الحرب الأهلية.. رهان شارون الأخير


الخليل – عوض الرجوب
هاجمت الصحف الفلسطينية الصادرة اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون وحكومته، واتهمت إسرائيل بالقيام بحملة سافرة تستهدف القيادة الفلسطينية وتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية وإشعال الحرب الأهلية كرهان أخير. كما تناولت الصحف "الصدامات المؤسفة" التي وقعت في غزة مؤخرا وأدت إلى مقتل فلسطيني وإصابة عشرة آخرين بجراح.


حملة شارونية


حملة التحريض السافرة التي يشنها شارون وحكومته على الرئيس ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في ظل الجهود الأميركية والمصرية لتهدئة الوضع، يؤكد أن إسرائيل وضعت نصب أعينها تدمير السلطة الوطنية واستهداف القيادة الفلسطينية

القدس

وقالت صحيفة القدس في افتتاحيتها تحت عنوان ("لا" إسرائيلية للسلام): إن الرئيس المصري حسني مبارك ووزير الخارجية أحمد ماهر وضعا أمس النقاط على الحروف عندما أكدا أن المواقف المتشددة التي يتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون تشكل السبب الرئيسي في فشل كافة الجهود المبذولة لتهدئة الوضع، وأن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا بإمكانهما الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد واستئناف المفاوضات.

وأضافت الصحيفة: من الواضح أن ما يجري على الأرض تصعيد إسرائيلي واضح للعدوان بكل ما تحصده من ضحايا ودمار هائل. وحملة التحريض السافرة التي يشنها شارون وحكومته ضد الرئيس ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، حتى في ظل الجهود الأميركية والمصرية لتهدئة الوضع يؤكد أيضا أن إسرائيل وضعت نصب أعينها تدمير السلطة الوطنية، واستهداف القيادة الفلسطينية، والقضاء التام على كل النتائج المترتبة على اتفاق أوسلو.

إعلان

وحذرت الصحيفة من أن ذلك يعني "إغراق المنطقة مجددا بدوامة العنف والتصعيد وسط فراغ سياسي خطير وبذريعة التمسك الإسرائيلي بالتفاصيل الصغيرة مثل شرط أيام الهدوء السبعة والاعتقالات وما شابه التي ثبت أنها ليست سوى الستار الذي تحاول حكومة شارون التستر خلفه لتبرير عدوانها المتواصل، ولحرف الأنظار عن الأهداف الحقيقية في تكريس الاستيطان والاحتلال ومواصلة التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".

وتابعت الصحيفة: من هذا المنطلق فإن إدعاء إسرائيل بعدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض في الوقت الذي تتبنى فيه المواقف وتمارس على الأرض كل ما من شأنه سد الطريق أمام مفاوضات جادة، يشكل محاولة لفرض الأمر الواقع والتهرب من استحقاقات السلام.

وشددت الصحيفة على الدور الأوروبي في عملية السلام فقالت "حان الوقت للولايات المتحدة وأوروبا تحديدا والمجتمع الدولي عموما لوضع إسرائيل أمام اختيار حقيقي يتمثل في إلزامها بتحديد موقف واضح من الاتفاقيات الموقعة ومن أسس ومبادئ عملية السلام".

وخلصت القدس إلى التأكيد على أهمية الدور الأميركي والأوروبي في الضغط على إسرائيل فقالت: من واجب الولايات المتحدة وأوروبا والمجتمع الدولي ممارسة الضغوط عليها لإلزامها بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني وإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية.


عرفات هو الهدف


السبب الحقيقي الذي يمنع شارون من إعلان السلطة رسميا "عدوا" هو أنه يدرك أن البديل الوحيد للسلطة هو الاحتلال الذي يعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى مربعه الأول

الأيام

وفي الأيام كتب هاني المصري تحت عنوان "ياسر عرفات هو الهدف": ياسر عرفات هو المستهدف.. السلطة الوطنية الفلسطينية هي المستهدفة، وسواء اعترف شارون وأركان حكومته وحربه أو لم يعترفوا بذلك فهذه حقيقة تؤكدها الوقائع اليومية للعدوان الإسرائيلي والمستمر منذ أكثر من أربعة عشر شهرا.

وتابع الكاتب: الأهم من الأعمال العسكرية الإجرامية الحملة السياسية الإعلامية التي يقوم بها شارون وأبرز القادة الإسرائيليين وكبار الصحفيين والكتاب التي تركز سمومها على الرئيس شخصيا، فهو "لم يعد شريكا لإسرائيل في عملية السلام"، وهو "بن لادن إسرائيل تارة، وطالبان تارة أخرى"، وهو "يقود ويدعم الإرهاب تارة ثالثة"، وهو "يتحكم في كل ما يجري على الأرض الفلسطينية تارة أخرى"، و"فقد سلطته وقدرته على حفظ النظام والأمن والتحكم حتى على أقرب مؤيديه تارة أخرى"، وهو "قاد ويقود شعبه من كارثة إلى أخرى".

إعلان

وأضاف الكاتب: تصريحات شارون وعدد من القادة الإسرائيليين ونقاشهم علنا تارة وسرا تارة أخرى يدل على نواياهم بشأن دروب استبدال ياسر عرفات والحفاظ على السلطة أو إسقاط السلطة بكل ما ترمز إليه وبكل قياداتها وإيجاد قيادة بديلة جديدة.

ويرى المصري أن السبب الحقيقي الذي يمنع شارون من إعلان السلطة رسميا "عدوا" والتصرف معها على هذا الأساس؛ أنه يدرك أن البديل الوحيد للسلطة هو الاحتلال الذي يعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى مربعه الأول، وإلى طبيعته الأصلية كصراع بين الاحتلال والشعب المصر على الحرية والاستقلال ومقاومة الاحتلال، ويحرص شارون أيضا على الحفاظ على حكومة الوحدة الوطنية.

ويتابع: اختار شارون أن يقترب من هدفه الأصلي وهو الإطاحة بالسلطة وإسقاط ياسر عرفات عن طريق سياسة الخطوة خطوة حتى تنضج الظروف المحلية والدولية، وحرص في سبيل ذلك على إفشال كافة الجهود الدولية الأميركية والأوروبية والروسية والعربية الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار تمهيدا لاستئناف المفاوضات لتطبيق توصيات ميتشل والتقدم على طريق إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، فالمفاوضات تعطي شرعية جديدة لسلطة عرفات، وهو يريد عزل هذه السلطة تمهيدا لإسقاطها أو تحويلها لأداة في يد إسرائيل.


الرهان على الحرب الأهلية


إذا وقعت هذه الحرب الأهلية -لا قدر الله- فسيخرج فيها المنتصر أيا كان مهزوما، لأنه سيجد نفسه ضعيفا ومكشوفا أمام إسرائيل بحيث يكون مطلوبا منه أن يبصم ويكون أداة طيعة في أيدي الاحتلال أو الرحيل أو الإسقاط والموت

الأيام

وانتقل الكاتب إلى الرهان الإسرائيلي على حرب أهلية فلسطينية فقال: احتمالات الحرب الأهلية الفلسطينية كرت الرهان الأخير في يد شارون بل في يد إسرائيل كلها من خلال دفع الساحة الفلسطينية إلى أتون الحرب الأهلية، وذلك عن طريق وضع الفلسطينيين أمام خطر الحرب الإسرائيلية الشاملة ضدهم إذا لم يستجيبوا للشروط الإسرائيلية التي لا يمكن الاستجابة لها دون المجازفة الكبرى بحدوث حرب أهلية فلسطينية.

وقال الكاتب: أما إذا وقعت هذه الحرب الأهلية -لا قدر الله- " فسيخرج فيها المنتصر أيا كان مهزوما، لأنه سيجد نفسه ضعيفا ومكشوفا أمام إسرائيل بحيث يكون مطلوبا منه أن يبصم ويكون أداة طيعة في أيدي الاحتلال أو الرحيل أو الإسقاط والموت".

إعلان

ويخلص الكاتب إلى التأكيد على أن "الحقيقة الصارخة تبقى الأمل بتفادي الحرب الأهلية وهي التي تفيد بأن الفلسطينيين رغم تعددهم وتنوعهم وخلافاتهم الصحية والمرضية واختلاف أجنداتهم وارتباطاتهم إقليميا ودوليا على قدر من الوعي والمسؤولية، وتجمعهم قضية واحدة وأهداف واحدة؛ فهم ضحية للاحتلال ويتوقون للخلاص منه وهم في سفينة واحدة إذا غرقت غرقوا جميعا، وأهم عوامل الانتصار بلورة الخط السياسي الإستراتيجي الواقعي والوطني وتوفير الأدوات والإمكانات القادرة على تحقيقه وحسم مسألة السلطة الواحدة والقرار الواحد، فما دام هدفنا واحدا أو من المفترض أن يكون واحدا، ومصيرنا واحدا، فيجب أن يكون قرارنا واحدا دون حق الفيتو لأحد، وعلى أساس احترام سيادة المؤسسات الشرعية الوطنية المنتخبة.؟

مراحل النضال
وفي الأيام أيضا وعن القضية نفسها يقول حسن البطل بعد أن استعرض الأوضاع الفلسطينية الداخلية الراهنة: مرت الإستراتيجية النضالية الفلسطينية بثلاث مراحل, وتوشك أن تدخل مرحلة رابعة وحاسمة:
المرحلة الأولى: قتال عسكري مع مناورة بين ظلال المدافع العربية وظلال المدافع الإسرائيلية، اختبر الفلسطينيون هذه المناورة في المرحلة الأردنية القصيرة وطوروها في المرحلة اللبنانية الأطول. وخلاصة هذه المرحلة انتصرت إسرائيل علينا عندما ارتد المدفع العربي علينا في الأردن.. وفي لبنان (شكرا.. ها نحن هنا).

المرحلة الثانية: قتال سياسي مع مناورة بين وقائع السلام المصري الأردني مع إسرائيل، وظلال السلام الفلسطيني الإسرائيلي. لا نتحدث عن خلاصة هذه المرحلة لأنها لم تختمر، ومصر والأردن تحاولان إنقاذ سلامهما وعلاقتهما بأميركا عن طريق إنقاذ السلطة الفلسطينية (شكرا!).

المرحلة الثالثة: اللعب التكتيكي بين حلف أمني إسرائيلي أميركي فريد، وبوادر خلاف سياسي أميركي إسرائيلي جديد، هذه أصعب الألعاب لأنها تدور بين ظلال السلام وأشباح ومخاطر داهمة على المصير الوطني.. ضعيف يناور بين قويين!! وفي جميع هذه المراحل جعل قائدنا الشجاع الجميع في حاجة مضطرة إليه والخائف من سقوطه.. ومنه.. وعليه..؟!

إعلان

أما المرحلة الرابعة: أن تطرد أشباح حرب أهلية بتجسيد نجاح حرب وطنية، محتفظين ببراعة التوازن الصعب بين (الوحدة الوطنية) و(المصلحة الوطنية العليا).


من عد الأيام إلى عد الأنام


صحيح أن إسرائيل قادرة على إيجاد "نطيحة" و"متردية" من بيننا مؤهلة للتنازل، ولكن شعبنا الذي يحمي قائده بما يمثله من رموز سيادية ووطنية وقومية سيبتلع كل متخاذل أو متعاون

الحياة الجديدة

وفي الحياة الجديدة كتب حافظ البرغوثي في زاويته اليومية "حياتنا" تحت عنوان "عرفاتولجيا": قلنا يوم أمس إنه حتى لو تم اعتقال جميع الشعب الفلسطيني فإن الإسرائيليين سيقولون إن هذا ليس كافيا، فحكومة شارون أمسكت بشرط مستحيل في السابق ألا وهو فترة هدوء سبعة أيام.

وتابع الكاتب: هاهي حكومة شارون تنتقل من عد الأيام إلى عد الأنام المعتقلين وستظل تردد أن العدد غير كاف، ليس لأنها ترغب في اعتقال هذا أو ذاك بل لأنها لا تريد التهدئة مطلقا، هدف حكومة شارون هو استمرار حالة عدم الاستقرار، واستمرار سفك الدماء والابتعاد سنوات ضوئية عن المفاوضات لأنها ستفضي إلى قيام دولة فلسطينية وقد بات واضحا أن رأس عرفات هو المطلوب لأن ذلك كفيل بإغراق المنطقة في حالة من الفوضى لا مثيل لها، وهو ما يطمح إليه شارون.

وأضاف: لم يكشف رئيس وزراء تركيا بولنت أجاويد سرا عندما تحدث عن رغبة شارون -في مكالمة هاتفية بينهما- في التخلص من عارفات، فلدى الإسرائيليين علم جديد اسمه "عرافاتولوجيا" لكثرة ما يتحدثون عن الحالة العرفاتية، وتزامن ذلك مع استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أشار إلى أن 56% من الإسرائيليين تراودهم الرغبة ذاتها.

وتطرق الكاتب إلى المحاولات الإسرائيلية لإيجاد قيادة فلسطينية بديلة فقال: صحيح أن إسرائيل قادرة على إيجاد "نطيحة" و"متردية" من بيننا مؤهلة للتنازل، ولكن شعبنا الذي يحمي قائده بما يمثله من رموز سيادية ووطنية وقومية، سيبتلع كل متخاذل أو متعاون قبل أن يرتد إليه طرفه.. وسيواصل مسيرته الجهادية لتحرير أرضه من الغزاة مهما طالت المسيرة وتصاعدت التضحيات.. والذين توسوس لهم شياطينهم وأبالستهم أن بالإمكان طي ملف القضية بالاغتيال يعرفون أن الاغتيال أسهل أنواع القتل وأجبنها وأمره يسير على من يريد اقترافه.

إعلان

ويخلص الكاتب إلى القول: سياسة حكومة شارون لا تقتصر على اغتيال قائد بل هي في الحقيقة تريد اغتيال قضية وشعب فهل يغفر شعب الجبارين للجبناء مثل هذه الجرائم؟

المصدر : الصحافة الفلسطينية

إعلان