حوار ساخن بين أميركا ولبنان
بيروت – رأفت مرة
ركزت الصحف اللبنانية اهتمامها على الحوار الساخن الذي أطلقه تصريح السفير الأميركي في بيروت بشأن الموقف الرسمي المؤيد لشرعية المقاومة، وتابعت تأثير هذه التصريحات في العلاقة بين بيروت وواشنطن في ظل تباين المواقف من المقاومة والإرهاب.
حافة الهاوية
” الموقف اللبناني والأميركي متناقضان بشأن طبيعة عمل حزب الله، وهذان الموقفان يسيران في اتجاهين متعاكسين ”
|
صحيفة الكفاح العربي رأت أن تصريحات الحوار الساخن بين لبنان والولايات المتحدة بشأن حزب الله لم يبلغ بعد حافة الهاوية. ورأت الصحيفة أن هناك حاليا موقفين لبنانيا وأميركيا متناقضين عن طبيعة عمل حزب الله، وهذان الموقفان يسيران في اتجاهين معاكسين، الموقف الأميركي الذي عبر عنه السفير الأميركي في بيروت فانسنت باتل في حديثه المتلفز مساء الأحد الماضي والذي يدعي أن حزب الله منظمة إرهابية قام في السابق بعمليات إرهابية داخل لبنان وخارجه ويطالب بتفكيكه عسكريا وأمنياً وتحويله إذا شاء إلى حالة سياسية تتفاعل داخل المعادلة اللبنانية وبالتالي إرسال الجيش إلى الجنوب للحفاظ على الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق.
وأشارت الصحيفة في المقابلة إلى أن لبنان يعتبر أن حزب الله مقاومة مشروعة لتحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة وخصوصاً مزارع شبعا والإفراج عن الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية. كما أنه ليس للحزب أي امتدادات أو خلايا خارجية ولم يقم بأي عملية إرهابية لا في لبنان ولا في أي دولة أجنبية أخرى، لذلك لا يمكن نزع سلاحه وتجميد أرصدته المالية في المصارف اللبنانية كما أن الدولة اللبنانية أبدت استعدادها الكامل للتعاون في كل مجالات مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه.
تمهيد للزيارة
” تخشى الأوساط اللبنانية من وصول بيرنز وهو يحمل معه مضبطة اتهام أو دفتر شروط جديدة كأن يطالب المسؤولين بمزيد من الشروط التعجيزية وغير الواقعية ”
|
ورأت صحيفة السفير في تصريحات السفير الأميركي تمهيداً للزيارة التي سيقوم بها المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط وليام بيرنز إلى بيروت. وقالت الصحيفة: ما ينتظر أن يقوله الموفد الأميركي في بيروت لن يكون دون ما أعلنه باتل، بل ربما ينطلق من السقف الذي حدده ليزيد ويضاعفن وربما يضيف شروطا جديدة كقاعدة ومنطلق لأي حوار مستقبلي.
واعتبرت السفير: خارج إطار هذه المواقف (الثوابت) يمكن لبيرنز أن يثير العديد من المواضيع الثنائية أو "ذات الاهتمام المشترك" إذا كانت زيارته غير "مفخخة"، لكن في أوساط بعض المسؤولين شك وحيرة وقلق وخشية بعد حديث باتل من أن يأتي حاملا "مضبطة اتهام" أو "دفتر شروط" جديدة كأن يطالب المسؤولين بالمزيد من الشروط التعجيزية أو غير الواقعية إن على مستوى السرية المصرفية أو على مستوى حجز أموال أو على مستوى اتخاذ بعض التدابير والإجراءات الأمنية الميدانية أو السياسية اللاتوافقية؛ عندها تصبح الزيارة مشكلة بدلا من أن تكون حدثا سياسياً حوارياً تعاونياً مطلوباً ومرحباً به.
ورأت الصحيفة أن الأوروبيين –الأصدقاء– يشاركون اللبنانيين قلقهم لأن المشكلة المطروحة هي أن على لبنان أن يحمي مصالحه الحيوية من جهة، ويحمي مواقفه من جهة أخرى، أما مكمن الصعوبة فهو التوفيق بين "الضرورتين".
معيار العلاقات الثنائية
رأت صحيفة النهار أن "حديث السفير الأميركي جاء بمثابة كاشف علني فريد من نوعه ليس للمواقف الأميركية المعروفة والمتصاعدة تجاه حزب الله فحسب، بل أيضا لطبيعة العلاقات الدبلوماسية المشدودة بين الولايات المتحدة ولبنان بعد 11 سبتمبر/ أيلول والتي لم يكن متاحا للبنانيين أن يقاربوها بدقة تفصيلية لولا هذه الفرصة التي وفرها لهم السفير الأميركي".
” أميركا تمد العصا والجزرة على غرار ما تفعل مع كل الدول وليس مع لبنان وحده ”
|
ورأت الصحيفة أن "السفير الأميركي الذي يعرفه قدامى السياسيين الذين عايشوه في بداية التسعينيات، معروف بأنه من صقور الدبلوماسيين الأميركيين، وهو أثبت فعلاً صقوريته في هذا الحديث، لكنه في الوقت نفسه قدم دليلاً حيا على احترامه أولا للرأي العام اللبناني من حيث كونه مجتمعاً ليبرالياً حرا يمكن الاحتكام إليه بالرأي المباشر وبالرأي المخالف، وثانياً لمبدأ سيادة لبنان ولو خالفت السياسات الواقعية لبلاده هذا المبدأ".
وانتهت النهار إلى القول: إذا قيس معيار العلاقة اللبنانية الأميركية بهذا الحديث، فإن الخلاصة تبدو واضحة في كون أميركا تمد العصا والجزرة على غرار ما تفعل مع كل الدول وليس مع لبنان وحده. وإن يكن التعامل الكلامي الفج في شأن "حزب الله" يوحي بوضوح أن هذا الاستحقاق قد حل موعده ولم يعد استحقاقاً مؤجلاً.
في هذه النقطة بالذات وقع باتل في سقطة "ملبنن" عندما حصر مسؤولية "حزب الله" بلبنان، وهو المدرك أن دون هذه المسؤولية صراع أميركا مع العرب أجمعين على قضية التمييز بين الإرهاب والمقاومة، فضلاً عن أن الحل والربط في هذه عند سوريا وليس عند لبنان، وهو بند جوهري عالق في علاقة الأميركيين بسوريا.
ثوابت لبنانية
” سوف يؤكد لبنان ثوابت علاقته مع واشنطن وضرورة الفصل بين المساعدات الاقتصادية للبنان والوضع العسكري مع تأكيد الحق في المقاومة ”
|
صحيفة الأنوار عالجت تداعيات تصريحات السفير الأميركي ونتائجها على العلاقات الثنائية بين واشنطن وبيروت، وتوقفت عند زيارة بيرنز القادمة إلى العاصمة اللبنانية. ورأت الصحيفة أن لبنان سيواجه المبعوث الأميركي بمجموعة من الثوابت هي:
– تأكيد إستراتيجية لبنان في إدانة الإرهاب بكل أشكاله وفي التمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة والمعترف بها من الأمم المتحدة ومن واشنطن بالذات التي شاركت معها في تفاهم أبريل/نيسان، بالإضافة إلى التزام لبنان الكامل بأي تعريف دولي للإرهاب يصدر عن الأمم المتحدة من دون إغفال الاتفاقيات الاثنتي عشرة التي وقع عليها لبنان في هذا المجال.
– ضرورة الفصل بين مجيء الاستثمار والمساعدات للبنان والوضع السياسي والعسكري القائم في مزارع شبعا، لأن الواضح أن عمل المقاومة هناك لا ينعكس -ويجب ألا ينعكس- على النهوض الاقتصادي في الداخل، وأن الحل الأمثل هو في الضغط لانسحاب إسرائيل مما تبقى من الأراضي اللبنانية كي تكون رقعة الاستقرار اللبناني شاملة الخريطة اللبنانية الجغرافية السياسية بالكامل.
– رغبة لبنان في استمرار قيام العلاقات الجيدة بين بيروت وواشنطن والتعاطي الدبلوماسي حسب الأصول وحسب القوانين والأعراف الدبلوماسية وانضباطها يقطع الطريق على أي موقف يشكل "نقزة" لدى أي من الطرفين خصوصاً وأن لبنان يعتمد على دور أميركي في مساعدته في مسيرته كما هو يعتمد على فرنسا وأوروبا بعد أشقائه العرب طبعاً وواشنطن لا تزال ترى أن لبنان بلد له دوره في المنطقة وليس واردا التخلي عنه.