نيل أرمسترونغ.. خطوة الإنسان على سطح القمر

بعيد عودته، عاش نيل بعيدًا عن أضواء الشهرة، واستقال من ناسا ليتفرغ للبحث العلمي والتدريس بعد نيله العديد من الشهادات الفخرية

"لقد حتم القدر أن يبقى مصير الرجال الذين ذهبوا لاستكشاف القمر بسلام، أن يبقوا على القمر، ليرتاحوا بسلام".

هذا ليس تأبينًا، هذا مطلع الخطاب الذي أعده الرئيس الأمريكي نيكسون في حال عدم عودة نيل أرمسترونغ ورفاقه من رحلتهم التاريخية نحو القمر. وكأنه كان يعلم بأن نيل بقي على القمر حتى لو عاد جسديا إلى الأرض وعاش بعدها خمسة عقود ونيف ليروي الحكاية.

شغوفًا بالطيران، على استعداد دائم وفطري للمغامرة في سبيل العلم والمجد كان نيل، فقد تعلق قلبه في حب الطيران قبل بلوغه العشرين، إذ حلق "نيل" في  السابعة عشر في أول رحلة فردية بعدما تحصل على الرخص اللازمة للطيران وسعى من أجلها.

ظل أرمسترونغ وفيًَا لذلك الحلم الذي شب عليه وشاب، فعمل في قاعدة إدواردز في كاليفورنيا في الطيران العالي، ونفذ العديد من المهمات الخطيرة، ووضع حياته رهنًا من أجل تجارب الطيران الجديدة في عالم الملاحقة الجوية، ومن هناك بدأ الحلم يتبلور ويكبر، عندما عقد الرئيس كينيدي العزم على منافسة السوفييت في غزوهم للفضاء، وتعهد أمام الشعب الأمريكي بهزيمة السوفييت في حرب النجوم قبل نهاية عقد الستينات.

وها هو ينخرط في العام 1962 في مشروع الجوزاء للمركبات المأهولة ومن هنا تبدأ رحلته وتدخل حياته في طور آخر، يحتدم التنافس الشديد الذي ألقت به ظلال الحرب الباردة في الفضاء ويخوض نيل مع ناسا العديد من التجارب، أبولو 9، وأبولو 11 ، وتجربة المحاكاة التي كانت ستودي بحياته، لكنه لم ينثن وعزم على تحقيق ما تعهد به الرئيس كينيدي ليطأ بأقدامه أولى الخطوات البشرية على سطح القمر في رحلة ليست باليسيرة، واستكمالًا لواجبه الوطني غرس علم بلاده على سطح القمر.

بعيد عودته، عاش نيل بعيدًا عن أضواء الشهرة، واستقال من ناسا ليتفرغ للبحث العلمي والتدريس بعد نيله العديد من الشهادات الفخرية. لم يرد نيل الأضواء بل كان رجل العائلة الذي أحب بلده وخدمها على أكمل وجه، أوصى قبل وفاته بالمحافظة على كوكب الأرض، ورحل عن هذه الدنيا مخلفًا إرثا علميا وحياتيًا ملهما، إلى أن ذر رجال الشرف البحري رماد ذلك البطل في العام 2012.

المصدر : الجزيرة