مطلوب من عرفات وقفة أخيرة
واشنطن-الجزيرة نت
تناولت الصحف الأميركية الرئيسية الصادرة اليوم بالتعليق والتحليل الوضع في فلسطين المحتلة والضغوط التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية لتصفية الانتفاضة كوقفة أخيرة مطلوبة من عرفات، كما تناولت الوضع في أفغانستان وما ستؤول إليه الأوضاع في البلد الذي لا يزال يتعرض للقصف الأميركي.
المطلوب من عرفات
” مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة تكمنان في أن ينقذ عرفات نفسه، ولذا فإن ضرب إسرائيل لسلطة عرفات وقطع الاتصالات به يأتي بردود عكسية ”
|
صحيفة واشنطن بوست قالت في افتتاحية لها بعنوان "وقفة عرفات الأخيرة" إن سلطات عرفات ومصداقيته في العالم تنهار بسرعة. لكن الصحيفة قالت إن عرفات قادر على إنقاذ نفسه بالقيام بهجوم جاد على حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين وصفتهما الصحيفة بأنهما "منظمتان إرهابيتان" وقطع علاقة سلطته بهما ودون رجعة. ورغم أنه قد اتخذ خطوات حاسمة في هذا الاتجاه خلال الأسبوع الماضي، فإنه لم يتحرك بحزم. وبدلا من أن يقوم بالتحرك، كان ينتظر أن تنقذه الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، وقد حاول الجميع إفهامه أنهم لن يساعدوه.
وأضافت الصحيفة أن عرفات ربما كان غير قادر على إنقاذ نفسه، ولكن مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة تكمنان في أن ينقذ عرفات نفسه، ولذا فإن ضرب إسرائيل لسلطة عرفات وقولها بأنها لن تتصل به يأتي بردود عكسية. وقالت الصحيفة إنه إذا سقط عرفات فسيكون المتطرفون من الجانبين هم الرابحون. وتعلم الحكومة الأميركية ذلك، ولكن شعورها بالإحباط تجاه عرفات وترددها في الضغط على إسرائيل يحولان دون تحركها في هذه الظروف الحرجة، ولكنها لن تقوم بإنقاذ عرفات.
سلطة فاسدة
” يجب إزاحة ياسر عرفات من رئاسة السلطة الفلسطينية، ليس لأنه لا يبدو قادرا على وقف هجمات المتشددين الفلسطينيين ضد إسرائيل، بل لأنه فاسد وسلطته فاسدة ”
|
أما صحيفة كريستيان ساينس مونيتور فقد نشرت افتتاحية بعنوان "متطلبات سلام الشرق الأوسط" قالت فيها إنه إذا كان للعنف أن يتوقف في الضفة الغربية وغزة فإن ذلك يتطلب حدوث أمرين: يجب إزاحة ياسر عرفات من رئاسة السلطة الفلسطينية، ليس لأنه لا يبدو قادرا على وقف هجمات المتشددين الفلسطينيين ضد إسرائيل، بل لأنه فاسد وسلطته فاسدة. وإذا أرادت السلطة الفلسطينية العودة إلى كسب ثقة الإسرائيليين الذين يريدون السلام فإن عليها التحرك قبل أن لا تقدر على إيقاف حماس والجهاد الإسلامي.
وأضافت الصحيفة أن هناك موضوع المستوطنات الإسرائيلية والتي رغم إصرار إسرائيل على حقها في إقامتها فإنها خرق للقانون الدولي ولميثاق جنيف الرابع ولقرارات الأمم المتحدة. وقالت الصحيفة إنه عندما تم توقيع اتفاق أوسلو عام 1993 كان هناك 32750 وحدة سكنية في تلك المستوطنات غير الشرعية. وقد أضافت إسرائيل إليها منذ ذلك الحين 20 ألف وحدة سكنية أخرى.
وترى الصحيفة أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط ما دامت هذه المستوطنات قائمة، ولن يقبل الفلسطينيون أي اتفاق سلام يحاول إجبارهم على القبول بالعيش في كانتونات مثل بانتوستان من أجل حماية المستوطنات الإسرائيلية، وسيستمر سفك الدماء بين الجانبين.
تدمير القاعدة
وعن الحرب الأفغانية قالت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحية لها إن وزير الخارجية الأميركي كولن باول يقول إننا "دمرنا تنظيم القاعدة في أفغانستان وأنهينا دور ذلك البلد كملجأ للنشاط الإرهابي". ولكن الملا محمد عمر وأسامة بن لادن ما زالا طليقين، وكذلك أغلب قادة طالبان وقادة تنظيم القاعدة، ويعني ذلك أن الحرب -ومرحلتها الأولى هذه- لم تنته بعد، وقد يتوجب علينا الآن القتال بوسائل أخرى مختلفة وأكثر تعقيدا.
” ما دامت قيادات تنظيم القاعدة على قيد الحياة فقد تكون قادرة على إعادة تنظيم نفسها ”
|
واعتبرت الصحيفة أنه ما دامت قيادات تنظيم القاعدة على قيد الحياة فقد تكون قادرة على إعادة تنظيم نفسها وعلى القيام بهجمات ضد الولايات المتحدة باستخدام خلاياها المنتشرة في العالم. وإن المفاوضات التي قام بها الأفغان من أجل استسلام قادة طالبان بدلا من القضاء عليهم، لم تترك كبار قادة طالبان طلقاء فحسب، بل منحت الحكومة الأفغانية الجديدة دورا ومصلحة في حمايتهم من عقاب الولايات المتحدة لهم.
وحثت الصحيفة الولايات المتحدة على وجوب إقناع حلفائها الجدد في أفغانستان بالعمل ضد الملا محمد عمر وضد كبار قادة طالبان، أو السماح للقوات الأميركية بالعمل ضدهم حتى لو أدى ذلك إلى تعثر ترتيبات الهدنة الهشة أو تعثر جهود نشر قوات سلام دولية بقيادة بريطانية. ويجب أيضا تشجيع الرئيس الباكستاني برويز مشرف على اتخاذ الخطوة التالية نحو إقامة تحالف مع الغرب بأن يضرب بقوة أية قوات من طالبان أو القاعدة دخلت باكستان خلسة حتى لو أدى ذلك إلى استياء بعض عناصر القوات المسلحة الباكستانية.
تأثير هش
أما صحيفة شيكاغو تريبيون فقد تطرقت إلى تأثير حركة أسامة بن لادن والحرب التي تشنها الولايات المتحدة بأفغانستان في دول عربية مثل السعودية ومصر، وقالت إن الولايات المتحدة واصلت حربها دون أن يثير بن لادن انتفاضة أصولية قد تطيح بالأنظمة القائمة في مصر وفي السعودية وفي أقطار أخرى أيضا.
” كان أسامة بن لادن يريد أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة مفرطة في القوة ضد أفغانستان كي يثبت أن هناك حربا ضد الإسلام وأن على المسلمين أن يقفوا في مواجهة الغرب ”
|
ونسبت الصحيفة إلى الجنرال الأميركي المتقاعد ويسلي كلارك -الذي قاد العمليات العسكرية الأميركية ضد يوغسلافيا السابقة- قوله "إن بن لادن يريد مكة والمدينة، ويريد منابع النفط، يريد الأموال والزعامة الدينية كي يجلب العالم الإسلامي إلى جانبه".
ويضيف كلارك "كان أسامة بن لادن يريد أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة مفرطة في القوة ضد أفغانستان كي يثبت أن هناك حربا ضد الإسلام وأن على المسلمين أن يقفوا في مواجهة الغرب". وقالت الصحيفة "لكن السعودية ما زالت هدفا معرضا لهجمات تنظيم القاعدة وخلاياه المنتشرة في العالم، وأسامة بن لادن يهدف إلى إحراج الحكومة السعودية وإدخالها في تحالف مع الولايات المتحدة وجعل النظام السعودي أكثر عرضة لهجمات تأتيه من الداخل".
ونسبت الصحيفة إلى مصادر استخباراتية أميركية قولها إن الحكومة السعودية قد غضت الطرف عن مجموعات متطرفة كثيرة وإنها كانت تقوم بذلك كنوع من "مدفوعات الحماية" لتلك المجموعات كي لا تقوم بالهجوم على النظام، وإن أغنياء سعوديين يدفعون الأموال لإرهابيين، وإن ذلك يعتبر كارثة. ويضيف هؤلاء أن السعودية تحاول إرضاء الولايات المتحدة وإرضاء الحركات الإسلامية في الوقت نفسه.