قانون الأجانب والحماية الدولية.. قواعد تصريح الإقامة الجديدة في تركيا

المصدر القانوني الرئيسي الذي ينظم الهجرة هو قانون الأجانب والحماية الدولية رقم 6458 والذي دخل حيز التنفيذ عام 2013 (مواقع التواصل)

في السنوات العشر الماضية، وبعد اندلاع سلسلة من الثورات والانتفاضات الشعبية في العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ بداية عام 2010، فيما يسمى "الربيع العربي" أصبحت تركيا أكبر وجهة للهجرة العربية في تاريخها، وصارت المكان الأشهر للاستقرار بالنسبة لملايين المواطنين من البلدان العربية.

الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها تركيا منذ 2018 تقدم فرصا استثمارية مربحة، لا سيما في قطاع العقارات بالنسبة للمستثمرين العرب، وهي فرص تجتذب المزيد من العرب الذين يمكنهم الحصول على الجنسية أو تصريح الإقامة عن طريق القيام باستثمارات معينة

هناك الكثير من الأسباب الرئيسية التي جعلت تركيا وجهة عربية مفضلة للكثيرين، بعضها بسبب ما يحدث في المنطقة العربية وبعضها متعلق بتركيا في حد ذاتها. فبسبب تنامي الخوف من الملاحقة القضائية أو التعرض لظروف الحياة المتدهورة في المنطقة العربية بعد الثورات، فر الكثير من الناس من بلدانهم إلى تركيا القريبة جغرافيا، فنظر إليها الكثيرون في تلك اللحظة على أنها ملاذهم الآمن.

أما في تركيا فإن التغييرات الأساسية في سياستها الشرق أوسطية بعد تولي حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة عام 2002، وربطه للبلد بشكل وثيق مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هذا أيضاً جعلها وجهة أكثر جاذبية للعرب، إضافة إلى أنها الدولة الوحيدة في المنطقة المرشحة رسميا لعضوية الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يُنظر إليها على أنها بوابة لأوروبا "المزدهرة".

علاوة على ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها تركيا منذ 2018 تقدم فرصا استثمارية مربحة، لا سيما في قطاع العقارات بالنسبة للمستثمرين العرب، وهي فرص تجتذب المزيد من العرب الذين يمكنهم الحصول على الجنسية أو تصريح الإقامة عن طريق القيام باستثمارات معينة، خاصة أن صناع القرار الأتراك -الذين يدركون هذه العوامل- مهدوا الطريق لانتقال مزيد من العرب كليا أو جزئيا إلى تركيا، بعد القيام بتكييف قوانين بلدهم مع هذا الواقع الجديد، وتعديل قوانين الجنسية والهجرة وتحديثها بشكل شامل في السنوات الماضية.

هذا المقال لتوضيح العديد من النقاط المتعلقة بتصاريح الإقامة، وذلك لتلبية حاجة المستثمرين، منبها إلى أن قواعد تصريح الإقامة ديناميكية للغاية وتتغير باستمرار، مما يخلق العديد من الصعوبات، خاصة في زمن كوفيد-19.

إجراءات التقديم

المصدر القانوني الرئيسي الذي ينظم القضايا المتعلقة بالهجرة هو قانون الأجانب والحماية الدولية رقم 6458 والذي دخل حيز التنفيذ في 2013/4/11. وقد تم تعديله حتى الآن 11 مرة، كان آخرها بتاريخ 2019/12/24، وهو قانون شامل تمامًا لأنه ينظم جميع الموضوعات المتعلقة بإقامة الأجنبي في تركيا بدءًا من إجراءات التأشيرة إلى تصاريح الإقامة وإجراءات الحماية الدولية.

وسأوضح في هذه المقالة القواعد المتعلقة بعملية التقديم فقط، وأبدأ ذلك بتوضيح أنه من الواجب على الأجانب -الذين يدخلون تركيا بتأشيرة صالحة أو بالاعتماد على الإعفاء من التأشيرة- التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة للبقاء بشكل قانوني في تركيا إذا كانوا ينوون الإقامة أكثر من 90 يوما.

بالنسبة لهم يجب تقديم طلبات الحصول على تصريح الإقامة إلى المديرية العامة لإدارة الهجرة، في حين تقدم خارج تركيا إلى السفارات أو القنصليات، وفي تلك الحالة يجب على الأجانب دخول البلاد في الأشهر الستة الموالية للحصول على تصريح الإقامة وإلا يصبح غير صالح. وفي كلتا الحالتين، يتم تقديم الطلب الأولي من خلال النظام عبر الإنترنت، وينتظر المتقدمون تحديد موعد من المؤسسات ذات الصلة لتقديم المستندات واستكمال الطلب، إلا أن هناك خطة لخصخصة نظام تصاريح الإقامة وإسناد هذه المهمة لشركات خاصة، كما حدث مع إجراءات التأشيرة.

الأجانب الخاضعون للحماية الدولية قانونا، مثل وضع اللاجئ أو الحماية المؤقتة، لا يُطلب منهم الحصول على تصريح إقامة للبقاء بشكل قانوني في تركيا، ومثلهم في ذلك من يحملون تصريح عمل، إلا أن الجميع يجب أن يحملوا جواز سفر أو وثيقة سفر صالحة لمدة 60 يوما على الأقل بعد مدة تصريح الإقامة المطلوب.

وإذا قدم الأجانب سببا مشروعا أجبرهم على تفويت فرصة تقديم الطلب في الوقت المحدد قبل تاريخ انتهاء التأشيرة، فقد يتم إعفاؤهم من قبل المديرية العامة لإدارة الهجرة وقبول طلباتهم بغض النظر عن الحدود الزمنية التي تفرضها القوانين، إلا أنه عمليا من الصعب للغاية اللجوء إلى العذر المشروع هذا.

أما بالنسبة لمن اختار تقديم الطلب من خلال المديرية العامة لإدارة الهجرة، فمن الضروري أن يكون حاضرا في تركيا عند تقديم مستنداته إلى السلطات، مع أن تقديم الطلب الأولي وحجز الموعد يمكن أن يقوم به الممثلون القانونيون، والاستثناء الوحيد من شرط الوجود في تركيا هو تصريح الإقامة الخاص للمستثمرين الأجانب المؤهلين.

ولابد من التوضيح أن جميع القواعد المذكورة أعلاه تنطبق على طلبات التجديد، التي يمكن تقديمها بدءا من 60 يومًا قبل تاريخ انتهاء صلاحية تصاريح الإقامة الحالية وحتى تاريخ انتهاء الصلاحية كحد أقصى، مع احتمال قبول طلبات التجديد المقدمة في الأيام العشرة الأولى من تاريخ انتهاء الصلاحية.

وبمجرد تقديم طلبات الحصول على تصريح الإقامة، وخلال 90 يوما التي قد تستغرقها السلطات كحد أقصى لإنهاء طلبات تصريح الإقامة، تعطى للمتقدمين وثيقة طلب تسمح لهم بالبقاء في تركيا، ولا يتأثر حقهم في الإقامة في هذه الفترة بحقيقة انتهاء صلاحية تأشيراتهم.

ومع أنه يجب إخطار المتقدمين بالمعلومات والوثائق المفقودة أو التكميلية المطلوبة أثناء تقديم الطلب، ومع أن إزالة طلباتهم ستتم إذا تعذر عليهم تقديم المطلوب إلى السلطات في غضون 30 يوما من تاريخ الإخطار، فإن السلطات للأسف قد لا تقوم بإخطار المتقدمين على النحو الواجب، ومن ثم يمكن أن يجدوا أنفسهم في مواقف صعبة، ولذلك يوصى بالحصول على دعم احترافي لطلبات تصاريح الإقامة ومتابعته بمساعدة مستشارين قانونيين محترفين.

قضايا متنوعة

الأطفال حديثو الولادة:

عندما يولد أطفال للأجانب في تركيا، يتم إعداد وتقديم شهادة ميلاد من قبل السلطات التركية، وهذه الوثيقة تمنحهم الحق في الإقامة بشكل قانوني بناءً على مدة تصريح الإقامة السارية لوالديهم، إلا أنها توفر لهم أي حق أصيل للدخول إلى تركيا أو الخروج منها، وبالتالي على والديهم التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة لهم في غضون 180 يوما كحد أقصى بعد الولادة، لتمكينهم من السفر من وإلى تركيا.

أخيراً، أظن أنه على الحكومة في تركيا أن تنص على إجراءات أكثر ملاءمة بشكل استثنائي للمتقدمين ذوي الإعاقة والمصابين بأمراض خطيرة، وأيضاً في حالة التحول إلى تصريح إقامة آخر: فإذا ظهر أي سبب، فلحامل التصريح الحق في التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة جديد على أساس سبب ما دون انتظار تاريخ انتهاء صلاحية تصاريح الإقامة الحالية إذا كان يعتبر ذلك أكثر فائدة.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.