هل يعرف الفلسطينيون منظمتهم؟

منظمة التحرير الفلسطينية
شعار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (الجزيرة)

هل يعرف أحدٌ مَن هو ممثل الاتحاد العام لطلبة فلسطين في المجلس الوطني الفلسطيني؟ شخصيًا حاولت قبل سنوات أن أعرف ولم أتمكّن، سألت أعضاء في المجلس الوطني ولم أجد إجابة. أخبروني أمورًا من نوع أن آخر انتخابات لهذا الاتحاد جرت عام 1992، وأنّ عمليات إعادة تشكيل توافقية حصلت، أو تحصل، وأنّه قد وصلَ عبرها أشخاصٌ – هم الآن في الخمسينيات من أعمارهم – لمقاعد الاتحاد، وحتى للمجلس الوطني. سألت آخر رئيس منتخب لهذا الاتحاد، وهو سفير على وشْك التقاعد الآن، فقال؛ إنه سلّم الأمانة واستقال منذ وقت طويل.

يقول شباب ناقشتهم في أهمية الالتزام بمنظمة التحرير الفلسطينية؛ "أنت تتحدث عن شيء لا نعرفه"، و"لا نتذكّر شيئًا عنها حتى نحرص عليه"، و"أغلبية أبناء الشعب الفلسطيني تحت الثلاثين من أعمارهم لم يعيشوا شيئًا ملموسًا يتعلق بها"، ولكنهم يقولون؛ نحن بأمسّ الحاجة لمنظمة تجمعنا.

خطر مضاعف

ويبدو حديث هؤلاء الشباب مفهومًا، عندما نتذكّر أنّ المجلس الوطني الفلسطيني لم يجتمع في جلسة نظامية حقيقية عادية منذ عام 1991 إلا مرة واحدة عام 2018، يضاف لها دورة تعديل الميثاق عام 1996 التي كان لها وضع خاص، وفي كل الأحوال، لا يعقل ألا يجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في ثلاثة وثلاثين عامًا سوى مرتَين أو ثلاثٍ، كان الهدف الأساسي منها ملء شواغر اللجنة التنفيذية، وشواغر مكتب رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني التي جرت؛ بسبب الوفاة والمرض والفصل. لذلك من الطبيعي أنّ المنظمة خارج تفكير الشباب، على عكس الأجيال المُسنّة.

حالة ممثلي الاتحاد العام للطلبة، تنطبق على ممثلي جميع الاتحادات المهنية والشعبية. لا يوجد قوائم معلنة بأسماء كل الممثلين للاتحادات، وتاريخ آخر انتخابات أجريت وتم انتخابهم فيها، وكم هو الجيل الجديد (تحت سن 30) في هذه الاتحادات، كأعضاء على الأقل؟

تتصفح موقع المجلس الوطني الفلسطيني، فلا تجد أسماء أعضائه. قبل نحو خمسة عشر عامًا. والسؤال لماذا الأسماء غير معلنة في مكان واضح؟

لا بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولا عن مجلس وطني فلسطيني رسمي ممثلٍ للشعب الفلسطيني. لا يمكن ويجب ألا يسمح بتجاوز منظمة التحرير، كممثل شرعي ووحيد، فهي المؤسّسة الكيانية الفلسطينية الوطنيّة، وهي التي يجب ويمكن، أن تجمعَ طاقات الشعب الفلسطيني حول العالم، وتعبِّئَ قواه باتجاه التحرير والعودة والصمود، والبناء والحماية، والشرعية.

لكن إذا لم ينتظم انعقاد مجلسها الوطني، ومجلسها المركزي – ولم تتجدد عضوية هذا المجلس وفق النظام الأساسي المعتمد، أو بحسب آليات يقرّها المجلس، أو وَفق توافق وطني حقيقي، يقرّه المجلس لاحقًا، باعتباره أعلى سلطة وطنية، وهو مرجعية اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهو الذي ينتخب هذه اللجنة، وهو الذي يغيّرها، ويحاسب أعضاءَها بمن فيهم رئيسها – فإن الخطر الذي يهدد الكيانية الفلسطينية مضاعف.

ليس صحيحًا أن الانقسام الفصائلي يمنع تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، أو يحول دون انعقاد المجلس الوطني، أو يمنع تجديد عضويته، خصوصًا في ظرف مثل ظرف الإبادة التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني حاليًّا.

مؤتمرات شعبية

يحتاجُ المجلس الوطني الفلسطيني إلى تعديل في نظامه الأساسي؛ لمراجعة طريقة تشكيله، وقد كان هذا الأمر موضوعَ نقاش فصائليّ اشتركت فيه الفصائل الأساسية من داخل المنظمة وخارجها، ولكن لم يتم تنفيذ شيء مما اتّفق عليه.

على أنّه حتى في النظام الحالي للمجلس يمكن تجديد عضوية المجلس، بل إن هذا النظام قد يلغي الحاجة إلى توافق فصائلي، بكلمات أخرى لا داعيَ لانتظار حركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي"، للتوافق على شيء أو لفرض شروط على المنظمة، فالنظام الأساسي للمنظمة يتضمن على سبيل المثال تمثيلًا واسعًا للاتحادات المهنية والشعبية، وهذه يمكن ويجب عقد انتخاباتها وتجديد عضويتها وتحديد ممثليها الجدد في المجلس الوطني، وفق آلية شفافة.

يمكن التسليم جدلًا أن انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني للسلطة الوطنية غير ممكن؛ بسبب رفض إسرائيل السماح بإجراء انتخابات في القدس، لكن ما الذي يمنع تجديد عضوية وقيادة المنظمة ديمقراطيًا، كما كان يحدث على مدى عشرات السنوات، قبل تأسيس السلطة؟

لماذا لا يتم عقد مؤتمرات طلابية ومهنية وشعبية عامة وعلنية، كما كان يجري في زمن العمل السري؟، فممثلو هذه الاتحادات أعضاء في المجلس الوطني، ويمكن لأي شخص، من فصيل أو من غير فصيل، أن يدخل انتخابات هذه الهيئات، لذلك لا يكون جدل آلية دخول الفصائل الجديدة قائمًا.

تجري انتخابات طلابية في جامعات الضفة الغربية بدرجة نسبية من الانتظام، وهناك قوى طلابيّة في دول مختلفة في العالم لتنظيم العمل الطلابي، بعضها تحت لافتة الاتحاد العام لطلبة فلسطين (اتحاد المنظمة)، وبعضها منفصل عنها، وهذا الانفصال ليس احتجاجًا أو انشقاقًا بقدر ما هو نتيجة غياب الاتحاد ومؤسساته وممثليه.

قوى جديدة

وهناك فعاليات فلسطينية في كل مكان، فما الذي يمنع أن يتم تنظيم مؤتمرات عامة قطاعية، للأطباء مثلًا، يبحثون فيها كيفية إغاثة الوضع الصحي في قطاع غزة، وفلسطين، وينتخبون مكاتبهم الجديدة؟

ما الذي يمنع أن تشكِّل مجالس الطلبة في الجامعات الفلسطينية، النواةَ لمؤتمر تُدعَى له القطاعات الطلابية الفلسطينية والاتحادات الطلابية في العالم (كضيوف)؟، ليناقشوا أولًا تفعيل العمل الطلابي العالمي في نصرة فلسطين وقضيتها، وثانيًا انتخاب ممثلين ومكاتب دائمة للعمل الطلابي الفلسطيني، ومن ذلك ممثلوهم في المجلس الوطني الفلسطيني. فضلًا عن وضع تصوّر لاستبعاد القوى التي لم تعد موجودة مثل بعض الفصائل التي لم يبقَ لها حضور، وإدخال قوى جديدة مثل حملات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وغيرها.

لا جدال حول شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، ومكانتها، ولكن الجدل مسموح حول قيادتها وأسلوب قيادتها. وفي حالة عدم الانطلاق في تعبئة الطاقات ورصّ الصفوف من منظمة التحرير ذاتها، فإنّ تنظيم مؤتمرات أخرى لسد الفراغ والتعبئة الوطنية، سيصبح مسألة وقت.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان