القصف لن يكون كافيا لوقف الرعب في شوارع إسرائيل
لندن – الجزيرة نت
خصصت كبريات الصحف البريطانية الصادرة اليوم افتتاحياتها للحديث عن التطورات الخطيرة في الشرق الأوسط وأجمعت على أن الهجوم الإسرائيلي الحالي يستهدف إسقاط الرئيس ياسر عرفات وإنهاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وحضت إدارة الرئيس بوش على إعطاء ضوء أحمر أو أصفر على الأقل لمنع الانهيار الكامل.
خروج عرفات
”
” |
وكتبت صحيفة تايمز في افتتاحية بعنوان "خروج عرفات" أن "الحجم الكامل لرد إسرائيل على مذبحة مواطنيها لم يتضح بعد، لكن الإستراتيجية التي تحكمه بدت واضحة تماما.إسرائيل حملت عرفات مسؤولية العمليات التي وقعت هذا العام وسيكون محط التركيز الأساسي في حرب شارون على الإرهاب".
وتابعت أن "زعيم فلسطين قد لا يسقط رسميا في الأسابيع القادمة لكنه سيصبح غير فعال تماما، والهجوم على موقع طائرات عرفات في غزة أمس هو هجوم رمزي". ولاحظت أن "عرفات وشارون لن يتفاوضا أبدا".
وقالت: إن الرد الإسرائيلي يحمل في طياته تخليا عن موقف سابق يعتبر أن عرفات "مهما كانت عيوبه أفضل من أي زعيم فلسطيني آخر محتمل". وأضافت أن "إسرائيل كانت تؤمل أن يفضل (عرفات) الصراع الداخلي مع حماس والجهاد وهما تنظيمان كانا تاريخيا منافسين لحركة فتح، على مواجهة عسكرية مع إسرائيل سيكون مستحيلا عليه الفوز فيها. لذلك كان من مصلحة إسرائيل إبقاء عرفات في السلطة".
ورصدت الصحيفة تحولا إستراتيجيا إسرائيليا بتخلي تل أبيب عن هذا التحليل، وأضافت أنه "قرار ذو دلالات عظيمة وتقويه نغمة جديدة تبنتها إدارة بوش بعد أن كانت أميركا التي ظلت تعتقد لعقد من الزمان أن عرفات هو الأقل ضررا بين القادة الفلسطينيين ولذلك قدمت له دعما كبيرا". وقالت إنه "ما لم ينقذ عرفات نفسه في اللحظة الأخيرة بتأكيد سلطته فإن بوش سيتركه ومن معه لمصيرهم". وأكدت أن "الإدارة الأميركية لم تعط ضوءا أخضر لشارون للرد على الهجمات، لكنها تخلت عن الضوء الأحمر الذي كانت تفرضه على إسرائيل. ويبدو أن بوش مثل شارون بات يعتبر أن عهد عرفات انتهى".
الدولة الإسلامية
وحذر المحرر الدبلوماسي للصحيفة في تقرير موسع عن مسيرة عرفات من أنه "بدون السيد عرفات والسلطة الفلسطينية فإن تنظيمات حماس والجهاد التي تحظى بشعبية في الأراضي الفلسطينية ستتولى القيادة وتعلن الدولة الإسلامية، وعندها ستجد إسرائيل نفسها في حالة حرب دائمة مع جيرانها الفلسطينيين الذين سيقودهم الناس ذاتهم الذين ينفذون حاليا الهجمات الانتحارية".
” خبرة الماضي تفيد بأن عرفات سيتخذ أنصاف إجراءات على أمل إرضاء إسرائيل والإسلاميين والقوى الغربية، لكن هذه الإجراءات لن تكون كافية لوقف الرعب في شوارع إسرائيل ”
|
خطة عرفات القاتلة
وقالت صحيفة تلغراف في افتتاحيتها أن "الضربات الإسرائيلية تهيئ المسرح لسقوط عرفات". وأوضحت أن "عرفات استخدم الإسلاميين الراديكاليين لمصلحته لكنه يفتقد الآن القدرة على وقفهم". ولاحظت أن "الراديكاليين يديرون العرض منذ انطلاق الانتفاضة قبل 14 شهرا". وأفادت أن "خبرة الماضي تفيد أن عرفات سيتخذ أنصاف إجراءات على أمل إرضاء إسرائيل والإسلاميين والقوى الغربية. لكن هذه الإجراءات لن تكون كافية لوقف الرعب في شوارع إسرائيل".
التعقيد المرعب
وكتبت صحيفة إندبندنت في افتتاحيتها اليوم وتحت عنوان "والآن نستطيع أن نرى بوضوح التعقيد المرعب لإعلان الحرب على الإرهاب": أنه "منذ 11 سبتمبر/أيلول عندما أصبحت حرب أميركا الجديدة على الإرهاب مرتبطة بدوامة متعمقة من العنف في الشرق الأوسط، فإن كثيرين ممن رأوا عدالة في القضية الفلسطينية مروا بزمن صعب في الرد على سؤال مباشر هو: كيف يكون خطأ على إسرائيل الرد على الإرهابيين الفلسطينيين في حين تندمج أميركا في حرب شاملة للقضاء على أسامة بن لادن وتدمير نظام طالبان الذي يؤويه؟!".
” الضوء الأخضر الضمني الذي أعطاه بوش لإسرائيل للتصرف كما تريد قد يكون أمرا لا يمكن تجنبه، لكنه يوضح المشاكل التي ستبرز أمام المرحلة الثانية الموعودة من حرب بوش على الإرهاب ”
|
ورأت الصحيفة أن "هجمات القدس وحيفا غلت يد الرئيس جورج بوش من الاستمرار في خط وسطي، فالمشاعر العميقة -ليس فقط في إسرائيل وإنما في أميركا أيضا- جعلت من المستحيل سياسيا أن يطلب من رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون أن يعطي خده الآخر". وأضافت أن "الضوء الأخضر الضمني الذي أعطاه بوش لإسرائيل للتصرف كما تريد قد يكون أمرا لا يمكن تجنبه، لكنه يوضح المشاكل التي ستبرز أمام المرحلة الثانية الموعودة من حرب بوش على الإرهاب". وزادت أن "أسامة بن لادن قد يكون خطف القضية الفلسطينية كما تقول رئاسة الوزراء البريطانية، لكن لا أحد يستطيع إنكار أن مشاعر الظلم لدى الإسلام الراديكالي تضاعفت بما تراه من انحياز أميركي دائم إلى جانب إسرائيل".
ودعت بوش إلى مقاومة نزعات في أميركا لإكمال عملية أفغانستان بالقضاء على الحكومة العراقية وتنظيمات مثل حماس والجهاد الإسلامي، وقالت إنه "بقي في البيت الأبيض مدة كافية لإدراك أن العنف في الشرق الأوسط لن يولد إلا مزيدا من العنف". وقالت إن من السهل القول للرئيس ياسر عرفات أن يعتقل قادة هذه التنظيمات لمدة مفتوحة "لكن الجميع يعرفون أنه لا يستطيع فعل ذلك من دون التوقيع على شهادة وفاته السياسية وربما الشخصية. ومن دون عرفات فإن الجميع يعرفون أن الطريق ستصبح سالكة لحركة حماس وغيرها مما سيضمن مزيدا من الراديكالية ضد إسرائيل وضد أميركا في أنحاء العالم الإسلامي".
وختمت بالقول "هذا هو التعقيد في حرب أميركا الجديدة على الإرهاب وارتباطها بصراع الشرق الأوسط القديم. سيبرز آخرون إذا سارت الأمور كما يريد الصقور في واشنطن في العراق وإيران وغيرها. قد يكون بوش أعطى ضوءا أخضر في العلن، لكن الرسالة السرية للسيد شارون يجب أن تكون ضوءا أصفر إن لم يكون أحمر". وأوضحت الصحيفة أن رئاسة الوزراء البريطانية دعت الإسرائيليين والفلسطينيين أمس إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وقال الناطق باسم بلير إن "الطريق الوحيد لإنهاء العنف في الشرق الأوسط هو استئناف المفاوضات. وعلينا جميعا البحث عما يمكن أن نفعله للمساعدة في ذلك".
” الصواريخ التي دمرت مهبط طائرات عرفات في غزة أمس قد تكون علامة على ما سيأتي من انفصال كامل بين القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية وتدمير بنية السلطة الفلسطينية التحتية وتفريق العاملين في السلطة وطردهم ”
|
على شفا الفوضى
وكتبت صحيفة غارديان افتتاحية عن "المعركة الخطرة من أجل الدعم الأميركي" قالت فيها إن "شارون تحدث إلى مواطنيه أمس بصورة بدا فيها واثقا من أنه يتمتع بدعم أميركي حتى في إدانته لعرفات بصورة متطرفة". وأضافت أن "الصواريخ التي دمرت مهبط طائرات عرفات في غزة أمس قد تكون علامة على ما سيأتي من انفصال كامل بين القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية وتدمير بنية السلطة الفلسطينية التحتية وتفريق العاملين في السلطة وطردهم. لكن من المستحيل تصديق أن شارون عاد من أميركا بتفويض من هذا النوع".
ورأت الصحيفة أن "المخاطر قد لا تكون كبيرة كما تبدو من القراءة الأولى لخطاب شارون، لكنها رغم ذلك ليست سهلة. إن الفوضى وفقدان القدرة الكاملة في التحكم لم يقترب من الحصول في الشرق الأوسط على أكثر من الآن".
التدخل السريع
وفي الشأن الأفغاني قالت إندبندنت من المرجح أن تحتفظ بريطانيا ببعض قواتها في أفغانستان، والزيادة التي ستقدمها بريطانيا لقواتها هناك ستصبح جزءا من قوة التدخل السريع الأوروبية التي يبلغ عدد قواتها 60 ألفا. وأضافت أن "القوات الأميركية والبريطانية تدرس إمكان القيام بعمليات سريعة على دول تتهمانها بإيواء أعضاء في تنظيم القاعدة في الصومال واليمن والسودان، لكن هناك معارضة أوروبية لتوسيع نطاق الحرب خارج أفغانستان". وقالت إن وزير الدفاع البريطاني جيف هون سيقدم تفصيلا لهذا التفكير في قوة التدخل السريع في خطاب يلقيه غدا ضمن المراجعة الإستراتيجية الدفاعية البريطانية.