إيلون ماسك.. والعواقب الوخيمة لمجازر قطاع غزّة على الكيان الصهيونيّ

إيلون ماسك وشعار منصته (الأناضول)

لم يذهب الملياردير الأميركيّ مالك منصّة أكس (تويتر سابقًا) إيلون ماسك، بعيدًا عن الواقع والمنطق وطبائع الأمور، في تصريحاتِه التي بدت موضوعيةً، تعليقًا على المجازر والمحارق البشعة التي يرتكبها جيشُ الاحتلال الصهيونيّ ضدَّ المدنيين العُزّل بقطاع غزّة. هذه المجازر؛ الدائرة منذ يوم 11 أكتوبر، والتي لم يَسلم منها حتّى المشافي والمساجد، وأسفرت عن سقوط أكثر من 11 ألفَ شهيد- بينهم نحو ثمانية آلاف طفل وامرأة- وما يقرب من 30 ألفَ جريح.

ففي مقابلة لـ "إيلون ماسك" مع المذيع المعروف المقيم بالولايات المتحدة الأميركية ليكس فريدمان (مُقدّم حلقات بودكاست)، حذَّر بشدّة من العواقب الوخيمة لجرائم الإبادة الجماعيّة التي يمارسُها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطينيّ في غزّة، مخاطبًا دولة الاحتلال: "إذا كنت ترتكب إبادة جماعيّة ضد شعب كامل، فإنك ستترك خلفك كثيرًا من الأشخاص الأحياء الذين سيكونون بالتبعيّة كارهين لإسرائيل". استطرد مالك "إكس": " كيف تقتل كل فرد من حماس؟.. إنك ستخلق أعضاءً جُددًا لحماس، بأكثر مما قتلت، ولهذا، لن تنجح.. وإذا قتلت طفلًا لأحدهم، فقد صنعت أعضاء لحماس على استعداد لأن يموتوا فقط لقتل إسرائيلي". "ماسك"، نصح الكيان، بالتركيز على الإمدادات الإنسانيّة؛ لأنّ هذا الردّ العدوانيّ مَكّن حماس من حشد المسلمين في العالم كلّه، لنصرة فلسطين وغزّة.

غوتيريش وهجوم حماس الذي لم يأتِ من فراغ.. ونصائح ماسك

لم يبتعدْ عن هذا المعنى، "الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش"، في تعليقه المبكّر والصادم للكيان الصهيوني على هذه الإبادة، بقوله: "إنّ هجوم حماس لم يأتِ من فراغ"، رافضًا هذه المجازرَ بحقّ المدنيين. كأنّ "المسؤول الأممي الأوّل غوتيريش"، بهذه الكلمات القليلة يدعو الاحتلال، إلى التوقّف عن المضي في بَغيه وجبروته وعدوانه، والتريث، لقراءة عملية "طوفان الأقصى"، جيدًا، واستخلاص الدروس والعِبر منها، إذ إنّ الكيان يصنع دُوَّامة لا تنتهي من العنف. كلمات غوتيريش، أصابت قادةَ الكيان بالجنون والهذيان، إلى حدّ أنهم طالبوه بالاستقالة، وقرّروا عدم التعاون مع موظّفي المنظّمة الأممية. عودةً إلى "ماسك"، وهو ليس بالضرورة متعاطفًا مع الشعب الفلسطيني- وقضيته- فالرجل يتحدّث بعقلانية، من موقع المُحب، والناصح المُخلص لـ "الكيان الغاصب"، فهو يرى أنّه يصنع لنفسه أجيالًا أكثر عداءً وعنفًا، في قابل الأيام والسنين.. بما مفاده أنّ دولة الاحتلال لن تنعم بالسلام والأمن مهما عظُمت قوتها، ومهما ارتكبت من جرائم وإبادة للشعب الفلسطيني. الملياردير الأميركي دعا الكيان- ناصحًا إيّاه- للتحلّي بالهدوء واللين، والتخلّي عن مبدأ العين بالعين والسنّ بالسنّ؛ لأنّه يفاقم الأوضاع ويحيلها أكثر سوءًا، وذلك تفويتًا للفرصة على حماس لحشد المسلمين في أرجاء الكون ضدّه، ولصالح القضية الفلسطينيّة.

 أطفال وشباب شابوا وشاخوا قبل الأوان.. وردّ الفعل القادم حتمًا

الاحتلالُ الصهيونيّ، وعلى مدار 75 عامًا، منذ النكبة الأولى عام 1948، لم يتوقّفْ عن ممارساتِه القمعيّة واللاإنسانية من قتل عمدي، وظلم وتشريد وتهجير وحصار وتجويع وسحْل واعتقال وتعذيب وإهانة وإذلال للفلسطينيين، أصحاب الحقّ الأصلي في أراضيهم المُحتلة. إذا كانت ممارسات الاحتلال على هذا النحو المتغطرس والمتوحش، فأي منطق يقول إنّ للمُحتل الغاصب أن يتمادى في عدوانه وظلمه وإرهابه دون أن يكون للضحية أيّ ردّ فعل؟. إنّ أبحاث ودراسات علوم التربية، والنفس، والاجتماع، تقطع بأنّ كل ما يقع على "الفرد" من ممارسات قمعية حتى ولو داخل الأسرة، في سِنِي الطفولة، يُختزن، ويتم كبْته في أعماق النفس؛ كونه لا يملك دفعًا للأذى عن نفسه؛ بمعنى أن "ردّ الفعل" قادمٌ، حتمًا، وقد يكون أعنفَ.. لكنه مؤجّل إلى حين. هذا عن "الطفل البريء" الذي ربما يعيش في بحبوحة من العيش، بينما، معاناته تتمثل في إساءة أحد والديه- أو كليهما- طريقةَ وأسلوب تهذيبه، باستعمال القسوة والعنف في تربيته، أو أنه عايشَ سلوكًا عنيفًا بين والدَيه. لنا أن نتخيل "شبابًا وأطفالًا"، شابوا وشاخوا قبل الأوان، وهم يكتوون بنار جرائم الاحتلال اليومية بحقّهم وحقّ ذويهم في الضفة الغربية، والقدس، وغزّة، وكافة الأراضي المحتلة.. هل سيكون هؤلاء أسوياء مسالمين، ويتركون الصهاينة في حالهم أم ينتقمون منهم؟.

الناجون الذين أفلتوا من المحارق.. والمقاومة شديدة الصلابة

إذا كانت هذه الجرائم على شاكلة الإبادة بالطّيران وأطنان القنابل الحارقة التي تسقط عليهم من السماء في قطاع غزّة، فتدكّ البنايات على ساكنيها وربما تحرقهم، ولا يجد المصابون منهم العون والإغاثة والإسعاف والرعاية الطبية، لجراحهم. بل إنّ الناجين منهم، يفتقدون المسكن والمأكل والمشرب والسلامة والأمان، بعد فقدان الكثيرين من عوائلهم، وكل شيء.. فماذا تتوقع من هؤلاء الناجين الذين أفلتوا من هذه المحارق والمجازر؟. المنطقي والطبيعي، أن يكون رد فعل هؤلاء الضحايا، هو بالضبط ما حذّر منه مالك منصة "إكس" إيلون ماسك، من خلق أعضاء جُدد وأنصار لحماس، يذهب الفرد منهم للموت لمجرد قتل صهيونيّ أو إسرائيلي بتعبير ماسك. كما لا غرابة، أن يكون "طوفان الأقصى"، رد فعل للجرائم اليومية بحقّ الفلسطينيين، فالطوفان وبشهادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وتوصيفه، "لم يأتِ من فراغ". ولعلَّ المقاومةَ- شديدة البأس والصلابة، المؤلمة لجيش الاحتلال، والتي تقتل جنوده، وتدمّر آلياته ودبّاباته التي توغّلت في قطاع غزة لمئات الأمتار- خيرُ شاهد على ما يجنيه الاحتلال على نفسه.

إنَّ استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزَّة والأراضي الفلسطينية المُحتلة، يؤسّس للمزيد مما هو أعنف وأقسى من عملية "طوفان الأقصى"، التي يبدو أنها كتبت أوَّل حروف النهاية لهذا الكيان العنصري، الذاهب إلى زوال، طال الوقت أم قصر.. شأن غيره من النظم العنصرية (جنوب أفريقيا مثالًا).

المجد للمقاومة.

 

 

 

 

 

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان