أن تكون وزيرا سابقا في مصر

الأمير البريطاني تشارلز (الملك تشارلز حاليا) وزوجته في صورة من عام كذا مع وزير السياحة المصري السابق والمرشح لليونسكو خالد العناني (رويترز)

ترشيح الحكومة المصرية للدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو- وكذلك ما أثير بالكواليس عن ترشيح وزير التخطيط الأسبق أشرف العربي لمنصب رئيس الوزراء، ووجود مفاوضات مع وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد للغرض نفسه يثير العديد من التساؤلات حول مصير الوزراء المصريين السابقين.

جرت العادة بالاستعانة بالوزراء السابقين خاصة وزراء المجموعة الاقتصادية بمناصب مصرفية، مثلما حدث بعهد الرئيس عبد الناصر بتعيين أحمد زندو وزير الخزانة (المالية) محافظا للبنك المركزي، وتكرار ذلك في عهد مبارك مع وزير المالية صلاح حامد بتعيينه محافظا للبنك المركزي.

تم تصعيد 3 من وزراء الخارجية لمنصب الأمين العام للجامعة العربية وهم عمرو موسى ونبيل العربي وأحمد أبو الغيط

في عهد مبارك عُين وزير المالية محمد الرزار رئيسا لبنك الاستثمار العربي، وتوفيق عبده إسماعيل وزير السياحة رئيسا للبنك المصري المتحد قبل دمجه، حتى وزير الدفاع ورئيس الوزراء حسن كمال علي تم تعيينه رئيسا للبنك المصري الخليجي، واستمر ذلك بالعهد الحالي بتعيين وزير قطاع الأعمال العام أشرف الشرقاوي رئيسا لبنك مصر إيران، الذي خلفه فيه وزير المالية الأسبق عمرو الجارحي وبهاء زياد الدين وزير التعاون الدولي الأسبق بوزارة الببلاوي رئيسا لبنك الإسكندرية.

رؤساء شركات لتسهيل التعامل مع البنوك

كما تم تعيين آخرين كأعضاء بمجلس إدارة البنك المركزي، كما هو الحال حاليا بتعيين أشرف العربي وزير التخطيط الأسبق عضوا بمجلس إدارة البنك المركزي ورئيسا للجنة المراجعة والمخاطر بالبنك المركزي وعضوا بعدد من لجانه، وتعيين وزيرة التعاون الدولي السابقة ة نجلاء الأهواني عضوا بمجلس إدارة البنك المركزي حاليا.

تم تصعيد 3 من وزراء الخارجية لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، وهم عمرو موسى ونبيل العربي وأحمد أبو الغيط. وتعيين أحمد جويلي وزير التجارة والتموين الأسبق رئيسا لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، كما أصبح وزير التعليم أحمد فتحي سرور رئيسا لمجلس الشعب عام 1990، وصفوت الشريف وزير الإعلام رئيسا لمجلس الشورى.

جدير بالقول أنه ليس الجميع كذلك، فهناك آخرون كان مصيرهم بعد الوزارة العودة للتدريس بالجامعة، مثلما حدث مع وزير المالية الأسبق مدحت حسانين، ووزير الشباب الأسبق علي الدين هلال وسميحة فوزي وزيرة التجارة والصناعة، وإبراهيم غنيم وزير التعليم الأسبق وآخرين كثيرين، كما عاد معظم وزراء الصحة إلى عياداتهم الخاصة.

وجرى العرف خلال العقود الماضية بتعيين الوزراء السابقين رؤساء شركات، سواء من قبل الحكومة أو من قبل القطاع الخاص، للاستفادة بصلاتهم الحكومية لتسهيل أعمال الشركة وكذلك إمكانية الحصول على قروض مصرفية بشروط أيسر، وهو ما حدث مع وزير قطاع الأعمال العام الأسبق مختار خطاب وإبراهيم فوزي وزير الصناعة بعهد مبارك بتوليه عدة شركات للمصريين بالخارج.

وأحمد جويلي وزير التجارة والتموين الأسبق برئاسته لشركة المملكة للاستثمار الزراعي بتوشكي، وأحمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق برئاسته لهيئة تنمية محور قناة السويس لفترة، ورئاسة أسامة صالح وزير الاستثمار الأسبق لعدة شركات، منها مدينة دمياط للأثاث، ووزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد رئيسة لإحدى الشركات الإعلامية التابعة لجهة سيادية، وأشرف سالمان وزير الاستثمار الأسبق رئيسا لعدة شركات، كان آخرها المتحدة للخدمات الإعلامية التابعة للجهات السيادية.

مناصب شرفية للأقل حظوة

تمثلت في الوزير خالد بدوي وزير قطاع الأعمال العام الأسبق برئاسة شركة للسكر وعضويته لمجلس إدارة شركة إعمار مصر الإماراتية، وأسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق برئاسة شركة الإنتاج الإعلامي، مثلما حدث مع وزير الإعلام الأسبق اللواء أحمد أنيس الذي تولى رئاسة الشركة بعد خروجه، ثم انتقل منها لرئاسة الشركة المصرية للأقمار الصناعية نايل سات.

أيضا وزير التنمية المحلية الأسبق أحمد زكي عابدين برئاسة شركة العاصمة الإدارية، ووزير الاتصالات الأسبق ماجد عثمان برئاسة الشركة المصرية للاتصالات التي تملك الحكومة 80% من أسهمها.

كما عاد وزراء آخرون لشركاتهم الخاصة بعد تركهم الوزارة، مثل رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق بعد عودته للبلاد، الذي حققت الصادرات المصرية في عهده طفرة بعد إبرامه عددا من اتفاقيات التجارة الحرة، وأحمد المغربي وزير السياحة والإسكان الأسبق، وزهير جرانة وزير السياحة الأسبق بعد خروجه من السجن، وتولى سامح فهمي وزير البترول الأسبق رئاسة إحدى الجهات العاملة بمجال التدريب للعاملين بقطاع النفط.

حظي وزراء آخرون بمناصب شرفية كحسب الله الكفراوي وزير الإسكان والتعمير بتلقده منصب نقيب المهندسين، وعلي جمال الناظر وزير السياحة الأسبق برئاسته لجمعية رجال الأعمال، وهاني ضاحي وزير النقل الأسبق نقيبا للمهندسين ورئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان لوزيرة الأسرة والسكان السابقة مشيرة خطاب، ورئاسة جهاز الصناعات الصغيرة لنيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة.

منصب المدير التنفيذي لمؤسسة بيت الزكاة والصدقات المصري ذهب لسحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي السابقة التي كان لها دور بارز في الحصول على قروض من البنك الدولي التي كانت تعمل به قبل تقلدها الوزارة ومنح عضوية المجلس القومي للمرأة لوزيرة التأمينات السابقة نجوى خليل وكذلك لوزيرة البحث العلمي السابقة نادية زخارى.

السجن بعد الوزارة مصير الكثيرين

قُبلت استقالة بعض الوزراء لتقلدهم مناصب خارجية مثلما تم مع وزير الاستثمار في أواخر عهد مبارك محمود محيي الدين في سبتمبر/ أيلول عام 2010 للعمل بالبنك الدولي، ومع غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 لتولي منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وتولى خالد حنفي وزير التموين الأسبق منصب الأمين العام للاتحاد العربي للغرف التجارية والصناعية والزراعية.

كما تم تعيين اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق مستشارا لرئيس الوزراء بدرجة نائب رئيس وزراء، وتعيين اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية السابق مستشارا لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب، وتعيين الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع السابق مساعدا لرئيس الجمهورية لشؤون الدفاع.

كان السجن مصير وزراء سابقين مثلما حدث مع عدد من الوزراء بعهد الرئيس مبارك، منهم زهير جرانة وزير السياحة ومحمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان وصفوت الشريف وزير الإعلام وحبيب العادلي وزير الداخلية، وسامح فهمي وزير البترول ورئيس الوزراء أحمد نظيف، وملاحقة آخرين كانوا خارج البلاد لسنوات مثل رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالى.

سبق ذلك الحكم على وزير المالية محيي الغريب بالسجن 10 سنوات بقضية تتعلق بالجمارك تم تبرئته منها بعد ذلك، وبالعهد الحالي تم الحكم على وزير الزراعة السابق صلاح هلال بقضية رشوة بالسجن المشدد 10 سنوات.

شهد أعضاء وزارة هشام قنديل سجن عدد من الوزراء الذين ما زالوا بالسجن حتى الآن، وهم باسم عودة وزير التموين الأسبق وحاتم عبد اللطيف وزير النقل، وخالد الأزهري وزير القوى العاملة، وأسامة ياسين وزير الدولة للشباب، ومحمد علي بشر وزير التنمية المحلية.

دخل وزير العدل أحمد سليمان السجن لفترة، في حين فر آخرون لخارج البلاد، وهم عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي، وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام، ويحيي حامد وزير الاستثمار، ومحمد محسوب وزير المجالس النيابية.

العودة للمنصب نفسه بعد عدة سنوات

يظل كثير من الوزراء السابقين قابعين في بيوتهم مبتعدين عن التعامل مع وسائل الإعلام إيثارا للسلامة، مثل وزير العدل الأسبق المقال أحمد الزند، وعلى العكس من ذلك تفرغ وزير البترول الأسبق أسامة كمال للظهور بوسائل الإعلام في حين تم منع مقالات أحمد جلال وزير المالية الأسبق.

بعد أن كان السائد بعهد مبارك هو مشاركة الوزراء السابقين، خاصة المتخصصين بالنواحي الاقتصادية بالندوات التي تعقدها الجهات البحثية واللجان البرلمانية للإسهام بتقديم الحلول للمشكلات الاقتصادية مثلما كان يفعل سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق ووزيرا التخطيط عثمان محمد عثمان وأحمد الدرش، ووزير التموين جودة عبد الخالق، ورئيسا الوزراء علي لطفي وعبد العزيز حجازي.

إذا كان يدور حديث عن التشاور مع وزراء سابقين لتقلدهم مناصب أو للاستفادة من خبرتهم مثل يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق ومحمود محيي الدين وزير الاستثمار الأسبق، فقد سبق عودة العديد من الوزراء لمناصب وزارية بعد تركهم الوزارة بسنوات، مثلما حدث مع إبراهيم الدميري وزير النقل الذي أقيل عقب حريق قطار الصعيد في فبراير/ شباط 2002 ثم عودته للوزارة بوزارة الببلاوي في يوليو/ تموز 2013.

أيضا جلال سعيد وزير النقل بوزارة الجنزوري الثانية حتى أغسطس/ آب 2012 الذي عاد لمنصبه بوزارة شريف إسماعيل في مارس/ آذار 2016، وأسامة صالح وزير الاستثمار الذي فقد منصبه بمايو/ أيار 2013، وعاد للمنصب نفسه في يوليو/ تموز من العام ذاته ومعه أشرف العربي وزير التخطيط، حيث خرجا معا من وزارة هشام قنديل وعادا معا في وزارة الببلاوي.

بل إن حازم الببلاوي الذي فقد منصبه وزيرا للمالية في ديسمبر/ كانون الأول 2011 عاد رئيسا للوزراء في يوليو/ تموز 2013 بعد تولي الجيش السلطة، وأحمد زكي بدر الذي ترك منصب وزير التعليم في يناير/ كانون الثاني 2011، عاد وزيرا للتنمية المحلية في سبتمبر/ أيلول 2015، وعلي المصيلحي الذي فقد منصبه وزيرا للتضامن الاجتماعي ومسؤولا عن التموين في فبراير/ شباط 2011، عاد وزيرا للتموين في فبراير/ شباط 2017 في وزارة شريف إسماعيل.

أيضا أسامة هيكل الذي ترك منصب وزير الإعلام في ديسمبر/ كانون الأول 2011 عاد لمنصبه في ديسمبر/ كانون الأول 2019، بل إن كمال الجنزوري الذي انتهت فترة رئاسته للوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول 1991، عاد رئيسا للوزراء في ديسمبر/ كانون الأول 2001، أي بعد 10 سنوات من وزارته الأولى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.