دعونا ننتظر لنرى
القدس – إلياس زنانيري
ركزت الصحف العبرية على الوضع الاقتصادي في إسرائيل وعلى الإجراءات التي تعتزم حكومة أرييل شارون اتخاذها لخفض حجم هذه الأزمة، وتناولت كذلك ما أسمته بمرحلة ما بعد خطاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومرحلة "دعونا ننتظر لنرى" التي يمر بها الجميع بانتظار رؤية خطوات عملية تقوم بها السلطة الوطنية الفلسطينية لتثبيت المبادئ التي أعلنها الرئيس عرفات.
إسرائيل مخطئة
” شارون يصر على تجاهل الرئيس الفلسطيني حتى إنه قال لم يكن جديرا به أن يستمع إلى خطاب عرفات ساعة نقله على الهواء مباشرة ”
|
صحيفة معاريف نقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز قوله إن إسرائيل تخطئ حين تصف الرئيس عرفات بأنه لم يعد بذي صلة بما يجري أو أنه غير جدير بالاهتمام، لأن مثل هذه التصريحات من شأنها -والقول لبيريز- أن ترفع من مكانة عرفات ولن تؤثر فيه سلبا. وقالت الصحيفة إن بيريز عرض خلال اجتماع اللجنة البرلمانية الخاصة بشؤون الخارجية والأمن أن تمنح إسرائيل الرئيس عرفات فرصة لبضعة أيام لاختبار ما إذا كانت الأفكار التي أعلنها في خطابه ستترجم إلى أفعال، وأضافت الصحيفة أن شارون من جهة أخرى يصر على تجاهل الرئيس الفلسطيني حتى إنه قال لم يكن جديرا به أن يستمع إلى الخطاب ساعة نقله على الهواء مباشرة.
ونقلت معاريف عن بيريز قوله "إنه من الممكن أن تكون كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية قاب قوسين أو أدنى من الحل لأننا على اتصال دائم مع السلطة الفلسطينية ويمكننا التوصل إلى اتفاق مع القيادة الفلسطينية الحالية خلال وقت قصير". واعترف بيريز في محاضرته بأن "العمل العسكري لن يجتث الإرهاب من جذوره وهناك دائما ضرورة لدمج العمل العسكري بالخطوات الدبلوماسية وكما أرى الأمور فإن علينا أن نحارب الإرهاب ولكن في الوقت ذاته أن نتفادى تدمير علاقتنا بالشعب الفلسطيني".
كما نقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية عليا قولها إن تصريحات شارون السلبية والمتتالية عن عرفات خاصة بعد الخطاب لن تقود إلا إلى المزيد من الضرر لأن خطاب عرفات "حظي بترحيب عالمي واسع حتى لو تحدث الجميع عن ضرورة اقتران الأقوال بالأفعال، وبدل أن تتجاهله وتقدم له بذلك خدمة مجانية، على إسرائيل أن تشجع الرئيس عرفات على البدء بالتنفيذ العملي للأفكار التي أعلن عنها". وأضافت الصحيفة أن شارون كان في الأسبوع الماضي حبيب العالم بأسره نتيجة العمليات القاتلة التي جرت في إسرائيل وكان بإمكانه القيام بكل ما كان يرد في ذهنه في المناطق الفلسطينية ولكنه اختار عوضا عن ذلك شن غارات على منشآت ومبان فارغة فخسر الزخم العالمي الذي كان في صفه وخسر معه الفرصة لضرب البنى التحتية للإرهاب في السلطة الفلسطينية".
وبينما تناقلت الصحف العبرية مواقف الجهات الفلسطينية المعارضة لما ورد في خطاب الرئيس عرفات وتحديدا حركتي الجهاد الإسلامي وحماس اللتين أعلنتا أنهما لن تلتزما بوقف إطلاق النار وستواصلان العمليات الانتحارية داخل إسرائيل، أشارت معاريف إلى أن جهات رفيعة في قيادة الجيش الإسرائيلي لاحظت هبوطا ملحوظا في مستوى العمليات العسكرية وعددها في الأراضي المحتلة "على الرغم من أن الرئيس عرفات لم يباشر بعد في اعتقال عناصر قيادية في الحركتين وعلى الرغم من استمرار وجود التحذيرات الاستخبارية باحتمال وقوع عمليات انتحارية أخرى داخل إسرائيل."
أوامر بالضرب
” على الرغم من تجميد الغارات الجوية وعمليات الاقتحام لمناطق السلطة الوطنية فإن قيادة الجيش أصدرت تعليماتها بتخفيف القيود الخاصة بأوامر إطلاق النار في الضفة الغربية وقطاع غزة ”
|
صحيفة يديعوت أحرونوت أوردت عن هذا الموضوع أن الجيش الإسرائيلي واصل عمليات الاعتقال في صفوف الناشطين في الأراضي الفلسطينية على الرغم من تجميد الغارات الجوية وعمليات الاقتحام لمناطق السلطة الوطنية. وقالت الصحيفة إن قيادة الجيش أصدرت تعليماتها بتخفيف القيود الخاصة بأوامر إطلاق النار في الضفة الغربية وقطاع غزة بحيث يحق من الآن فصاعدا لأي جندي إسرائيلي أن يطلق النار دون سابق إنذار باتجاه أي فلسطيني يحمل سلاحا داخل مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية باستثناء من يرتدي الزي الرسمي لقوات الأمن الوطني الفلسطيني أو الأذرع الأمنية الأخرى، في حين تعطي هذه الأوامر الصلاحية للجنود الإسرائيليين بإطلاق النار باتجاه أي فلسطيني مسلح يوجد داخل المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية سواء كان بالزي الرسمي أو بغيره.
قرار صبياني
” إن قرار الحكومة الإسرائيلية الإعلان عن الرئيس عرفات بأنه لم يعد بذي علاقة هو قرار صبياني ومثير للحرج ”
|
وفي التعليق كتب يوئيل ماركوس المحلل السياسي في صحيفة هآرتس يقول "إن قرار الحكومة الإسرائيلية الإعلان عن الرئيس عرفات بأنه لم يعد بذي علاقة هو قرار صبياني ومثير للحرج ويشبه قرار الأدميرال التركي الذي أصدر تعليماته إلى السفينة بالإبحار باتجاه جزيرة مالطا ولكن السفينة أبحرت في الاتجاه الخاطئ فعاد دون احتلال الجزيرة بدعوى أنها لم تكن هناك. فإذا ما أعلنت الحكومة أنه لم يعد هناك عرفات هل سيعني ذلك أن الرجل اختفي بالفعل ولم يعد هناك؟ وعلى شارون أن يعرف قبل غيره ما معنى أن يقال عن شخص ما إنه لم يعد بذي أهمية أو صلة وهو نفسه كان في هذه الخانة لسنوات طويلة لم يعرض عليه خلالها حتى منصب رئيس شعبة العمليات في الجيش أو رئاسة الأركان. وبعد أن طرد من منصبة كرجل عسكري لم يعد شارون يملك أي أهمية في الجانب السياسي وفجأة أصبح اليوم رئيسا للوزراء لم تعد أي أهمية لكل وعوده بتحقيق الأمن والسلام على مدار الشهور التسعة الأخيرة" (أي منذ تولى شارون المنصب).
” إننا نغضب لأن عرفات لا يقوم بجهد كامل (مائة بالمائة) أو حين لا يحقق النتائج الكاملة، ولكن هل نجحنا نحن الذين نقوم بالجهد الكامل في الوصول إلى نتيجة كاملة؟ ”
|
ويضيف ماركوس "أما عن الإعلان عن عرفات بأنه لم يعد طرفا فإنه يعني أن الرجل بات على لائحة الذين تنوي الحكومة الإجهاز عليهم، وحين ترى قوات الجيش الإسرائيلي تقصف كل المواقع المحيطة بمقر إقامته من الأرض والجو فإن ذلك يذكرنا بالمشهد المألوف من أفلام الكاوبوي, وقد يكون ذلك مضحكا في الأفلام ولكنه مزر للغاية حين يتعلق الأمر برئيس دولة في طور البناء والتكوين. وكيف كان يمكن أن نشعر نحن لو أن البريطانيين أثناء الانتداب عاملوا ديفد بن غوريون بهذه الطريقة؟".
وأشار الكاتب إلى التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الإسرائيليون "كيف أن الانتفاضة الفلسطينية والعمليات الإرهابية لم تؤت ثمارها بالنسبة للفلسطينيين" وتساءل "ولكن باستثناء العمليات الإرهابية ماذا جنينا نحن من وراء إصرارنا على التمترس في مواقع لا شأن لنا بها، لا فيما يختص بالأمن ولا بالبقاء؟ إننا نغضب لأن عرفات لا يقوم بجهد كامل (مائة بالمائة) أو حين لا يحقق النتائج الكاملة ولكن هل نجحنا نحن الذين نقوم بالجهد الكامل في الوصول إلى نتيجة كاملة؟".
ويختتم الكاتب مقالته بالقول "إن عرفات بحاجة اليوم لأن توفر له إسرائيل بصيصا من نور في نهاية النفق، وفي هذه النقطة بالذات لا يبدو أن شارون أكثر صلة بما يجري من عرفات".