الدم بالدم والاحتلال أظلم
القاهرة – أحمد عبد المنعم
احتلت الأحداث الفلسطينية مكان الصدارة في جميع الصحف المصرية الصادرة اليوم، التي اعتبرت أن المنطقة أصبحت على حافة الخطر مؤكدة أن الدم بالدم وأن الثأر والانتقام سيظل قائما مادام الاحتلال الإسرائيلي جاثما على صدور الفلسطينيين, وعلقت على الموقف الأميركي من الأحداث، كما عرضت للاتفاقية القضائية بين مصر وأميركا، ونشرت العديد من الموضوعات الأخرى.
مبارك يستنكر
” المنطقة أصبحت على حافة الخطر وسوف تدخل في دوامة العنف والعنف المضاد بسبب مراوغة شارون ”
|
وقد أبرزت صحيفة الأهرام في موضوعها الرئيسي مصرع 27 وإصابة 215 إسرائيليا في انفجارات خلال أقل من 24 ساعة. وأشارت الصحيفة إلى رد الفعل المصري الرسمي المتمثل في تصريحات الرئيس مبارك الذي أعرب عن أسفه للانفجارات، كما عبر عن مواساته لأسر الضحايا والجرحى. وأضاف مبارك أن مصر تدين كل أعمال العنف المتبادل، الذي يستهدف الأبرياء، وطالب بوقف الأعمال الانتقامية والعسكرية حقنا للدماء.
وفي عمود "رأي الأهرام"، علقت الصحيفة على الأحداث قائلة إن المنطقة أصبحت على حافة الخطر وسوف تدخل في دوامة العنف والعنف المضاد بسبب مراوغة شارون، الذي اعتقد أن ممارسة سياسة تكسير العظام واغتيال القيادات الفلسطينية سوف تؤدي إلى تركيع الفلسطينيين وإجبارهم على قبول كل ما تراه إسرائيل.
الدم بالدم
أما صحيفة الأخبار فقد نشرت مقالا لرئيس تحريرها، جلال دويدار، أكد فيه على ضرورة أن يفهم السفاح شارون أن الدم الإسرائيلي ليس أغلى من الدم الفلسطيني. وأضاف دويدار أن على شارون أن يدرك أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية سيؤدي إلى الانتقام والثأر. ومضى قائلا "ولأنه لا يفهم سوى هذا
” الدم الإسرائيلي ليس أغلى من الدم الفلسطيني وعلى شارون أن يدرك أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية سيؤدي إلى الانتقام والثأر ”
|
الأسلوب الدموي في تعامله مع الفلسطينيين الذين يكافحون ويناضلون من أجل تحرير أراضيهم، فإن عليه أن يتحمل وحده مسؤولية الجانب الأكبر لكل ما يتعرض له الإسرائيليون من أعمال فدائية".
وأوضح دويدار أن على شارون أن يفهم أنه لا يمكنه ممارسة كل أنواع الجرائم في فلسطين دون أن يتصدى له الشعب الفلسطيني، على أساس أن العين بالعين والبادئ أظلم". وفي السياق نفسه، خاطب دويدار الولايات المتحدة قائلا إن عليها إقناع شارون بخطأ سياسته وأنه لا مخرج له من دائرة العنف إلا بقيام الدولة الفلسطينية.
وتعليقا على الأحداث نفسها نشرت الصحيفة مقالا للصحافي محمود عبد المنعم مراد يقول فيه إن الأطفال الفلسطينيين قد شبوا عن الطوق، وهاهم يردون على العدوان الإسرائيلي بما هو قريب منه. ومضى مراد يقول "إن الفلسطينيين هم أصحاب الحقوق المشروعة، لهم الحق في دولة حرة مستقلة ذات سيادة لها أسلحتها وقواتها التي تحمي الشعب الفلسطيني من أي عدوان يتعرض له. ولا بد أن يفهم السفاح أن الماضي لن يعود، وأن دولتهم التي قامت بالعنف والقتل حان موعد ردعها".
صادرات لإسرائيل
نشرت الأخبار خبرا يؤكد أن الصادرات المصرية لإسرائيل خلال النصف الأول من العام الحالي بلغت 95 مليون دولار، وذلك بعد أن كانت خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار تصل إلى 51 مليون دولار. وقال التقرير الشهري لوزارة التجارة الخارجية إنه لم يتم رصد أي واردات لمصر من إسرائيل خلال هذه الفترة. ويذكر أن الصادرات المصرية لإسرائيل شهدت أعلى معدل عام 1996 حيث بلغت 344 مليون دولار.
ونشرت الصحيفة خبرا اقتصاديا أوضح أن قيمة العجز في الميزان التجاري المصري بلغت 39.9 مليار جنيه. وعزا الخبر ارتفاع العجز إلى ضآلة الصادرات في مقابل ارتفاع فاتورة الواردات. وأضافت الصحيفة أنه في العام المالي 2000/2001 بلغت واردات مصر من اللبن والبيض والعسل ما يعادل 646 مليون جنيه، ومن المبيدات الحشرية ما يعادل مليارا و925 مليون جنيه، ومن التبغ 628 مليون جنيه، ومن الفحم 259 مليون جنيه، أما الواردات من لعب الأطفال والشيكولاتة واللبان والإبر والخيوط فقد بلغت خمسة مليارات و404 ملايين جنيه.
أميركا ونيران الشرق
” مشكلة إسرائيل وأميركا أنهما تصران على تحويل مصدر اشتعال النيران إلى المسار العكسي، بينما الواقع يقول إن سياسة القهر والاستبداد التي يمارسها شارون هي السبب في كل ما يجري ”
|
أما صحيفة الجمهورية فقد كتب رئيس تحريرها سمير رجب، عموده اليومي منتقدا بشدة موقف الولايات المتحدة من الأحداث الجارية. يقول رجب إن مشكلة إسرائيل وأميركا أنهما تصران على تحويل مصدر اشتعال النيران إلى المسار العكسي، بينما الواقع يقول إن سياسة القهر والاستبداد التي يمارسها شارون هي السبب في كل ما يجري.
وتعجب رجب من تصريحات بوش حول انفجارات القدس التي قال فيها إنه لا يوجد أي شخص يمكن أن يتسامح مع تلك الأعمال، يقول رجب معقبا "هل ثمت قضية أخطر وأهم وأفظع من احتلال أرض واغتصاب حرمات". ويستطرد رجب منتقدا وصف باول للفلسطينيين بالحقارة والجبن فيقول "لماذا لم يكلف خاطره مرة ويقول للإسرائيليين إن ما يرتكبونه ضد شعب مغلوب على أمره لا يمت بصلة لأي دين".
كارثة تقسيم العراق
” إن الموت في انتظار المصريين إذا بدأت عملية ضرب العراق ”
|
أما صحيفة الأسبوع فقد نشرت مقالا حول الهدف التالي للحملة الأميركية، خلص المقال إلى أن العراق هو الهدف، ومضى يقول "أيا ما كانت الاحتمالات فالأمر هذه المرة جد، ولن يقف هذا المخطط عن التطبيق الآن أو في مناسبة قادمة إلا إذا قادت مصر والسعودية عملية إفشال هذا المخطط، وخاصة مصر القادرة على تعبئة الجهود والمشاعر في المنطقة". وأوضح المقال أن ضرب العراق أو تقسيمه، يشكل حلقة في سلسلة الضربات التي يمكن أن تتوالي وتصل إلى السودان، لإفساح المجال لإسرائيل للسيطرة عليه. وأشار المقال إلى أن مصر سوف تتعرض لكارثة اقتصادية إذا بدأت عمليات ضرب العراق، والسبب في ذلك أن مصر تصدر للعراق ما قيمته مليار ومائتا مليون دولار. ومضى المقال مؤكدا أن "الموت في انتظارنا فعلا إذا بدأت عملية ضرب العراق".
اتفاقية لاختراق السيادة
وتعليقا على الاتفاقية التي وقعها وزير الخارجية المصري أحمد ماهر مع نظيره الأميركي كولن باول بشأن التعاون القانوني والقضائي، نشرت الصحيفة تحقيقا مطولا أشار إلى أن الاتفاقية تعد فصلا جديدا في اختراق السيادة المصرية. وأوضح التحقيق أن الاتفاقية تهدف إلى تبادل الأدلة وطلبات التفتيش، والتعاون في مجال المعلومات والاستماع إلى الأقوال، والاطلاع على المستندات والسجلات. وقال التحقيق إنه رغم خطورة الاتفاقية فإن الحكومة فرضت سياجا من السرية عليها لدرجة أن رجال القضاء وأعضاء مجلس الشعب لم يسمعوا عنها.
واستعرض التحقيق تحذيرات سفراء وقانونيين من مخاطر هذه الاتفاقية، وقد اعتبر مسؤول سابق بوزارة الخارجية بنود الاتفاقية خرقا سافرا للسيادة الوطنية ومخالفة دستورية واضحة. وتوقع أستاذ للقانون الدستوري أن تكون الاتفاقية عقد إذعان من جانب واحد يعطي لأميركا الحق في اغتراف المعلومات، دون أن تستطيع مصر
” الظروف مواتية أمام العرب لكي يشحذوا إرادتهم وهمتهم ويقولوا بأعلى صوت إنهم لن يسمحوا للولايات المتحدة بالعبث في هذه المنطقة ”
|
المطالبة بمبدأ المعاملة بالمثل، كما توقع أن تخدم الاتفاقية إسرائيل. من جانبه اعتبر نائب معارض في مجلس الشعب أن أميركا تعيد صياغة قوانين العالم لتصبح شرطي العالم وقاضيه.
عرب الوقت الضائع
ونختتم جولتنا بصحيفة الوفد التي نشرت تعليقا على التهديدات الأميركية للعراق وانحسار الدور العربي في مواجهة هذه التهديدات. وتساءل التعليق عن جدوى جامعة الدول العربية وجدوى وزارات الخارجية العربية، وهل تظل هذه المؤسسات تتثاءب في انتظار الضربة الموعودة للعراق. ويقول التعليق "الظروف مواتية أمام العرب لكي يشحذوا إرادتهم وهمتهم، ويقولوا بأعلى صوت إنهم لن يسمحوا للولايات المتحدة بالعبث في هذه المنطقة". واختتمت الصحيفة تعليقها بتساؤل يحمل نبرة السخرية فقالت "هل يتحرك العرب.. حتى في الوقت الضائع؟".