تصعيد إسرائيلي يسبق جولة باول
عمان – باسل رفايعة
أظهرت الصحف الأردنية اليوم اهتماما لافتا بجولة وزير الخارجية الأميركي كولن باول للمنطقة والتي تبدأ في القاهرة اليوم، وتتزامن مع تصعيد عسكري إسرائيلي ضد الفلسطينيين، ترافقه حدة أميركية وبريطانية ضد العراق في أعقاب اتفاق الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير على تشديد العقوبات ضد بغداد.
وتحت عنوان عريض "إسرائيل تصعّد عدوانها عشية جولة باول"، ركزت صحيفة الرأي في قصتها الرئيسية على الأعمال العسكرية الإسرائيلية في الأرض المحتلة والتي أسفرت أمس عن استشهاد شاب فلسطيني وجرح العشرات، وعرضت نتائج القصف على المنازل والمدارس في دير البلح ومحاولة تدمير موقع للشرطة الفلسطينية، في وقت تعرض فيه مكتب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس للقصف. كما أبرزت تصريحات رئيس وزراء إسرائيل المنتخب أرييل شارون التي استبعد فيها التوصل لاتفاق سلام شامل، وطالب بتقليص الدور الأميركي في العملية السلمية.
أما صحيفة العرب اليوم فأوردت في عنوانها الأول "اتفاق أميركي إسرائيلي على تأجيل الحل النهائي". وفي الثاني "شارون يرغب ببحث الملف العراقي مع باول". فيما قالت صحيفة الدستور في عنوانها الرئيسي "توافق بين الجنرالين باول وشارون: العراق أولا.. والسلام خطوة خطوة". في حين ذكرت صحيفة الأسواق في عنوانها التمهيدي "تصاعد العنف.. وتحذيرات واتهامات بالازدواجية تسبق زيارة الوزير الأميركي". وفي الرئيسي "باول قادم اليوم لإطفاء الحرائق أم لإشعال المزيد؟".
واستحوذ الملفان العراقي والفلسطيني على مضامين افتتاحيات الصحف التي تناولت الأجواء التي تسبق جولة باول في المنطقة، ودعت المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في شرعية العقوبات المفروضة على العراق، كما تطرقت إلى التهديدات الإسرائيلية باحتلال مناطق خاضع للسلطة الفلسطينية.
”
|
وأشارت الأسواق في افتتاحيتها إلى أن الرسالة التي يفترض ان تحملها زيارة وزير الخارجية الأميركي للمنطقة قد سبقته عبر طائرات وصواريخ واشنطن ولندن التي أغارت على بغداد، وتاليا فإن حقيبة باول وهيئته المدنية تخلو من أي شيء يمكن أن يقوله تجاه السلام والاستقرار بعد أن خاض غمار عاصفة الصحراء قبل عقد من الزمان بالزي العسكري.
وقالت إنه يحاول الآن أن يقدم لإسرائيل واليهود في العالم اعترافات بأن ما تم تطبيقه ضد العراق يندرج تحت مفهوم العقوبات غير الذكية وأنه سيسعى لقلب هذا المفهوم ويفرض عقوبات في غاية الذكاء.
وخلصت إلى أن الولايات المتحدة "التي تدرك عدم شرعية العقوبات لن تملك القدرة على التعامل مع أجواء السلام في المنطقة بالمعنى الصحيح وبالحيادية المطلوبة لأنها هي إحدى عناصر التوتر وأحد مصادر شيوع أجواء الحرب والصدامات والخروج عن المرجعية الدولية".
أما افتتاحية الرأي فاعتبرت أن تأكيدات بوش على ضرورة زيادة العقوبات على العراق تفتح الطريق على نقاش بات يفرض نفسه على الأسرة الدولية كافة للبحث في مبدأ العقوبات وشرعيته بعيدا عن لغة التهديد والهيمنة والمصالح المتشابكة وخصوصا العسكرية التي تحرك الجزء الأكبر من دبلوماسية العصر.
” مبدأ السلام الشامل والعادل يجب أن يسود في العراق وفلسطين كما ساد في أكثر من بقعة في العالم ”
|
ولفتت إلى أن المتغيرات الدولية العميقة وما أفرزته من تداعيات وما فرضته من مسؤوليات واستحقاقات تؤكد أن تفرّد الولايات المتحدة بالقرار الدولي لن يسهم في إطفاء بؤر التوتر، كما أنها ستزيد من حدة المواجهة وتحيي الحرب الباردة بسبب افتقارها إلى النزاهة والعدالة.
وقالت: إن مبدأ السلام الشامل والعادل يجب أن يسود في العراق وفلسطين كما ساد في أكثر من بقعة في العالم، ولذلك لا بد من وضع القرار بيد الأمم المتحدة وليس بيد الولايات المتحدة لأن الشرعية الدولية هي الأساس.
وحملت افتتاحية الدستور بشدة على تهديدات جنرالات حرب إسرائيليين باحتلال مناطق تخضع للسلطة الفلسطينية، ونوهت إلى أن جدية هذه التهديدات تنبع من العقلية العدوانية لدى حكام تل أبيب في ظل وصول الحزب الأكثر تطرفا إلى السلطة.
ودللت على ذلك بالقول بأن استخدام قوات الاحتلال لنيران أسلحة الدبابات وطائرات الهيلوكوبتر ضد راشقي الحجارة وغيرها من مظاهر المقاومة المدنية ضد الاحتلال يؤكد عمق النوايا الإسرائيلية المبيتة ضد أجزاء من أراضي السلطة الفلسطينية مثل بيت ساحور في الضفة الغربية أو مناطق حول خان يونس في قطاع غزة.
وحذرت الصحيفة إسرائيل من "مغبة الإقدام على مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تقوض الوضع ليس في الأراضي الفلسطينية وحسب وإنما في المنطقة الحبلى بتوترات عميقة والقابلة للاشتعال بسرعة كبيرة، كما أن هذه المغامرة من شأنها أن تفتح بابا لا يمكن إقفاله أمام التطرف والعنف والفوضى في منطقة الشرق الأوسط عموما".
” اتفاق واشنطن ولندن على تشديد العقوبات ضد العراق إفلاس سياسي وأخلاقي ”
|
وسيطرت التطورات على الملف العراقي على معظم تعليقات وتحليلات كتاب الأعمدة في الصحف الأردنية، فقد وصف حسام عايش في الدستور اتفاق واشنطن ولندن على تشديد العقوبات ضد العراق بأنه "إفلاس سياسي وأخلاقي" يشير بوضوح إلى نزعة الهيمنة ومحاولة لعب دور شرطي العالم من قبل الإدارة الأميركية الجديدة، في مسعى لوضع حد للتعاطف العربي والعالمي مع العراق ولفت الأنظار بعيدا عما يجري في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأشار إلى أن بغداد قطعت شوطا بعيدا في إقناع العالم بأنها جزء مسالم منه وبدأت تفك عزلتها مع محيطها العربي وأخذت وطأة الحصار بالتحلحل تدريجيا مع تفهم دول كثيرة لمعاناة الشعب العراقي، وقال: ومع ذلك بدت الصورة وكأن الأمر هو أن الولايات المتحدة وبريطانيا تضربان بغداد، وعلى العراق والآخرين إيجاد المبررات.
وفي الرأي تناول محمود الريماوي أبرز تداعيات الغارات الأميركية والبريطانية على بغداد وفي مقدمتها أن باول يأتي إلى المنطقة في أجواء من مواقف معلنة بعضها يصل إلى حد التنديد كموقف مصر والأردن وبعضها الآخر متحفظ بشدة كحال السعودية وسوريا.
” إن محاولة واشنطن للربط بين التصعيد على العراق وما يجري في الأرض المحتلة يمثل بداية خاطئة وسيئة للعهد الجمهوري ”
|
ولاحظ الريماوي أن الغارات ساهمت في اكتمال مشهد الرعب في المنطقة عندما تزامنت مع المناورات الأميركية الإسرائيلية في صحراء النقب على استخدام صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ الأسبوع الماضي، كما أن توقيتها جاء مع اشتداد الحرب على الفلسطينيين في الضفة والقطاع واستخدام مروحيات أميركية في أعمال القصف والاغتيالات.
وقال: إن محاولة واشنطن للربط بين التصعيد على العراق وما يجري في الأرض المحتلة يمثل بداية خاطئة وسيئة للعهد الجمهوري الذي لم يبدأ في انتهاج سياسة عادلة ومتزنة ولم يتخذ أي خطوة لوقف الاختلالات في منطقتنا.