الغارات الأميركية وخطة دولية لحل الأزمة الأفغانية
إسلام آباد – أحمد زيدان
ركزت الصحف الباكستانية الصادرة اليوم على استمرار الغارات الأميركية والبريطانية على أفغانستان، وخطة إسلام آباد لمواجهة المدارس الدينية التي تنشر التطرف والإرهاب الديني كما تقول الحكومة والأجهزة الغربية.
مسودة اتفاق دولي
” العقبة الوحيدة المتبقية أمام مؤتمر بون هي قائمة أسماء الحكومة الانتقالية التي ستدير البلاد لستة أشهر ”
|
تحدثت صحيفة دون في أحد عناوينها الرئيسية عن عرض الأمم المتحدة لمسودة اتفاق بشأن تشكيل حكومة انتقالية لستة أشهر في أفغانستان واقتراح دور رمزي لظاهر شاه. وتضمن الاتفاق حسب إعلان الناطق باسم مبعوث الأمم المتحدة إلى بون أحمد فوزي تعيين رئيس للمحكمة العليا وكذلك تشكيل لجنة من 21 عضواً تعمل على دعوة مجلس لويا جيرغا (وهو مجلس أفغاني تقليدي موسع) ومن المتوقع أن يمهد مجلس اللويا جيرغا إلى تشكيل حكومة انتقالية لمدة عامين وسن دستور جديد للبلاد وتشكيل حكومة موسعة. ولعل العقبة الوحيدة المتبقية أمام مؤتمر بون هي قائمة أسماء الحكومة الانتقالية التي ستدير البلاد لستة أشهر، وأشارت الوثيقة المكونة من سبع صفحات إلى نشر قوات متعددة الجنسيات في أفغانستان ما دام الأفغان ليس لديهم قوات للأمن والشرطة في بلادهم.
وتضيف ذي نيشن أن مجلس البرلمان الموسع الذي اختير في بون من 120 شخصية كان قد رفض من قبل الرئيس برهان الدين رباني وهو ما دفع المؤتمر إلى اختيار مجلس أقل عدداً.
ضحايا مدنيون
تقول صحيفة ذي نيوز إن أكثر من 75 قتيلاً مدنياً وقعوا ضحية الغارات الأميركية على قندهار وجلال آباد أمس. وتنقل الصحيفة عن القائد البشتوني المعارض حاجي دين محمد في جلال آباد انتقاده للضربات الأميركية التي تستهدف المدنيين والقوات البشتونية المعارضة وإسقاطها للقنابل على بعد 20 كم من الأهداف المنوي ضربها في منطقة تورا بورا حيث تشتبه الولايات المتحدة بوجود زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
ونقلت الصحيفة عن بعض المصادر الأفغانية هبوط خمس طائرات مروحية أربعة منها أميركية وواحدة تابعة للتحالف الشمالي في مطار جلال آباد، وكان على متن هذه المروحيات مقاتلون للاستعداد لشن علمية ملاحقة لبن لادن ولستين عربياً يعتقد أنهم موجودون في منطقة تورا بورا.
لكن صحيفة أوبزرفر في عنوان رئيسي ترى أن الغارات الأميركية أسفرت عن دفن المئات من الأشخاص، وتنقل الصحيفة عن بعض المصادر مخاوفها من أن يكون قصف الأحد قد أسفر عن مقتل 200 مدني، كما أبرزت تصريحات وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد التي يقول فيها إن الحرب الأفغانية بعيدة من النهاية.
انهيار قادة طالبان
ويكتب مراسل ذي نيوز عن الموضوع فيقول: إن الانهيارات والانسحابات السريعة لحركة طالبان من المناطق الخاضعة لسيطرتها بالإضافة إلى استمرار الضربات الأميركية عليها جعل قيادتها في حالة انهيار وشلل كاملين، فزعيم الحركة الملا محمد عمر الذي يعد أكثر شخصية مطلوبة لأميركا بعد بن لادن دون أن توجه له أي تهمة بشكل رسمي، لا يقوى الآن على الاتصال مع قيادته السياسية ولا العسكرية.
ولعل أحد الأسباب المهمة التي أدت إلى سقوط الحركة وانسحابها السريع هو تخريب بنيتها الاتصالية بسبب الغارات الأميركية الرهيبة التي قطعت الاتصالات بين وحدات الحركة وجعلت كل وحدة تتحرك بمفردها وبعيداً عن أوامر القيادة.
وفي موضوع ذي صلة كشف نجل القائد الأفغاني محمد نبي محمدي المقرب من طالبان في ذي نيوز أيضاً عن اتصالات يجريها كبار قادة طالبان مع والده بشأن انفصالهم عن الحركة وتفضيلهم الحوار على الحرب وهو ما يعني إذا حصول أول انشقاق علني وظاهري في صفوف حركة طالبان. ويتردد أن معظم الأطراف التي تنوي الانشقاق هي من ولايتي لوغر وبكتيا اللتين كانتا تواليان محمد نبي محمدي قبل ظهور حركة طالبان.
عقدة التقسيم
” يبدو أن رمسفيلد لا يهمه الشعب الأفغاني أبداً وكل ما يهمه بعد أن فقد عقله هو ألا تستخدم أفغانستان قاعدة للإرهاب ”
|
وتحت هذا العنوان كتب جاسم تقي في صحيفة أوبزرفر عن وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد الذي رفض حسب الكاتب مجرد الاعتذار لضحايا مذبحة مزار شريف الـ 700 من أسرى الحرب في حديث لمحطة سي إن إن، والتي تعد قتلاً عاماً تمارسه الولايات المتحدة ومذبحة واضحة. وقال تقي "يبدو أن رمسفيلد لا يهمه الشعب الأفغاني أبداً وكل ما يهمه بعد أن فقد عقله هو ألا تستخدم أفغانستان قاعدة للإرهاب، ولا يعنيه أبداً كل الشعب الأفغاني الذي يقع ضحية للغارات الأميركية الهمجية".
ويتخوف الكاتب من أن تقود تصرفات وزير الدفاع الأميركي كون أفغانستان كما يراها دولة فاشلة أو دولة مارقة إلى تقسيم هذا البلد إلى دويلات صغيرة على أساس عرقي. ويضيف الكاتب أن الدعم الدولي يظهر مدى الانقسام الحاد الذي وقع على الساحة الأفغانية فهناك الدعم الروسي للتحالف الشمالي وكذلك خطة الأمم المتحدة في دعوة تجمعات مدعومة من قبل أطراف إقليمية أو دولية مثل مؤتمر قبرص من قبل إيران ومؤتمر بيشاور من قبل باكستان وهكذا.
حرب المدارس الدينية
” تعتزم باكستان الكشف عن خطة لمواجهة المدارس الدينية التي تتهمها الحكومة بالمسؤولية عن نشر التطرف الديني في البلاد وهو ما تشكو منه الدول الغربية على أساس أن هذه المدارس تشكل الحديقة الخلفية لحركة طالبان الأفغانية ”
|
وتحدثت صحيفة ذي نيشن عن خطة حكومية تعتزم باكستان الكشف عنها لمواجهة المدارس الدينية التي تتهمها الحكومة بالمسؤولية عن نشر التطرف الديني في البلاد وهو ما تشكو منه الدول الغربية على أساس أنها تشكل الحديقة الخلفية لحركة طالبان الأفغانية والتخوف من سيناريو حركة طالبان باكستانية. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس برويز مشرف مع وزيري الداخلية والشؤون الإسلامية بشأن الحديث عن توحيد المناهج وعصرنة المدارس ومراقبة الطلبة الأجانب الدارسين في هذه المدارس وهو ما يسبب إشكالية في علاقة باكستان مع بعض الدول التي يأتي منها هؤلاء الطلبة، كما سيصار إلى مراقبة كل الحسابات المالية لهذه المدارس وسيتولى هذه المهمة البنك المركزي، ومعروف أن معظم هذه المدارس يمول من قبل دول عربية وإسلامية. وحسب أوبزرفر فإن المتهم بالتطرف الديني سيحاكم الآن في محاكم خاصة أنشئت عام 1997 بعد أن كانت هذه المحاكم خاصة بالعنف الطائفي بين الشيعة والسنة.