث عن وضع حد لاحتلال أراضي الغير ”
|
وفي صحيفة الحرية قال فتحي عبد الرزاق تحت عنوان "المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية واختلاف الأهداف": إن هناك منطقاً غربياً يقول بأن التفاوض مع المحتل أفضل من المقاومة المسلحة، لكن يجب أن يكون هناك اتفاق مسبق على أن التفاوض كما هو الشأن في كل احتلال يجب أن يقود إلى تحرير الأراضي المحتلة. وبالتالي ندرك أن ما تطالب به أطراف غربية بوجوب الاعتماد على المفاوضات وليس الكفاح المسلح للتوصل إلى حل قضية الاحتلال الإسرائيلي لا يصح وذلك بالاعتماد على ما آلت إليه هذه المفاوضات.
والغريب أن كل بلدان العالم وخصوصاً منها الغربية تطالب دوماً بالتطبيق الكامل والحرفي للقرارات الدولية، ولكن فيما يتعلق بالقرار 242 فإن مجمل هذه البلدان تجعل وكأن هذا القرار يمكن تجاوزه أو إعادة التفاوض بشأنه رغم أنه يتحدث عن وضع حد لاحتلال أراضي الغير.
عودة إلى صحيفة الشروق الّتي كتبت فيها راضية الزيادي عن اليورانيوم، فقالت تحت عنوان "اليورانيوم المنضب: أصبح كارثياً عندما مس أوروبا": إنه بعد هدوء نسبي للعاصفة الّتي أثيرت بسبب تفاقم عدد الإصابات بالسرطان في أوساط محاربين قدامى من جنود الأطلسي، ينتظر أن تشهد الأيام الأولى من الشهر المقبل إحياء هذا الملف مجدداً بظهور التقارير الأولى الّتي تعدها منظمة الصحة العالمية. لكن الأمر لم يأخذ موضع البحث عندما أعلن العراق منذ الأشهر الأولى لانتهاء الحرب في العام 1991 أن قيادات التحالف استعملت أسلحة فتاكة ومحظورة، وهو الأمر الّذي سيتوضح شيئاً فشيئاً بعد ذلك لتصبح الصورة أكثر شفافية.
” اليورانيوم المنضب سيظل جريمة معروفة باعتبارها عملاً مشيناً وغير أخلاقي وسيذكرها التاريخ كما ذكر حريق قرطاج وتدمير بغداد وإلقاء كتبها في النهر ”
|
وتضيف الزيادي: إذا كانت القضية في الغرب تطرح على مستوى أشخاص تضرروا وقد تنتهي بانتهاء حياة هؤلاء، فإن الوضع في العراق يختلف، إذ إن ما حدث أضر بالتربة والمحيط أولاً. وهذه قضية ستظل متجددة، وما لم يتم توفير جهود علمية وجادة، فإن المفروض أن تطرح هذه القضية أيضا على مستوى التعويض للعراق ولأجياله القادمة، كما ينبغي أن تتم إدانة وتجريم استعمال اليورانيوم المنضب وكذلك مستعمليه.
وتوجد من الآليات الجزائية الآن ما يمكن من طرح هذه القضية على المستوى الدولي، وإن كان الأمر يرتبط واقعياً بموازيين القوى. فهل أدينت الولايات المتحدة الأميركية مثلاً عند قصفت هيروشيما وناغازاكي؟ ذلك لم يقع! وربما لن تدان الآن بسبب اليورانيوم المنضب أيضاً، ولكن هذه الجريمة ستظل معروفة باعتبارها عملاً مشيناً وغير أخلاقي، وسيذكرها التاريخ كما ذكر حريق قرطاج وتدمير بغداد وإلقاء كتبها في النهر، وستظل جريمة يذكرها التاريخ وينسبها إلى أمم متوحشة وغير متحضرة.
في شأن محلي خاص نقلت بعض الصحف التونسية ما جاء في بيان لعدد من المثقفين التونسيين أعربوا فيه عن إدانتهم الشديدة لأي تدخل أجنبي في شؤون تونس الداخلية، معربين عن عميق انشراحهم للإجراء الّذي تم بموجبه إجلاء روبار منيار السكرتير العام لمنظمة "صحافيون بلا حدود" عن التراب التونسي بعد أن ثبت ضلوعه في خروقات خطيرة للقانون بارتكابه أعمالاً مبيتة بقصد الإخلال بالنظام العام بتأليب مفضوح من عناصر معزولة ومفلسة ماتت ضمائرها إزاء الوطن.
ووقع البيان ثلاثون من الشعراء والكتاب والصحفيين والأساتذة الجامعيين من المشاركين في الدورة السادسة لملتقى الشعر التونسي الحديث الذي أنهى أعماله يوم 25 من الشهر الجاري بمدينة بنزرت، وجددوا فيه تمسكهم الثابت بسياسة تونس التي أرست منذ تحول السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني دعائم المواطنة الحق ورسخت قيم الحرية والتسامح والتواصل مع الآخر بندية على أساس من الاحترام المتبادل.