الحقائق المزدحمة في الأزمة التونسية الراهنة

جانب من المسيرة الاحتجاجية لجبهة الخلاص المعارضة للمطالبة بتحديد موعد الانتخابات وتنقية المناخ السياسي/العاصمة تونس/مايو/آيار 2024 (خاصة)
جانب من مسيرة احتجاجية تطالب بتحديد موعد الانتخابات وتنقية المناخ السياسي في العاصمة تونس (الجزيرة)

تستوقف الأزمة التونسية كل من يتابعها من قريب أو بعيد بأسئلة مسكونة بكثير من الاستغراب والحَيرة: ما الذي يحدث في مهد الربيع العربي؟ والأهم من ذلك إلى أين قد يسير؟

الرواية.. والروايات الأخرى

عدا عن المطّلعين على كثير من المعطيات وما تيسر من الخفايا، يغرق أكثر الناس في خليط ملغوم من المعلومات والإشاعات والمواقف والقراءات، إلى الحد الذي ينتهي فيه الأمر إلى مقاربات متناقضة يتواجه فيها من يعتبر الرئيس الحالي قيس سعيد منقلبًا على الثورة ودستورها وقواها الحية، ومن يراه على العكس من ذلك الوفي لها والأمين عليها وقائد مسيرة التصحيح والساعي بلا هوادة إلى تحقيق أهدافها بعد أن تم التخلي عنها من قبل من ادعى طويلًا الحديث باسمها.

معسكران تحتدم المواجهة بينهما ليس فقط في شكل استقطاب سياسي حادّ يتحول أحيانا إلى معالجات أمنية ظهرت في شكل قضايا مثيرة للجدل تحت عناوين خطيرة ليس أقلّها "التآمر على أمن الدولة" ناهيكم عن "إتيان أمر موحش في حقّ رئيس الجمهورية"، مرورًا "بهضم جانب موظف عمومي"، و"الترويج لأخبار زائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ من شأنها تكدير صفو النظام العام" .. ليس هذا فقط وإنما الأهم هي تلك المواجهة الضروس في حلبة بناء السرديات، أين يطرح كل طرف روايته للوقائع والسياقات سواء ما كان منها قبل ثورة 2010 أو ما تلاها من "انتقال ديمقراطي" ثمّ إبّان "مسار الخامس والعشرين من يوليو/تموز؟".

إعلان

بين هذا وذاك تاه التونسيون في حرب الروايات هذه، وهم يئنّون تحت وطأة أزمة سياسية متفاقمة وأخرى اقتصادية خانقة لم تتوقف عن إنذارهم بالأسوأ وثقتها أرقام رسمية قبل أن يفعل ذلك معارضون يتصيّدون عثرات نظام الرئيس سعيد.

وإذا أحلنا هذه المواجهة الساخنة على عقل بارد يتعمد أخذ مسافة من مشاحناتها، ويطلب الإفلات من الأحكام السهلة المعممة ولا يبالي بما سيقود إليه كل ذلك من نيران صديقة وعدوة، يمكن القول إن الساحة التونسية شكلت مجالا تزدحم فيه الحقائق على نحو ملغوم ومتفاقم، انهمكت أطراف الأزمة في تطوراتها على حساب العمل الأصعب، وهو القيام بمراجعة عميقة ودقيقة ونزيهة، تقود إلى بناء سردية مغايرة منزوعة إلى حد ما من دسم الرهانات السياسية المباشرة سواء أكانت مواعيد انتخابية أو تصفية خصومات قائمة.

لا يتسع المقام حتمًا لجرد كل تلك الحقائق التي تغلي داخل قدر الأزمة في تونس، لكن الإشارة إلى بعض من أهمها ينقل تمثُّل تلك الأزمة من رد الفعل إلى التأمل المتأني ولو بقدر ما.

تركة ملغومة

إن الناظر في أدبيات السجال الفكري والسياسي في تونس يجد أنه طاول حتى هُوية الشعب التونسي ودولة الاستقلال التي أقامها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، رغم أنه نص في دستورها على مادة نجحت في أن تكون عابرة لكل الحقب السياسية والاجتماعية على ما تخللها من مطبات خطيرة ألا وهي المادة الأولى التي تعرّف الدولة التونسية بكونها: "لغتها العربية ودينها الإسلام".

في كل الأحوال تركت "البورقيبية" ميراثًا غائمًا على هذا الصعيد، فبين تقليديين محافظين وآخرين حداثيين تغريبيين، نشبت معارك باردة وحامية سعى كل طرف فيها إلى جذب البلاد والعباد إلى مربعات تكفلت الأيديولوجيا شيئًا فشيئًا بتعزيزها وتحويلها إلى قوالب ومتاريس ضمن خطوط اشتباك بقيت فاعلة في مختلف الساحات كالشارع والجامعات والنقابات ومنابر الإعلام والثقافة.

إعلان

في مختلف تلك المراحل التاريخية شقت سفينة التونسيين عباب أزمات خطيرة، رسمت مسافة بين استعلاء النخب بأنواعها وتطلّع رجل الشارع في تونس إلى حياة أفضل وحد أدنى من الحقوق والكرامة، مع مسحة من الأنانية والتواكل تصاعدت وهدأت بحسب المرحلة ومن يقودُها.

والأكيد هو أن مرحلتَي الراحلين بورقيبة وبن علي، خلّفت وراءهما منجزات وألغامًا وتركات ثقيلة في مختلف المجالات، وليس من المجدي في شيء التطرّف في قراءة ذلك الإرث بين من يعتبرهما عصرًا ذهبيًا، والحقيقة ليست كذلك، ومن يرى فيهما مسارين خاطئين من المبتدأ إلى المنتهى كان محكومًا بالفشل ولم يخلف شيئًا يعتدّ به.

سقوف عالية

كان يجب أن ننتظر ثورة 2010، لتجد البلاد نفسها وجهًا لوجه مع محصول هو في منزلة بين المنزلتين تتوسط القراءتَين، فلقد قاد السياق المأزوم لدولة الاستقلال إلى تحول فاق مستوى الأزمة العابرة حتى إنه أرغم الراحل بن علي على مغادرة البلاد دون عودة إلى أن وافاه الأجل المحتوم في منفاه بالمملكة العربية السعودية، كما وجد المعارضون أنفسهم أمام وضع ناضلوا طويلًا لأجله لكنهم ويا للمفارقة لم يصنعوه إلا كخلفية بعيدة زمنيًا، إلا أنه "أرغمهم" على التصدي مباشرة لأعباء الحكم لا من موقع الشراكة التي لم يسمح بها نظام الحزب الواحد أو المهيمن، وإنما من موقع التأسيس، وهو الأمر الذي يستلزم دون شك رجالات دولة، وقبل ذلك فكرًا ناضجًا ومشاريع معمقة والأهم والأخطر قدرة على التعايش والقبول المتبادل والإدارة البنّاءة للخلافات.

الآن وعلى مسافة من السقوف المرتفعة للشعارات والتوقعات، كان لا بد لطائر الأحلام أن يحطّ على أرض الواقع، ويتطلع إلى الوراء ليراجع وإن على مضض مسلمة أن تونس شهدت ثورة، وأنها كانت ثورة على غير منوال سابق، والصحيح هو أنها كانت ثورة في أفقها وفي تصورها النظري لإعادة تشكيل الدولة، لكنها على أرض الواقع كانت أقرب لانتفاضة غضب هوجاء غيّرت رأس المنظومة دون أن تغيّر جوهرها، وهي بهذه الصيغة لم تكن تملك خارطة طريق سياسية وتنموية عدا عن إقامة مؤسسات ديمقراطية هي بلا شكّ مكسب لا يقدر بثمن إلا أنه لم يكن كافيًا في ذاته ليحفظ المسار من التعثر، وفي النهاية من السقوط.

إعلان

هذه النظرة التي تستعيد التجربة تضعنا أمام حقيقة أخرى مركبة ومفصلية، ألا وهي أن سنوات الإقصاء لمختلف التيارات والأحزاب زمن الدكتاتورية والإغراق في الأيديولوجيا والركون إلى الخطاب الاحتجاجي، كل ذلك كشف عن قصور في تجربة الحكم حتى وإن جاءت في شكل ائتلافي، وبعد أن سارعت بقرار من أطراف معينة إلى فرض ثنائية حكم/معارضة على انتقال ديمقراطي، لم يكن يحتمل ذلك، وما أقدموا على تلك الخطوة إلا تمهيدًا لإسقاط معادلة بات الإسلاميون يمثلون رقمها الأساس بناء على شرعية الصناديق وليس غيرها.

حتى على مستوى هندسة الواقع الجديد، زُرعت ألغام خطيرة في طريق المسار الديمقراطي تحت وطأة الجزع من تغول "البعبع الإخواني" تلك الفزاعة التي تسكن روح ونصوص قانون البقايا الذي حكم على النظام البرلماني بالتشتت، وفرض عليه نوعًا من التزوير التوافقي.

إذ إن الجميع يعلم أن كثيرًا من الأطراف دخلت البرلمان وارتفع صوتها هناك، بينما لم تكن في الحقيقة تمثل شيئًا يذكر في موازين الشارع التونسي، ومن ثمة جرى الحديث والاستثمار في مقولة الهوة الآخذة في الاتساع بين الشارع ومؤسسات الانتقال الديمقراطي من قبل نفس الأطراف التي طرحت ودعمت وكرّست قانون البقايا الذي لم يكن سوى مجرد التفاف "فاخر" في مبرراته على ما يقرره صندوق الاقتراع.

ولذلك كان طبيعيًا أن يقع الالتفاف على حكومة منتخبة ديمقراطيًا وإسقاطها بذريعة حدوث اغتيالات إرهابية في البلاد، وهو ما شهدت ديمقراطيات عريقة ومستقرّة أضعافَه وأخطر بكثير منه دون أن يطالب طرف باستقالة حكومة أو إلغاء مسار انتخابي، ناهيكم عن جلد الثورة والإشادة بالمنظومة الديكتاتورية في شكل "نعي" لرجالات الدولة و"الخبرات" التي تمت تنحيتها جانبًا استجابة لمطالب الشارع الثائر بضرورة القطع مع المنوال القديم.

وعلى ذكر جدل المنوال في تونس ورغم أن الجميع تقريبًا اتفقوا على أن الثورة في عمقها هي لحظة قطع مع الماضي، فإن ذلك الماضي إنما توارى إلى حين، فخرجت مسيرات للأمن تقدم الاعتذار للشعب بسبب عقود التنكيل والتعذيب ومصادرة الحريات، وقدّمت وجوهٌ ومنابر إعلامية هي الأخرى اعتذاراتها بسبب سنوات طويلة من البروباغندا، والسير في ركاب الاستبداد، والإمعان في تزييف الواقع، وتشويه الشرفاء والمناضلين.

إعلان

إلا أن كل ذلك لم يكن سوى خطوة تكتيكية أملاها الخوف في البداية، ثم استثمر فيها المال الفاسد والغرف المظلمة لاحقًا ليقع الالتفاف على مسار الانتقال الديمقراطي والمرور لاحقا إلى قصف مركّز استخدم أساليب الإشاعة وبثّ الفوضى وخلط الأوراق ونشر الأكاذيب في عملية غسل واسعة للأدمغة كانت تقود إلى بلبلة في الأذهان، وفي واقع الناس حتى لم يعد رجل الشارع يدرك من ضد مَن، ومَن هو نظيف اليد ومن الوالغ في الجريمة بأنواعها.

وساهم ما سبق في خلق الضبابية التي ستمهد بشكل فعال إلى تشتّت الساحة وعودة المنظومة القديمة تحت عنوان: "نداء تونس"، ثم في وقت لاحق إلى بروز أسماء من قبيل قيس سعيّد الذي نادى برحيل الجميع قبل أن يصل إلى سدة الحكم، في تحول سينهي شيئًا فشيئًا الانتقال الديمقراطي، ويعيد البلاد بشكل فج إلى نظام الحكم الفردي بحسب خصومه.

هندسة الانفلات

ما دمنا قد التفتنا إلى الوراء في نظرة إلى هذه الحقائق المتراكمة والمتداخلة والمتدافعة، فإنه ليس من محيص عن الحديث عن دور "الانفلات النقابي" في هندسة تلك الفوضى حيث أعطى الاتحاد العام التونسي للشغل نموذجًا مثيرًا للجدل في التعاطي مع الانتقال من الدكتاتورية إلى المسار الديمقراطي، ذلك أن قيادته ناصرت بن علي حتى الرمق الأخير، وإنما ساهمت في الاحتجاجات ضده هياكلُ مهنية وقطاعية وسطى ودنيا كانت بؤرة لكثير من المسيّسين الذين وجدوا في الساحة النقابية ملاذًا لممارسة نوع من المعارضة النقابية إذا جاز التعبير وفيه كثير من التجوّز.

ثم إن اتحاد الشغل حمل ملفاته المثقلة بشبهات الفساد والمحسوبية والإسناد غير المشروط لبن علي حد التملق، وذهب إلى مدينة طبرقة ليعقد هناك في "خلوة" من المسار الديمقراطي مؤتمرًا لم يشهد أي محاسبة حقيقية، وإنما اكتفى بإعادة ترتيب البيت الداخلي على نحو كرّس نفوذ أطراف يسارية وقومية شديدة التطرف على حساب الخط العاشوري (نسبة إلى الزعيم النقابي الحبيب عاشور الذي خاض مواجهة مع نظام بورقيبة) الذي كان يتوجّس من محاسبات تفتح عليه أبواب جهنم.

إعلان

عاد الاتحاد من ذلك المؤتمر بخطاب استعلائي عنيف رمزيًا، صادر به أدنى إمكانية لمحاسبته وجعل يجترّ خطابًا يركّز على دوره في الحركة الوطنية، وهو الخطاب الذي يحمل في أحشائه جوهرًا معاديًا للديمقراطية، حيث كان هناك خلط مقصود ومستمر بين الاتحاد والفئة التي كانت تقوده تمامًا، كما كان بن علي يخلط بين نفسه وحزبه وبين الدولة.

لم يكن غريبًا والأمر كذلك أن يدخل اتحاد الشغل في موجة إضرابات عاتية لم تراعِ الأوضاع الاقتصادية للبلاد ولا الانتقال الديمقراطي الهشّ فيها، حتى تحولت تلك الإضرابات إلى "رياضة وطنية" بات الإضراب العام ضمنها أمرًا يمكن تكراره بعد أن كان حدثًا معدومًا زمن بن علي ونادرًا زمن بورقيبة، وبدا واضحًا لكل ذي عين أن الأطراف الفاعلة داخل القيادة من يساريين وقوميين ومحسوبين على النظام القديم شكلت ما يمكن وصفه بحكومة ظلّ استعاضت بها تلك الأطراف عن ضآلة ثقلها الجماهيري والنتائج الهزيلة التي كان صندوق الاقتراع يمنحها للأحزاب التي تقف وراءها في كل مناسبة انتخابية.

أنى للجماهير الغارقة في ضغوط المعيشة أن تواكب كل هذه التفاصيل وما كان يحاك في الغرف المظلمة وهي ترى الوجوه الثورية مرتبكة مرتعشة الأيادي، تحاول أن تمسك عِصيًّا كثيرة من وسطها وهي تستقل مركبة انتقال ديمقراطي تتلاعب بها أمواج ورياح محلية وإقليمية عاتية.

كان المنتظر هو أن يتم تجاوز المنوال القديم غير أن الذي وقع فعليًا هو أن المنوال القديم سحب إليه مختلف التعبيرات المعارضة له، وانتهى به الأمر إلى احتوائها وتوريطها في مستنقعه الآسن، وهو ما منح الوجوه القديمة الثقة في استعادة الدولة من جديد بل وشنق الثورة بشعاراتها ومن خلال أداتها الأساسية ألا وهي الانتخابات الحرة والنزيهة، تمهيدًا إلى الانقلاب على المسار برمته.

هذه الحقائق المتدافعة المزدحمة هي ما يفسر الصعود الكبير لعبير موسي بعد أن كانت وجهًا ثانويًا في منظومة بن علي متهمة من قبل أعدائها بأنها كانت مجرد "مخبرة"، احترفت كتابة التقارير في تحركات زملائها النضالية والعمل على إفسادها بما عرفت به من صراخ وعويل.

إعلان

ربما كان الرجاء لدى قادة الإسلاميين في ترسيخ ثنائية حزبية تشكل نوعًا من المصالحة التاريخية بين الإسلاميين والدساترة، هو ما استند إليه التوافق بين الشيخين -كما وصف أيامها- راشد الغنوشي المسجون حاليًا، والراحل الباجي قايد السبسي، وهو كذلك فيما يبدو السبب وراء تقريب الغنوشي لمحمد الغرياني واتخاذه أحد مستشاريه، وهو الذي شغل منصب آخر أمين عام للتجمع الدستوري الديموقراطي حزب الرئيس الراحل بن علي، إلا أن ذلك ذهب أدراج الرياح مع نشوب صراع الخلافة داخل حزب "نداء تونس" وانقسامه إلى حد الاشتباك بالعصيّ، وكذلك بروز خلافات حادة داخل حزب النهضة وصلت حد استقالة وجوه تاريخية.

منقوع للحقائق.. والأكاذيب

ضمن خليط الحقائق التي تجمع بين التعثّر التنموي والشكلانية في المنجز الديمقراطي والعمل المؤثر الذي قامت به الغرف المالية والنقابية المعادية للديمقراطية وخاصة للإسلاميين، إضافة إلى آلة إعلامية نجحت بإشاعاتها وأكاذيبها وإجادتها شيئًا فشيئًا فنون خلط الحق بالباطل، دون أن ننسى رغبة دول إقليمية وحتى دولية في عودة نظام مركزي للسلطة يتجاوز حالة التشتت بل والعبث البرلماني أحيانًا، كل تلك الحقائق مهدت الطريق لنتيجة غريبة في انتخابات 2019 ألا وهي المنازلة في الدور الثاني بين المرشحين قيس سعيد ونبيل القروي وهو السباق الذي انتهى لصالح الرئيس الحالي قيس سعيد.

يبقى السؤال الآن وفي ظل الأزمة الراهنة المستحكمة في تونس، هل هناك مجال وبوادر لمراجعة عميقة تقوم بجمع الحقائق الكثيرة المتداخلة والمعقدة لتصنيفها وتحديد حجم ونسب كل منها ومن ثمة الذهاب نحو بناء سردية خالية قدر المستطاع من الغرض السياسي المباشر والضيّق، وبالتالي القيام بالواجب تجاه الذاكرة الجمعية، وكذلك بناء وعي مفارق وجديد يقطع مع القديم؟

إلى حد الآن تنهمك الأحزاب في المعارك القريبة مأخوذة حسب منتقديها بهول عودة الحكم الفردي وما يصادره من نقاش عام وقبله ما أنهاه من مكاسب ديمقراطيّة كانت محل إشادة القاصي والداني، وهي إذ تفعل ذلك لا تبدي اهتمامًا كبيرًا بهذا الجانب أو على الأقل لا تظهر مؤشرات جدية على مدى إدراكها أهمية حرب السرديات هذه، وبضرورة البحث عن الخيط الناظم بين هذه الحقائق في محاولة للمراهنة على بناء وعي جمعي عميق والخروج على أساسٍ من ذلك بالبلاد من فوضى تسكن الأذهان قبل أن تنتشر في الواقع في شكل سياسات شعبوية لا أفق لها رغم كل شعاراتها البرّاقة كما يقول خصومها ومتابعون كثر.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان