قطر تحرز المزيد من الأهداف في كأس العالم

ميسي يحمل كأس العالم إلى جوار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الفيفا جياني إنفانتينو (الجزيرة)

شكّل يوم 18 ديسمبر/كانون الثاني هذا العام حدثا استثنائيا للشعب القطري، الذي احتفل فيه بيومه الوطني بالتزامن مع اكتمال التنظيم الناجح لبطولة كأس العالم فيفا قطر 2022.

بينما اجتمع القطريون صباحا للاحتفال بذكرى استقلال بلادهم، حبست الملايين حول العالم أنفاسها وأنظارها معلقة باستاد لوسيل المونديالي في المساء لمتابعة من يفوز بالكأس الذهبية، وكيف سيسدل الستار على مشهد نهاية الاحتفال بأروع تنظيم لكأس العالم كما شهد به الجميع، نهايةً بالصيحات العالية التي انطلقت في سماء قطر والعالم احتفالاً بفوز منتخب الأرجنتين.

لقد سجلت قطر أهدافا سياسية ودبلوماسية وثقافية في هذه البطولة، وعززت مكانتها الدولية كعاصمة للرياضة في الشرق الأوسط، مما أهلها لاستضافة بطولات قارية أخرى مثل كأس آسيا 2023، والعديد من الأحداث الرياضية الدولية المنتظرة خلال السنوات القادمة.

وعلى الرغم من الاستهداف المباشر لقطر قبل وأثناء البطولة عبر حملات إعلامية، فضلت القيادة القطرية القديرة والحكيمة أن يكون الرد على المشككين في الميدان، وحضر الملايين من الزوار والمشجعين إلى قطر لمتابعة كأس العالم.

نعم، لقد نجحت قطر في استحقاق تنظيم المونديال، ودافعت عن هويتها العربية وقيمها الإسلامية السمحة، فاكتسبت احترام العالم، ومثّلت نقطة التقاء وتقارب بين الشعوب، فهنيئا لقطر التي صنعت التاريخ وسحرت العالم واستحقت عن جدارة حمل هذه الأمانة

كما جرت المباريات في أجواء من الأمن والأمان الذي تحظى به هذه البلاد، ولم تسجل أية حادثة كبرى تخل بالأمن العام، واطمأن السياح على أمنهم الشخصي، ولمسوا عن قرب طيبة شعب قطر وكرمه المعطاء، وحين يعودون إلى بلادهم سيحكون كيف فتح القطريون القلوب لزوارهم قبل الأبواب.

إن خلف هذا النجاح دونما شك عزم مضاء وإرادة فولاذية عملت تحت أصعب الظروف السياسية والاقتصادية التي اجتاحت المنطقة والعالم. ورغم إغلاقات وباء كورونا التي فرضت خفضا في وتيرة العمل، فإن منشآت كأس العالم والبنية التحتية في قطر كانت جاهزة قبل الموعد.

كما نجحت قطر أيضا في التمسك بهويتها وقيم مجتمعها دونما تضييق على الحريات الخاصة بالأفراد، وبمرور الوقت خفتت أصداء الحملات الإعلامية حين لمس الحضور ووسائل الإعلام رحابة صدر الدولة والمواطنين والمقيمين، فالتزم الجميع احترام تقاليد البلد الذي يزورونه، وتعرفوا على ثقافة العرب والمسلمين عن قرب، وكانت قطر خير سفير لذلك.

إنها المرة الأولى التي ينظم فيها الحدث الرياضي العالمي في الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي طالما تم اختزالها في صورة نمطية تحصرها في إطار من الحروب والنزاعات التي لا تهدأ، أو تختزل ثقافتها وحضارتها في أنماط الاستهلاك وعدم الإنتاجية والافتقار إلى النجاح.

لقد مسحت قطر كل هذه الأوهام، وبلغة الأرقام تقول الفيفا إن مونديال قطر حظي بحضور ومشاهدات غير مسبوقة، فقد بلغ عدد الحضور في مباريات دور المجموعات لمونديال قطر مليونين و450 ألف مشجع، بمعدل إشغال يصل إلى 96% من سعة الملاعب، متجاوزا رقم الجمهور في مونديال 2018 بروسيا الذي وصل إلى مليونين و170 ألف مشجع، مما جعل الفيفا تعتبر أن النسخة 22 في قطر حققت نجاحا جماهيريا باهرا.

صحيح أن كرة القدم تُعدّ الرياضة الأكثر شعبية في العالم، ويشاهدها مليارات المشجعين في مختلف القارات، لكن بالنسبة إلى قطر، لا تقتصر كرة القدم على عكس صورة إيجابية للعالم، أو تنشيط القطاع السياحي، أو تنويع الاقتصاد.

إنها رسالة بأن هذا الشرق الذي لا تغيب عنه الشمس، قادر على التنظيم والإدارة، وأن الأحداث الكبرى يجب ألا تظل محصورة في يد الدول الكبرى، فعلى هذه الأرض من يستحق النجاح.

حين بدأ صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مشوار المونديال بفوز قطر بشرف تنظيم البطولة عام 2010، بدأ العمل لتحقيق حلم اعتقد البعض أنه بعيد المنال. وحين دقت ساعة العمل، وبالإصرار والمواظبة، تحقق هذا الإنجاز على يد صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله.

وقف سمو الأمير يرحّب بالعالم في دوحة الجميع، واكتست شوارع البلاد ومعالمها بكل ألوان الحياة والثقافات العالمية، والهدف الأسمى الذي أهدته قطر لمنطقتها هو أنها مهدت الطريق أمام الدول العربية والإسلامية لتنظيم أحداث كبرى مثل كأس العالم.

نحن مبتهجون بمشاركتنا الأشقاء القطريين لحظات السعادة الغامرة في ختام هذه البطولة الرائعة، كما نشكرهم على ضيافتهم العامرة خلال فترة عمل قوات الأمن التركية ضمن قوة تأمين بطولة كأس العالم، إذ شارك حوالي 3 آلاف عنصر تركي إلى جوار أشقائهم في قوات الأمن القطرية، وكانت فرصة عظيمة للطرفين لتبادل الخبرات في تأمين الفعاليات الكبرى.

كما أننا فخورون بمشاركة الشركات التركية في العديد من مشاريع كأس العالم، مثل بناء استاد "الثمامة"، بالإضافة إلى وجود بصمات أخرى في إنشاءات باقي ملاعب المونديال، والبنية التحتية التي واكبت تحضيرات البطولة، فضلا عن تنظيم الأنشطة الثقافية والتراثية وتوفير المواصلات وقطاع الضيافة والمطاعم​​​​​​​ ومجالات الإعلام والإعلانات والفندقة والدعم اللوجستي.

نعم، لقد نجحت قطر في استحقاق تنظيم المونديال، ودافعت عن هويتها العربية وقيمها الإسلامية السمحة، فاكتسبت احترام العالم، ومثلت نقطة التقاء وتقارب بين الشعوب، فهنيئا لقطر التي صنعت التاريخ وسحرت العالم واستحقت عن جدارة حمل هذه الأمانة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان